تصريحات كيري بشأن تحقيق الحل خلال سنتين.. غير حكيمة

 

بقلم: أمنون لورد

بعد يومين من "مذبحة معالوت" في 17 ايار 1974 بعث مسؤول كبير في السفارة الأميركية في بيروت بتقرير عن لقائه مع مسؤول كبير في م.ت.ف كان مقرباً من ياسر عرفات، هو شفيق الحوت. وانكشفت البرقية قبل نحو اسبوعين في موقع "ويكليكس" في إطار جملة اخرى من الوثائق المتعلقة بوزير الخارجية الأسبق، هنري كيسنجر. وقال الحوت في حينه للأميركيين انه "قبل (المذبحة) في معالوت كان نايف حواتمة يعاني مشاكل وفقد نفوذه وذلك لانه أيد فكرة عرفات اقامة ‘سلطة وطنية فلسطينية‘". وهذه عمليا، بداية فكرة السلطة كما نعرفها منذ اتفاق أوسلو.

الفلسطينيون، الذين تطلعوا الى اقامة دولة على كل اراضي "بلاد اسرائيل""، دحرجوا ابتداء من العام 1974 الفكرة التي تقول انه في إطار حل مرحلي تقام "سلطة وطنية" بدلا من "دولة" وتسيطر على كل أرض "تحرر من الاحتلال الاسرائيلي". مرت نحو 20 سنة الى أن تحققت الفكرة، ولم يخرج السلام من هذا، ولكن للفلسطينيين سلطة وطنية، وحكم ذاتي. وهو واسع وشامل كلما كان السلام على الارض اعمق وأكثر استقرارا. يمكن الادعاء بشأن أن جون كيري أنه اذا استغرق 20 سنة حتى اقامة السلطة الهزيلة في مناطق غزة والضفة، فقد تمر ايضا 40 سنة الى أن تقوم دولة فلسطينية على ذات الارض، او ربما حتى في اراض اخرى – ليس غرب الخط الاخضر.

كما يمكن الادعاء بان توقع كيري بشأن اغلاق نافذة الفرص لاقامة دولة فلسطينية في غضون سنتين هو توقع متفائل: ففي دوائر مختلفة في الاتحاد الأوروبي، في وزارة الخارجية السويدية مثلا، يعتقدون منذ بضع سنوات بان "حل الدولتين للشعبين مات". ويواصلون هناك القيام بحركات الدولتين، ولكن بالاساس كرافعة للضغوط والتهديدات الممارسة على اسرائيل. ليس لانهم يؤمنون بان هذا ممكن.

التفكير لدى الاوروبيين وكذا في اوساط القيادة الفلسطينية هو أنه كون الامم المتحدة اعترفت- حسب فهمهم- بدولة فلسطينية وهي قائمة، فان المسألة الوحيدة هي طي اسرائيل الى حدود اعترف بها ظاهراً في الامم المتحدة. ويحتمل أن يكون هذا ما يقصده الوزير كيري. تمنح الولايات المتحدة سنتين لحل متفق عليه. وبعد ذلك يوجد خطر في أن تسمح للقوى الدولية بالعمل على تنفيذ قرار الامم المتحدة. مثل هذه الخطوة ترمي الى دفع اسرائيل نحو حسم يؤدي الى فك ارتباط ثان.

ألمح ايهود باراك، مؤخراً، الى الحاجة الى تنفيذ خطوات من طرف واحد، ولعله قصد هذا. خطوة انسحاب من طرف واحد الى خطوط نقررها نحن تبدو غير واقعية في الحكومة الحالية. أما قول جون كيري فلا يبدو حكيماً على نحو خاص. فهو يشجع أبو مازن على المماطلة. الامر الاصح من ناحية الولايات المتحدة واسرائيل هو الوصول الى توافق بينهما – في صيغة تلك المبادئ التي تشكل بنية اقليمية وديمغرافية للحل. يبدو في هذا الموضوع أن المشاكل مع ادارة اوباما بقيت كما كانت قبل الزيارة الناجحة قبل شهر.

موعد نفاد المفعول، الذي قرره كيري، لا يخلق وضعا جديداً. فالسلطة الفلسطينية لن تذهب الى اي مكان بعد سنتين. كما أنه حتى في حل الدولة الواحدة سيكون الفلسطينيون مطالبين باجراء مفاوضات مع قيادتهم الوطنية، وهذه ليست خطوة بسيطة من توطين المنطقة تحت علم أزرق – أبيض ومنح المواطنة بالتدريج لعموم السكان. ومثل اليوم، ستترافق المفاوضات وصراعات في كل الأبعاد المعروفة.