مقالة الحجارة: هدف ذاتي في حرية الصحافة

بقلم: يعقوب أحيمئير
ماذا ستقول الأم العبرية حينما تقرأ توصية عميرة هاس الحماسية في صحيفة "هآرتس" للفلسطينيين بأن يستمروا في رمي الحجارة؟ وماذا ستعتقد تلك الأم في محاولات قتلها هي وأبناء عائلتها في وقت تحظى فيه هذه الجهود بـ "مباركة الحجر" من صحيفة مركزية في اسرائيل؟
يمكن فقط ان نخمن ما هو مسار التفكير الخطير الذي قد يتغلغل الى الواقع الاسرائيلي: ذلك هو فساد قيمة الصحافة الحرة في اسرائيل الى درجة شللها المطلق. ان توصية عميرة هاس باذن من المحرر والناشر لـ "هآرتس" قد تكون حافزا كبيرا على تقييد حرية التعبير عن الرأي في اسرائيل، واحدى ظواهره البارزة هي حرية الصحافة، بالقانون. انها حرية صحافة وجدت منذ نشأت الدولة، ولم توجد برعاية القانون في الحقيقة بل برعاية احكام المحكمة العليا.
يبدو لنا الآن ان الصحيفة التي تدعي أنها ليبرالية ومدافعة عن حقوق الانسان (بشرط ألا يسكن هذا الانسان وراء الخط الاخضر مثلا في حي التلة الفرنسية في القدس) قد تحرز هدفا فظيعا آخر بواسطة التحريض على الرشق بالحجارة الذي يطبع فوق صفحاتها، رشق مواطنينا أو جنودنا، لأن نشر مقالة عميرة هاس قد يجعل عددا من اعضاء الكنيست يحاولون مضاءلة حرية الصحافة في الكنيست الحالية. ونقول واليد فوق القلب: كم من اعضاء الكنيست ومن الليبراليين ايضا سيظهرون في الحقيقة معارضة لاقتراحات قانون قد توضع على الطاولة وتحرم كل قول يدعو أعداء اسرائيل الى الاستمرار على المس بها؟
توصي هاس الفلسطينيين ايضا بإنشاء قاعدة نظرية واكاديمية لنظرية الرشق بالحجارة، أي لمحاولات الفلسطينيين القتل. وماذا سيحدث الآن في البرامج التي تحاكي الحياة الواقعية التي تبث في الراديو والتلفزيون؟ سيدعى من اجل التوازن الى النقاش المثقف في قاعة البث من يؤيد ولو ضمنا القتل بالحجر ومن يعارض التحريض من هذا القبيل.
كان مخيبا للآمال جدا رد داليا دورنر، رئيسة مجلس الصحافة، وهي قاضية (متقاعدة) من المحكمة العليا، والتي بدل ان تندد بلا تحفظ بما كتب وطبع قالت انه لا يجوز لها ان تعبر عن موقفها كي لا يكون لردها تأثير في محكمة الاخلاق التي ستبت في الشكوى لأنه قد رفعت شكوى على صحيفة "هآرتس". وتوقعت باعتباري عضوا في مجلس الصحافة ان تتخذ دورنر موقفا قيميا واخلاقيا كما يفعل زملاؤها من القضاة المتقاعدين. وكان يمكن ان نتوقع ان تكون بمثابة حزمة نور لجمهور الصحفيين وتلزم موقفا مفهوما كثيرا يعارض التحريض على القتل، لكنها بدل ذلك اختارت اتجاها مختلفا.
تم الحفاظ على حرية الصحافة مدة سني وجود الدولة الـ 65 وكانت سنوات طوارئ وحروب. ويبدو ان مقالة هاس ستشير الى كثيرين قائلة لا نريد بعد الاتصالات وحرية الصحافة. ويوجد كثيرون يعتقدون هذا الاعتقاد وسيزداد هذا الشعور عمقا.