12 منظمة حقوقية إسرائيلية: الانتهاكات الإسرائيلية "الاستثنائية" في غزة والضفة أصبحت ممارسات يومية

زمن برس، فلسطين: أكد تقرير جديد وشامل صادر عن 12 منظمة حقوقية إسرائيلية، اليوم الثلاثاء، أن السنة الثانية من حرب الإبادة على غزة شهدت توسّعًا غير مسبوق في الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، من حيث العمق والاتساع وشدة الأضرار.
وأشارت المنظمات إلى أنّها وثّقت، في العامين 2023 و2024، انتهاكات خطيرة، إلّا أن نتائج العام 2025 تكشف عن تدهور حاد بتضاعف عدد الشهداء تقريبًا، وأصبحت حالات التهجير شبه شاملة، وتحوّل الجوع إلى سبب لوفيات جماعية، كما أصبحت الانتهاكات التي كانت تُعتبر "استثنائية" في بداية الحرب جزءًا من الممارسة اليومية.
وقد أُعدّ التقرير من قبل المنصّة، وهو ائتلاف يضمّ المنظمات التالية: "بمكوم" – مخطّطون وحقوق الإنسان؛ مسلك؛ جمعية الحقوق المدنية في إسرائيل؛ اللجنة الشعبية لمناهضة التعذيب في إسرائيل؛ "هموكيد" – مركز الدفاع عن الفرد؛ "يش دين"؛ مقاتلون من أجل السلام؛ "عير عميم"؛ عمق شبيه؛ أطباء من أجل حقوق الإنسان – إسرائيل؛ نكسر الصمت؛ و"تورات تسيدك".
وتستند المنظمات في استنتاجاتها إلى ثلاثة تقارير سنوية متتالية (2023–2025)، تُظهر مجتمعةً تحوّلًا عميقًا في طبيعة الحرب وآليات السيطرة الإسرائيلية: تآكل الانضباط العسكري، تصاعد الخطاب الحكومي المتطرف، تشديد السياسات تجاه الفلسطينيين في غزة والضفة، وتصاعد الهجمات على أجهزة الرقابة القضائية والمدنية. وترى المنظمات أنّ هذه العوامل جعلت العام 2025 عامًا تحوّلت فيه أنماط الانتهاكات القصوى إلى ممارسات تشغيلية وسياسات ثابتة.
القتل والإصابات: بحلول أيار/مايو 2024، استشهد أكثر من 36 ألف فلسطيني في قطاع غزة. وبحلول تشرين الأول/أكتوبر 2025، ارتفع العدد إلى 67,173 شهيدا، بينهم أكثر من 20 ألف طفل وحوالي 10 آلاف امرأة، إضافة إلى نحو 10,000 جثة ما زالت تحت الأنقاض. كما تجاوز عدد الجرحى 170 ألفًا.
التهجير والدمار: في العام 2024، جرى تهجير أكثر من مليون فلسطيني داخل قطاع غزة. وفي العام 2025، ارتفع العدد إلى 1.9 مليون، أي نحو 90% من سكان القطاع، وكثيرون منهم هجّروا عدة مرات، مع انهيار أحياء كاملة وبنى تحتية حيوية من مياه وكهرباء وزراعة ومستشفيات.
الجوع والتجويع: بعد التحذير من أزمة جوع غير مسبوقة في العام 2024، تحوّلت الأزمة في العام 2025 إلى وفيات جماعية جراء سياسة التجويع الإسرائيلية. وسُجّل 13,000 طفل يعانون من سوء تغذية حاد في تموز/يوليو؛ وفي آب/أغسطس أعلنت الأمم المتحدة مجاعة كاملة؛ وبحلول تشرين الأول/أكتوبر توفي 461 شخصًا بسبب الجوع، بينهم 157 طفلًا.

الوفيات أثناء محاولة الحصول على الغذاء: هذه ظاهرة لم تُسجّل إطلاقًا في العام 2024، لكنها أصبحت مأساة يومية في العام 2025. 2,306 شهداء و16,929 جريحًا قرب مراكز توزيع الغذاء، نتيجة الفوضى وإطلاق القوات الإسرائيلي النار الحي. وأصبح مجرد محاولة الحصول على الطعام حدثًا يهدد الحياة.
استخدام الفلسطينيين كدروع بشرية: بعد توثيق حالات متفرّقة في العام 2024، شهد العام 2025 عشرات الشهادات حول استخدام الجيش الإسرائيلي بشكل منهجي للفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال وكبار السن، كدروع بشرية داخل غزة، حيث احتُجز بعضهم مقيّدين ومعصوبي الأعين لأيام وأسابيع.
الاعتقالات وظروف الاحتجاز: ارتفع عدد المعتقلين الإداريين في السجون الإسرائيلية من أكثر من 1,000 عام 2023 إلى 3,577 عام 2025، أي ثلاثة أضعاف المعدل الذي سبق الحرب. ويوثّق التقرير ما لا يقل عن 98 أسيرا استشهدوا أثناء الاحتجاز لدى السلطات الإسرائيلية، بسبب التعذيب ومنع العلاج الطبي وظروف الاحتجاز اللاإنسانية. وتؤكد المنظمات أنّ سوء المعاملة أصبح ممارسة ممنهجة في جميع أجهزة الأمن والسجون.
الآثار ومواقع التراث: شهد العام 2025 تدهورًا حادًا في تعامل إسرائيل مع مواقع التراث الفلسطيني. ففي غزة، تضررت متاحف وأرشيفات ومبانٍ تاريخية ومواقع أثرية، بما في ذلك قصر الباشا، أرشيف بلدية غزة، متحف رفح، والموقع الأثري للميناء القديم. وفي الضفة الغربية والقدس الشرقية، تحوّل النهج من مشاريع "حفظ" و"تطوير سياحي" إلى استخدام المواقع الأثرية كأدوات للسيطرة المكانية ونزع الملكية. فقد توسّعت سيطرة المستوطنين والسلطات الإسرائيلية على مواقع مثل سبسطيّة وقصور الحشمونائيم، وتسارعت إعلانات "الحدائق الوطنية"، وتقدّمت مشاريع تراثية ضخمة في محيط البلدة القديمة في القدس، مما عمّق السيطرة المكانية والسردية على حساب المجتمعات الفلسطينية والمعايير المهنية للحفاظ على التراث.
وأكدت المنظمات أنه "كشف العام 2025 واقعًا لم يكن من الممكن تخيّله: دولة تعمل بلا قيود، وتنتهك القانون الدولي بشكل منهجي، وتفكك القيم التي تدّعي الالتزام بها. استخدام التجويع كسلاح، مهاجمة المستشفيات، اختفاء معتقلين، ترحيل التجمعات السكانية، والقتل الواسع للمدنيين ليست ‘إخفاقات’ بل سياسة. الانتهاكات التي كانت تُعرّف سابقًا كجرائم ضد الإنسانية تحدث اليوم بشكل يومي، دون مساءلة أو تحقيق. لا يمكن لإسرائيل الادعاء بالأخلاق أو الدفاع عن النفس بينما تهدم كل آلية قانونية وأخلاقية داخلية. ما لم يتم إنشاء آلية تحقيق مستقلة وفعالة، فإن هذا التدهور سيصبح غير قابل للعكس."




