طنجرة ولاقت غطاها

بقلم: 

في الوقت الذي لا تزال فيه حركة الإخوان المسلمين ، وحزبها العمل الإسلامي ، تجد ملاذاً أو قاعدة أو سنداً لها من البسطاء من أبناء شعبنا على مختلف مواقعهم ومكوناتهم الجغرافية والاجتماعية في المدن والريف والبادية والمخيمات وتحرص على الاعتماد عليهم وتجنيدهم حزبياً وجماهيرياً ، وتشدهم شعاراتها الدينية الفضفاضة ، نجد أن شعاراتهم وبرامجهم لا تستحق التوقف لدى قيادات سياسية مجربة ولها باع طويل وقديم في الانتساب السابق معهم ، وكانت حزبية بين صفوفهم من عبد المجيد ذنيبات إلى عبد الرحيم العكور إلى بسام العموش إلى رحيّل الغرايبة ، خبروهم وكشفوا دواخلهم ، ولم تعد تُرهب هؤلاء وغيرهم من أمثالهم إتهامات حركة الإخوان المسلمين لهم .
البسطاء يتقوا الله ويخشونه ، بينما القيادات السياسية المجربة تخشى الله ولا تخشاهم ، لأنهم بكل بساطة حزب سياسي ، يستعمل الدين ويوظفه لصالح نفوذهم الحزبي وتعزيزه ، والدلالة على ذلك ، أن كافة الذين تركوا وإستقالوا أو إنشقوا ، لا أحد منهم يتهمهم أنهم خرجوا عن الدين أو تركوا الصلاة أو مرتدين عن الشريعة ، بل هو صراع سياسي حزبي ليس له علاقة بالدين والتدين ، بل مجرد طموح حزبي سياسي قد يكون مشروعاً وقد لا يكون ، وقد تكون وسائله مشروعة وقد لا تكون ، مثلهم في ذلك مثل خلافات اليساريين وصراعات القوميين ، وتنافس الليبراليين ، وإن كان خلافات وصراعات وتنافس أحزاب التيار الإسلامي أشد قسوة ودموية من الاخرين ، وها هو الصراع بين تنظيمي داعش والقاعدة في مواجهة أحزاب ولاية الفقيه ، وضد حركة الإخوان المسلمين لا مجال فيه للود أو التسامح أو الوصول إلى قواسم مشتركة ، فكل منهم يدعي أنه الحق والاخر هو الباطل ، ويستعملون إسم الله عز وجل في صراعاتهم الحزبية البينية بلا رحمة ، عبر الادعاء الكاذب لكل فريق منهم أنه صاحب الولاية ، وصاحب الخلافة ، وغيره سلوك من رجس الشيطان الرجيم .
ولهذا لم نجد قاسماً مشتركاً بين أجنحة الإخوان المسلمين كي يتحالفوا مع بعضهم البعض ، ضمن قوائم مشتركة ، بل ذهب التيار الاقوى المتنفذ الذي يقوده الثنائي همام سعيد وزكي بني إرشيد نحو التحالف مع شخصيات فردية لها طموحات ذاتية تبرأت من ماضيها اليساري والقومي والليبرالي فتحالفوا مع الإخوان المسلمين ، كل منهم له مصلحته الانانية الضيقة ، فالشخصيات التي تبرأت من ماضيها اليساري والقومي والليبرالي وخاصة المرشحين على قوائم الكوتا يجدونها فرصة للنجاح عبر تحالفهم غير المبدئي والانتهازي المكشوف مع الإخوان المسلمين ، بينما الإخوان المسلمين يستعملونهم غطاء لتسويق فكرة وخلق إنطباع أنهم التعددية مع والشراكة والتوافق مع أخرين ، وهي بضاعة لا تجد لها مكاناً لدى الواعين الذين إختبروا ماضيهم عبر “ الجبهة الوطنية للإصلاح “ الرباعية التي تشكلت عام 2011 من الإخوان المسلمين وتحالف الاحزاب اليسارية والقومية والنقابات المهنية ومجموعة أحمد عبيدات ، وفشلت بفشل الإخوان المسلمين وبرنامجهم وجموحهم ، على الرغم من حاجتهم الان للتحالف مع أي كان نظراً للهفتهم وتوسلهم في البحث عن غطاء سياسي بديلاً للغطاء القانوني الذي فقدوه ، وأخذه منهم المحامي عبد المجيد ذنيبات بسلاسة وسعة صدر وعبر خطوات تدريجية إستهزؤا بها ، وكانت نتيجتها أنه باتوا على الرصيف بلا بيت وبلا سقف يحميهم بإستثناء حزبهم الشرعي الذي تحول إلى ملاذ وعنوان ومظلة قانونية ، حزب جبهة العمل الإسلامي .
الذين تحالفوا مع الإخوان المسلمين لإسباب ذاتية وأنانية ضيقة سنسمعهم بعد الإنتخابات ، ونرى بعضهم نواباً وغير نواب ، ونرجو أن يواصلوا التحالف مع الإخوان المسلمين لأن الطرفين يفترض أنهم في خندق واحد ، وأحدهما طنجرة ووجدت بالثاني غطاها .