ينتظرون مسيحا مخلصا

 

بقلم: إيال مغيد

لا تستطيع الدولة ان تبيح لنفسها انتظار المسيح المخلص. إن الدولة، أي نحن، تنتظر المسيح المخلص مرغمة. وهي تنتظره لأنه لن يخلصها أحد آخر. فهو فقط، أي المسيح المخلص، الذي يستطيع. كلا، ليس هذا تذاكيا ولا فكاهة. إن الوقت ينفد ببساطة، والوقت الذي ينفد ليس وقتا صالحا للمسيح المخلص. نقول على سبيل المثال إن العرب قد صدقوا منذ زمن قريب في المرة التي لا يعلم أحد كم هي، مبادرتهم السلمية. ولم يعنِ ذلك أحدا هنا كما كانت الحال في الماضي. فعندنا وقت وعندنا وقت للمسيح المخلص. وعندنا الوقت لاحراز التساوي في عبء الكانون مثلا. لكن مبادرة السلام العربية، المبادرة المصرة منذ سنة 2002، أي منذ أكثر من عشر سنوات، على ان تحقق لنا حلم السلام – هذه المبادرة لا تعني شواة اللحم عندنا.

منذ اليوم الذي صدرت فيه هذه المبادرة وكانت تسمى "المبادرة السعودية"، وعدت نفسي بأنني لن أنساها إلا أن أنسى يميني. ولم يكن ذلك وعدا باللسان دون مواطأة القلب. حتى لو كان فيها عنصر تحديد ما مباشر أو عكسي لأنه بدأ ينسى مع ظهورها رويدا رويدا "انحرافي اليميني" الذي بدأ مع خيبة الأمل من سلوك العرب في مؤتمر كامب ديفيد وبعده. وحاولت أكثر من مرة وأكثر من مرتين أن ألذ سمع من كان يستطيع ان يقرر اعطاء نغمة اخرى وتغيير الصورة بشأن هذه المبادرة. وقلت له في عدة فرص لا يوجد أنسب منها – كانت الاولى قبيل خطبة بار ايلان والاخيرة زمن زيارة رئيس الولايات المتحدة باراك اوباما – إن له ما يكسبه فقط من اعلان مباركته للمبادرة. وقلت عن يقين ان دافيد بن غوريون مثلا ما كان ليضيع فرصة صنع تاريخ وربما اهود باراك كذلك ايضا.

سيكون ما يكفي من الوقت بعد للجدل في التفصيلات والتعمق في تحليل هذه المادة أو غيرها لا سيما بشأن حل عادل لمشكلة اللاجئين، وقد يكون ذلك ممكنا في وقت متأخر حينما يجلسون الى المائدة حقا. لكن أمر الساعة في نظري هو ان نستقبلها بالمباركة وان نقول إننا انتظرنا هذا الاقتراح وكنا نتمناه. وهذا هو أمر الساعة لأننا اذا لم نسلك هذا السلوك فإننا نعلن عكس ذلك أي أنه ليس لنا اهتمام بأي سلام مع العالم العربي وأن الحلم، ككل حلم، كان وهما في الحاصل. وإننا قلنا عبثا إننا نحلم باليوم الذي تقوم فيه الدول العربية كلها كرجل واحد وتعلن رغبتها في السلام معنا. قلنا، فماذا يعني؟ لم نكن نقصد ذلك حقا أو اذا كنا نقصده فقد كان القصد اليهودي لأيام المسيح المخلص حينما لا يكون دفع ثمن ولا نضطر الى التقاسم أو الى المصالحة، وحينما يغلب عدل واحد فقط. هكذا قال شعب اسرائيل، بواسطة ممثليه المنتخبين.

أنا أعلم، كما تعتقد الاكثرية (اذا كانت تعتقد أصلا)، أن مبادرة السلام العربية وهْم وليست حلمنا. وتعتقد الاكثرية ان هذه المبادرة هي شرك مغرٍ وكلمات فارغة. إن الاكثرية بعبارة اخرى تخشى الفحص عنها. وتخشى الاكثرية ان تمتحن العرب خشية ان يتبين ان الاقتراح حقيقي وان تسود علاقات طبيعية بالعالم العربي في مقابل انسحاب الى حدود 1967 وتقسيم القدس. فالاكثرية تخشى علاقات طبيعية بالعالم العربي لأن الاكثرية في اسرائيل من اليسار واليمين لا تخشى مركز الليكود فقط بل تخشى السلام مع العرب وذلك لاسباب لا يعلمها إلا هم.