على إسرائيل أن تضع خطوطا حمراء للقوى المحيطة بها وأن تركز على المخاطر التي تواجهها

تفجير

العالم مجنون وليس بالامكان المغامرة
بقلم يعقوب عميدرور

الاحداث الاخيرة – في الشمال ضد الجيش الاسرائيلي، وفي سيناء ضد الجيش المصري – ليست مرتبطة ببعضها، ومع ذلك يصح ربطها معا.

الاحداث في الشمال بدأت عندما «زارت» بعثة من كبار قادة حزب الله والحرس الثوري الايراني، هضبة الجولان. التصفية الناجحة المنسوبة لاسرائيل استدعت رد حزب الله في مزارع شبعا، التي انتهت بقتل جنديين اسرائيليين.

الاحداث في سيناء والسويس التي قتل فيها عشرات الجنود والمدنيين المصريين، هي نتيجة هجوم لتنظيم «الدولة الإسلامية». في الشمال عمل الشيعة وفي الجنوب السنة. في الشمال العدو هو اسرائيل وفي الجنوب – النظام المصري.
رغم الفوارق يوجد في هذه الاحداث ما هو مشترك. إننا نشهد نتائج مغامرات الحروب الاقليمية، دول وانظمة، استغلال الوضع الحالي من قبل منظمات متطرفة ودول راديكالية تعمل في مناطق ليس فيها سيادة للدولة، مناطق «رمادية» فيها حارة كل من يده له.

في هذه الفوضى التي تميز المنطقة ليس بوسع اسرائيل «أن تعمل نظاما». إنها تستطيع ويجب عليها تشخيص التهديدات الاكثر صعوبة وتقوم بمعالجتها. هكذا يعمل المصريون: يركزون على ما يهدد النظام في القاهرة، وعلى الاوساط الإرهابية التي سيطرت على أجزاء من شبه جزيرة سيناء، وليس على الحروب الاقليمية البعيدة عن مصر.

إن فصل قطاع غزة عن سيناء من خلال خلق ممر واسع غير مأهول بالسكان واغلاق الانفاق هو جزء من الجهد المصري الواسع. اسرائيل تستفيد من هذه الجهود – لكن المصريين يعملون لهدف مصري واضح، ليس من اجل اسرائيل ضحى الجنود المصريون بحياتهم، ولكن من اجل وطنهم.
ايضا العملية المنسوبة لاسرائيل في هضبة الجولان تحمل نفس الصفات. في نظر ايران وحزب الله اللذين يحاولان استغلال الفراغ السلطوي في المنطقة تبدو العملية وكأنه يوجد خطوط حمراء ومن يجتازها عليه أن يأخذ في الحسبان رد اسرائيل. اسرائيل لا تستطيع (ولا يجب) أن تعمل ترتيبا في سوريا، كما يجب ألا تحدد من سينتصر في الصراع، ولكن يجب عليها أن تشخص المخاطر الاكبر وهي في مهدها ومنع استخدامهم لها. من لا يحدد خطوط حمراء اليوم سيجد نفسه من غير قدرة رد عندما يتجسد الخطر ويصبح حقيقة واقعة. بالضبط من خلال الدينامية السلبية للعالم من حولنا يجب على اسرائيل أن تحدد ما يجب عليها ألا توافق عليه. المصريون تقريبا تأخروا في سيناء. وعلى اسرائيل ألا تصل إلى ذلك في الجولان.

لمسيرة كهذه، تشمل هجوما مانعا وخلق ردع، هناك ثمن ومخاطرة. هذا ما كان في الشمال – لقد رد حزب الله في مزارع شبعا على العملية التي نسبت لاسرائيل في الجولان. كان يتوجب عليه ذلك نظرا للضربة القاسية والعلنية التي اصيب بها على الحدود السورية. ولكن الطريقة التي رد بها في الحدود الشرقية الجنوبية في المنطقة غير المأهولة، على قافلة عسكرية (على فرض أنه علم ذلك) – تشير إلى حذره. لا يريد حزب الله تدهور الاوضاع وقد فعل كل ما في استطاعته لمنع ذلك رغم رده الاجباري.

المباديء الاساسية التي تؤثر على حذر حزب الله بقيت كما هي: التنظيم اليوم يخوض في سوريا حربا ذات أهمية استراتيجية وحتى وجودية بالنسبة له. بدون سوريا الاسد سيصعب على التنظيم التواجد في لبنان، لأنها مركز اتصاله بايران. لأن كل المساعدات الايرانية إلى إلى سوريا ومن هناك إلى البقاع اللبناني.

سوريا هي مصدر موثوق لجزء مهم من قوته ( اذا أردنا الحديث عن صاروخ الكورنيت الذي أطلق على القافلة الاسرائيلية، فيبدو أنه صاروخ تم بيعه من روسيا إلى سوريا ومنها إلى حزب الله). في لبنان ليس لحزب الله شرعية لفرض الحرب على السكان المحليين التي هي نتيجة مغامراته في سوريا. وأخيرا والاكثر أهمية أن المنظمة وقادتها يذكرون أحداث عملية 2006، ولا يريدون أن يشهدوها ثانية.

معنى هذا واضح جدا: المنطقة حولنا تحولت إلى أقل امكانية على توقع ما سيحدث، أكثر عنفا وتتغير بسرعة. على اسرائيل أن تقرر ما هي الخطوط الحمراء الواجب عليها وضعها أمام القوى التي تحيط بها وأن تكون مستعدة لدفع ثمن ذلك عند الحاجة.

اسرائيل اليوم

حرره: 
س.ع