في إسرائيل الديمقراطية: العرب أفقر من فقراء اليهود!

بقلم: اسحق ليئور
حينما علمنا، الاربعاء الماضي بعد الظهر، بحادث السير المخيف في نيشر بدأت محطات الاذاعة تستعمل موجة مفتوحة بتأثر كبير. أصروا على وقوع عملية تخريبية. وكان واضحا حسب التأثر أن السائق عربي، وعُلم حتى المساء أن ضحايا الحادث عرب أيضا.
هدأ البلد وتحولت الهستيريا الى حداد. وأُبلغنا ايضا عن عدد مخالفات السير للسائق ونية اتهامه بالقتل. ولم نعرف كم من سائقي الشاحنات عامة هم عرب ولماذا يعملون هم خاصة بهذا العمل المرهق ومن الذي يرسلهم ومن الذي يراقب ساعات النوبات والوظيفة المسموح بها، كل ذلك غير مهم. فالشاحنات ليهود على نحو عام، وكذلك الأرباح أيضا. وتقسيم العمل في الجهاز الاقتصادي يدل على ذلك ايضا.
إن القطارات السريعة التي يخطط لها الوزير اسرائيل كاتس في أنحاء الجليل لا يفترض ان تقف بتاتاً في القرى العربية الكبيرة وفي البلدات المزدحمة. فكاتس عنصري قديم، وليس هو وحده. فمن اجل يهود الجليل – وهذه سياسة عنصرية ظاهرة لا يرفع أحد صوته احتجاجا عليها – تشق الشوارع السريعة في ما كان ذات مرة قرى لا يجوز ذكرها باعتبارها شواهد على النكبة. فالشارع 70 والشارع 85 يقطعان من اربعة اتجاهات البروة، قرية محمود درويش الخربة مثلا.
من جهة اخرى يفترض ان يسير الباقون من النكبة، وهم مواطنو الدولة اليهودية والديمقراطية في الشوارع عن طريق منعطفات لبلدات يهودية. وليس للطيبة والطيرة، وهما مدينة وبلدة كبيرة على جانبي الشارع 6، منعطفات. ويوجد منعطف لبلدات صغيرة مثل كوخاف يائير وتسور نتان. هذا هو المضمون الحقيقي لدولة اسرائيل في كل المجالات، ومنها الاكاديميا، وليس المحاضرون هناك أفظاظا كالناس في الناصرة العليا لكنهم يتلذذون بإبقاء الكعكة لأنفسهم وهذه ملذات يحسن السكوت عنها في السياق الليبرالي.
هذه "دولة يهودية"، ولهذا فان الأولاد العرب يستحقون التعليم بقدر أقل، ولهذا فان وفيات الاطفال الرضع أكبر. ولهذا أخذت القرى تصبح أكثر ازدحاما ولهذا يزيد الفقر نفسه ضعفين أو ثلاثة.
يسهل على الاسرائيليين ان يخدعوا أنفسهم بشأن "المناطق" المحتلة، فلا يوجد للحكم الاستبدادي العسكري المظلم هناك أي رادع، لكنه "مؤقت" الى ان يوجد الحل، ولما كانوا "لا يريدون حلا"، فـ "نحن على حق"، وهذه لذة سامية ولغوية.
يحيا المواطنون العرب في اسرائيل في المقابل تحت تمييز عنصري لا يطمسه أي خداع للنفس. هل توجد دولة اخرى في الغرب لا تظهر أسماء 20 في المائة من مواطنيها بين مراسلي التلفاز والصحف وفي العلوم والاكاديميا وفي ديوان الموظفين في المدن الكبيرة لا بنسبة 2 – 10 بل ولا بنسبة 1 – 10؟ ويزداد التمييز شدة على الدوام.
تبلغ نسبة العاملين العرب من مجموع عمال الدولة نحو 7 في المائة، وكانت الأجرة الحقيقية للساعة للعرب في 2009 أقل بنحو من 40 في المائة من أجرة اليهود، ويتدهور الوضع. ولا يوجد فقط عدد أكبر من الفقراء بين العرب بل إنهم أفقر ايضا من الفقراء اليهود، ويزيد فقرهم على مر الزمن.
يعد الوزير كاتس سكان بيت شان بقرب أكبر الى المركز. وستزيد قيمة بيوتهم حينما تُربط بلدتهم بسكة الحديد الى المركز. وماذا بشأن الفقر العربي في اسرائيل؟ ينبغي ان نبدأ بالعقارات: فليس للبيوت في القرى والبلدات قيمة اقتصادية، وكلما زاد عدد السكان ومُنعوا أن يبنوا لأنفسهم بيوتا خارج الغيتو (المحبس) الذي خُصص لهم في العام 1948، اتسع البيت نفسه ليشتمل على شقق ملحقة لعائلات موسعة. وليس للشقة قيمة بيع وشراء ولا يمكن تأجيرها من اجل العمل في المدينة، فالارتباط بمكان السكن والبطالة، كل ذلك جزء من السجن في الغيتو ، وهذا فخر لدولة اسرائيل.