"سلاح مصر الجديد" يهدد حياة المواطنين برفح

سلاح مصر برفح

عزالدين أبو عيشة

(خاص) زمن برس، فلسطين: لم يكد يمضي عام واحد على العدوان الأخير على قطاع غزة، والذي نال سكان المنطقة الحدودية في مدينة رفح، نصيباً كبيراً فيه من الدمار، إضافة لعشرات الشهداء، حتى جاءتهم مصيبة كبيرة جديدة، تتمثل في قيام الجيش المصري بإغراق المنطقة الحدودية بين مصر وقطاع غزة بمياه البحر المتوسط من أجل القضاء على الأنفاق، وهو أسلوب جديد يتبعه الجيش المصري، بعد أن كان سابقاً يواجه الأنفاق بالتفجيرات. 

الجيش المصري أعطى قرارًا لوحدة الهندسة فيه باستخدام مضخات كبيرة  لضخ كميات كبيرة من مياه البحر، لنسف التربة وهبوطها في المنطقة الحدودية المحاذية لرفح، وهو ما سيؤدي لتدمير ما تبقى من أنفاق، وفي ذات الوقت تدمير منازل المواطنين وإلحاق الضرر الكبير بمزارعهم.

تزايد القلق

التقى مراسل زمن برس بعددٍ من سكان مخيم يبنا الحدوديّ غرب مدينة رفح الفلسطينية جلّهم عبّروا عن قلقهم واستيائهم من انهياراتٍ أرضية قد تحدث أسفل منازلهم السّكنية أو الطّرق القريبةِ من الأحياء ما قد يعرض حياتهم للخطر بسبب ضرب أساس البيت.

وقال المواطن إبراهيم بكر وعلامات الغضب تظهر على وجهه: "تعرضت الحدود لكثيرٍ من عمليات القصف، ما أدّى لتصدع المنازل الحدودية، وجعلها آيلة للسقوط، ويزداد الأمر خطورةً بعد ضخ المياه، فهناك أنفاق ملاصقة للمنازل السكنية وأخرى أسفلها".

وناشد بكر كافة الجهات المسؤولة بالضغط على الجانب المصري لوقف خض المياه التي قد تؤدي لنتائج لا تُحمد عواقبها على الأصعدة كافة، مطالبًا ببذل مزيدًا من الجهود لإيقافها بأسرع وقت.

ويُشار إلى أنّ الماء أسفل أساس البيت يعرضه لخطر السقوط عند أبسط هزةٍ تضرب المنطقة، وتعد مدينة رفح من أكثر المدن تعرضًا للقصف والغارات الجوية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي والقوات المصرية.

خزان جوفي مشترك

من جانبه، أكّد نائب رئيس سلطة المياه في قطاع غزة مازن البنا في حديثه مع زمن برس أنّ ضخ الجيش المصري لكمياتٍ من الماء أسفل الحدود المحاذية لتدمير الأنفاق تتسبب بانهياراتٍ كبيرة في الرمال، مشيرًا إلى أنّها أدّت إلى زيادة نسبة الملوحة في التربة ما جعلها غير قابلةٍ للزراعة.

وحذَّر البنا من خطورة هذه الإجراءات، وأنّ تأثيرها على المصريين والفلسطينيين على حدٍ سواء لاشتراكهم في الخزان الجوفي ذاته.

وتوقّع البنا أن تحدث انهيارات كبيرة في التربة ما يهدِّد المساكن القريبة من تلك المنطقة، ويعرض المواطنين للخطر الشّديد وزيادة نسبة الملوحة في التّربة والمياه ما يجعلها غير قابلةٍ للزراعة.

ومنذ أكتوبر الماضي تعمل السلطات المصرية على إنشاء منطقة خالية في الشريط الحدودي مع قطاع غزة، تبلغ مساحتها 2 كيلومتر بدعوى محاربة الإرهاب في سيناء.

وعدّ نائب رئيس سلطة المياه، تلك المحاولات بمثابة تدمير للأمن المائي الفلسطيني والغذائي ما يترتب عليه تدميرًا للاقتصاد، مؤكدًا أنّ هذه المحاولات تهدف إلى إفراغ المنطقة من ساكنها.

وبحسب البنا فإنّه فحص عينةً من المواد التي تدفقت على الأنفاق وكانت النّتيجة بأنّها ماء بحر شديدة الملوحة وليست مياه عادمة.

خاب الأمل

من جهته، قال رئيس بلدية رفح صبحي رضوان لـ "زمن برس": "نتابع ببالغ القلق بدء ضخ المياه داخل الأنفاق الحدودية، لأنّ هذا المشروع خطير، ويهدد المدينة بأكملها".

وتابع رضوان: "ما يقوم به الجيش من إغراق الأنفاق، هو عمل لم تتعرض له رفح من قبل، وهو خطير، وآخر شيء كنا نتوقعه من المصريين أن يقوموا بضخ المياه".

واسترسل: "كنّا نأمل أن تكون رفح مدينة حدودية مشتركة، تربط بين الشّعبين لأنّ تاريخها  يجسد روح التعاون والحياة المشتركة وليس التفرقة".

وحول خطواتهم لتجنب الخسائر، نوّه رضوان إلى أنّ إمكانياتهم محدودة لكنّهم ناشدوا الجانب المصري بأن يعيدوا حساباتهم ويوقفوا المشروع الذي يحمل الضّرر للناس.

وتتجلى الإشارة إلى أنّ القوات المصرية تواصل ضخ كمياتٍ كبيرة من مياه البحر في أنابيب عملاقة لليوم الثّالث على التّوالي، مدّتها في وقت سابق على طول الحدود بين قطاع غزة ومصر البالغ طوله حوالي 12 كيلو متر، في محاولةٍ لتدمير الأنفاق.

تحذير سابق

وكان المتحدث باسم الجيش المصري العميد محمد سمير قد أعلن ، في حوار مع صحيفة الأهرام، أنّهم دمروا 521 فتحة نفق على الشًريط الحدودي مع غزة بشمال سيناء خلال 6 أشهر.

وقال سمير: "إنّ الهيئة الهندسية (إحدى أجهزة الجيش المصري) تعمل على وضع حل جذري من شأنه القضاء نهائيًا على ظاهرة الأنفاق".

وشدّدت السّلطات المصرية من إجراءاتها الأمنية على حدودها البريّة والبحريّة مع القطاع منذ الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي في يوليو2013، وما أعقب ذلك من هجماتٍ استهدفت مقاراتٍ شرطية في شبه جزيرة سيناء المتاخمة للحدود مع قطاع غزة، حيث طالت هذه الإجراءات إغلاق معبر رفح البري وفتحه استثنائيًا على فترات زمنية متباعدة لسفر الحالات الإنسانية من المرضى والطلبة وأصحاب الإقامات والجنسيات الأجنبية.

 

حرره: 
م.م