هذا هو الموجود

نتنياهو

افيعاد كلاينبرغ

في قصيدة «صورة الفنان بصفته انسانا قفزت عليه عجوز» يفحص الشاعر الامريكي «اوبدن ناش» على الفرق بين خطا الفعل وخطايا عدم الفعل أو التقصير. فيقول ناش ان الخطايا من النوع الاول تمنحنا اللذة في وقت القطيعة على الاقل والا ما كنا لنخطأ. والمشكلة هي أنه في خطايا عدم الفعل لا يجعلنا الكسل والجبن اللذان يجعلاننا لا نفعل شيئا مما ينبغي علينا فعله، لا يجعلنا نلتذ. نحن لا نفعل حينما لا توجد قوة او لا توجد شجاعة؛ وليست هناك لذة كبيرة. حكومة نتنياهو تخطأ خطايا من النوعين ولكنها تخطأ خطايا عدم الفعل بالاساس.

ان الكسل الفكري والجبن يمكن ان يفضيا الى فائدة احيانا كما تبين في الحرب الاخيرة: فنتنياهو الذي يخيفه الفعل دائما اراد في الاساس ان يخرج من الوضع الذي تورط فيه فحظي بالثناء على اعتداله وعلى نضجه. بيد ان نتنياهو ليس ناضجا ولا معتدلا وهو جبان. فقد اصابه الانجرار المفاجيء الى الفعل بالرعب فسارع الى التخلي عن مبادئه المتحمسة كي يعود الى نمط العمل الذي يحبه وهو دعوة الاخرين القوية الى العمل من الفور وبتصميم. على المراوحة في المكان نفسه بلا فعل ولا قرار ولا تحمل مسؤولية. فقد تحولت تلك المراوحة عند رئيس وزراء اسرائيل الى ايديولوجية والى تقديس الوضع الراهن. فالتغييرات الحادة في العالم حولنا توجب عدم الفعل بحسب ما يرى نتنياهو لان كل فعل مخاطرة. ولا تحسم المخاطرة. أي انها تحسم لكن لا بالنسبة لنتنياهو. وعنده في الحقيقة خطط عمل للعالم كله، لكنه هو نفسه يفضل أن ينتظر ان يرى ماذا سيحدث؛ بتصميم.

وتعرف اسرائيل بقيادته ان تشير فقط الى اسباب عدم اقتراح اية خطة سياسية وعدم اقتراح أي استراتيجية لانه توجد اخطار ولا تحسن المخاطر – بالنسبة لنتنياهو على الاقل.

ان الزمان يعمل في مصلحتنا، بطرق خفية. وهو الحليف الرئيس وقد يكون الوحيد لاسرائيل بقيادة نتنياهو. ولكن مشكلة الزمان انه لا يعمل لمصلحة نتنياهو. وهو لا يعمل لاجل أي احد. ان الزمان يعيد تنظيم الشرق الاوسط. وهو ينشيء اخطارا جديدة واحتمالات جديدة. لكن نتنياهو غير متحرق، وربما تؤتي خطة سياسية ثمارها لكنها ربما لا تنجح ايضا. الشيء المؤكد انها ستغضب مجلس «يشع» ويفضل إذن ان توزن الامور بتفكير عميق.

يمكن في خلال ذلك الاعلان بالتزام فكرة الدولتين للشعبين. غير اليهود يحبون هذه السخافات. لكن حتى هذا القول الفارغ ارهق نتنياهو. فيجب الانتظار الان والى متى؟ الى ان يصبح غير ذي صلة للواقع احيانا. وحينها سنهز اكتافنا متنفسين الصعداء ونقول سكب الحليب فلماذا تبكون؟ واجهوا الواقع. صحيح أن هذا الواقع كان يمكن منعه وصحيح أنكم حاولتم التحذير والتغيير لكن ذلك كان في الماضي. فدعوا ذلك للمؤرخين.

ان عدم الفعل هو قوة من جهة سياسية لان كل فعل يثير ردودا وتكون قوية احيانا. وحينما لا نفعل شيئا يدخل الجهاز في حال سنة، ويصعب الاعتراض على الوضع الراهن. والوضع الراهن هو الموجود من (جهة لغوية). لماذا يمكن أن نفعل لمواجهة ما هو موجود؟ يمكن الاعتراض على افعال سياسية وعسكرية. وسائل الاعلام تتحدث عنه. الخبراء يبدون اراءهم. ويرد الطرف الاخر. اما عدم الفعل فهو الحياة اليومية ببساطة وهو الواقع وهو سنة الحياة.

في كل يوم يمر تضيع فرصة اخرى. وفي كل يوم يمر بلا فعل يضيق مجال فعل اسرائيل، وفي كل يوم يمر تثبت حقائق اخرى على الارض، او في المناطق اذا اردنا الدقة. فلا يحتاج الى قرارات عظيمة لاجل ذلك. ما الذي يريدونه في سلام الان من رئيس الوزراء؟ ان كل ما وجد ههنا قرارات مكتبية وحفظ لما هو موجود. فاسهم دونم ارض اخر وعنزة اخرى اسهامهما المتواضع الخفي لجعل اسرائيل دولة فصل عنصري. فماذا نفعل؟ يتبين أنه لا شيء.

 

يديعوت.