وزراء لشؤون الإصلاحات

بقلم: يوسي فيرتر

لا ريب في أن ريحا جديدة منعشة تهب في بلادنا. ريح الإصلاحات والثورات. ريح الجرأة السياسية وذبح البقرات المقدسة. فقد أعلن وزير المالية «الحرب» لمصلحة المواطن العامل. ورئيس الحكومة يعلن أن أي إضراب لن يردعه عن تخفيض أسعار السيارات وتنفيذ إصلاح «هائل» في الموانئ. ووزير المواصلات يكشف أن السماء هي الحدود. ووزير الداخلية يصر على تمديد التوقيت الصيفي بينما يتطلع وزير الاتصالات لهز سوق التلفزيون المدفوع، لمصلحة المجاني. وبعد شهر من تشكيل حكومة بنيامين نتنياهو الثالثة، مع تبدد الغبار عن الصراع الدموي الائتلافي، عثر على المادة اللاصقة الرابطة بين مكونات الحكومة. سموها الكحلونية (نسبة لموشي كحلون وزير الاتصالات الذي خفض أسعار المكالمات الخلوية بشكل هائل)، الجيل الثالث.

والجميع يريد الاحتذاء بالإصلاحي الكبير الذي اعتزل وهو في القمة. وكبار الرأسماليين وشركات الهاتف التي خبرت نتائج الرؤية الاستهلاكية لوزير الاتصالات الأسبق، موشي كحلون، حل مكانهم الحريديون، شركات الطيران، مستوردو السيارات، واللجان العمالية الكبيرة وشركات الكوابل والأقمار الصناعية. كل هؤلاء أهداف سهلة، متوفرة وجذابة.

والحريديون مثلا. لو لم يكونوا موجودين لكان على يائير لبيد اختراعهم. فبعد أسبوعين - ثلاثة غير سهلة مرت عليه، مع كل تلك الانتقادات، والكبوات، وفر الحريديون لوزير المالية على طبق من فضة فرصة التصحيح. لم يتطلب الأمر أكثر من ظهور لمرة واحدة في الكنيست، حيث أطلق عددا من الكليشيهات القديمة، ليعود إلى العناوين كبطل وحامل المشعل.

ويقولون في محيط لبيد انه كان يقصد أن يعرض في الكنيست بلطف رؤيته الاقتصادية. لكن صرخات عضو الكنيست موشي غفني الاحتجاجية غير المتوقفة، وخطاب عضو الكنيست مئير باروش الحماسية (كلاهما من يهدوت هتوراه)، ألزمته بالرد الصهيوني - العلماني المناسب.

وسواء خطط لذلك أم لا فإنه كسب رأسمالا سياسيا. والحريديون فريسة سهلة. 80 في المئة من الجمهور ضدهم في كل وقت. في الأسبوع الفائت فقدوا رشدهم وخدموا لبيد كأغرار. فهل تعلموا الدرس؟ ليس مؤكدا. بالإجمال ، لديهم أيضا ناخبون ينتظرون منهم أن يصرخوا وأن يعربدوا ضد ما على وشك أن يقع على رؤوسهم. وكما يبدو، فإن بئر كراهية الحريديم يمكنها أن تمنح زعيم هناك مستقبل مواصلة الضخ منها.

وينوي لبيد أن يخضع الحريديم لتقليصات كبيرة في الميزانية، وليس فقط بمخصصات الأولاد، وميزانية المدارس الدينية والهبات لمؤسسات التعليم. والمالية ستدخل بند «استنفاد قدرة الراتب» أو بكلمات أخرى: يللا شباب، اذهبوا للعمل ـ في كل فصل في الميزانية كشرط لتلقي السكن، التعليم، وسواها.

والمصائب المتوقع أن يتعرض لها الحريديم ستزيد عن نسبتهم في المجتمع. والرجل الذي ساوى نفسه بالنبي موسى يمكنه أن يقول لناخبيه: صحيح، صعب لكم. أنتم تعانون. صحيح أنني أضريت بكم رغم وعدي بأن أخدمكم. ولكن الحريديم الذين عاشوا على حسابنا كل طوال السنوات ولم يعملوا ولم يخدموا في الجيش، سيعانون أكثر. حينها عزاؤكم أنه بعد عامين، عندما تخرجون من الوحل، هم سيبقون هناك غارقين حتى الرقبة».

 

غريب وعجيب

 

1 ــ وإذا كان قلب نتنياهو قد انفطر على ما أوقعه لبيد بالحريديم، حلفائه الطبيعيين سابقا، فإنه بالتأكيد لن يذرف دمعة، مع وزير ماليته، إذا ما ضربت لجان عمال الموانئ. وفي نظر نتنياهو فإن جماعة ألون حسن هي الشيطان الأكبر الواجب سحقه. والقصد هو بناء ميناء خاص من شبه المؤكد أن يقود إلى إضراب عام وإلى إغلاق كل الموانئ. ونتنياهو أعلن أنه ليس خائفا. مصدر رفيع المستوى في وزارة الاتصالات قال هذا الأسبوع انه إذا لم يكن مفر، لن تتردد الحكومة في إرسال جنود لتشغيل الموانئ. هكذا يبدو اليوم، متحمسا للمعركة.

2 ــ إعلان إيهود أولمرت، في لقاء مغلق مع مانحين في لندن، نيته التنافس على رئاسة الحكومة في الانتخابات المقبلة، غريب من ناحية وعجيب من ناحية أخرى وغير واقعي ثالثا.

أولا، لأنه ليس هكذا يعلنون عن التنافس. ثانيا، لأن الانتخابات المقبلة بعد أربع سنوات ونصف. ثالثا، لأننا سبق ومررنا بهذا الطريق قبل الانتخابات الأخيرة وخرجنا بأيد فارغة، ورابعا، قضية هوليلاند لا تزال مفتوحة. وأقوال أولمرت تبدو خطوة ترمي إلى رفع سعر محاضراته ووسيلة للإشارة لقضاة المحكمة العليا الذين سينظرون في استئناف الدولة ضد تبرئته، بأنهم يقفون أمام رئيس حكومة محتمل وعليهم عدم الاستخفاف بالأمر.

3 ــ أما مارك ميلمان، المستشار الاستراتيجي ليائير لبيد الذي عمل معه في الانتخابات وقبل ذلك، فقد زار هذا الأسبوع إسرائيل مع وفد من اللوبي اليهودي، إيباك. واستغل الفرصة لعقد لقاء مع لبيد. ميلمان يواصل تقديم المشورة لوزير المالية. وفي رد على سؤالنا حول ما إذا كان الخط الصدامي، الناجع جدا من ناحية عامة، الذي انتهجه لبيد هذا الأسبوع في خطابيه، في الكنيست وفي مركز دراسات الأمن القومي، نابعا من رأي سمعه من ميلمان قالت المستشارة الإعلامية للوزير أنه لا صلة بين الأمرين. وحسب كلامها فإن الشجار مع الحريديم كان محصلة استفزاز منهم، والخطاب في المركز كان مقررا منذ ما قبل لقاء لبيد بميلمان.

4 ــ عضو الكنيست أرييه درعي سمع الكلام في محيط الحاخام عوفاديا يوسف، عن عودة قريبة لشاس إلى الائتلاف، واستهزأ بمرارة. هو لا يشترى الخدعة التي يسوقها أحدهم للحاخام العجوز (مثير هذا الذي يسوقها). وقال درعي هذا الأسبوع أن «نتنياهو ولبيد يعملان سويا، ولديهم روح أبداع، ويبدو لي أنهما يتعاونان جيدا. أنا لا أرى نتنياهو يخرج لبيد ويدخلنا مكانه».

وليس صدفة أن درعي سكت هذا الأسبوع، عندما اتهم رفاقه الأشكنازيون لبيد بأنه يطلق مواقف في الفيسبوك منتهكا حرمة السبت. حتى اليوم لم يكن يزعجهم أن الوزراء يسافرون أيام السبت ويظهرون في حفلات ثقافية أيام السبت ويجرون مقابلات مع برامج نهاية الأسبوع في التلفزيون. وقال درعي: «عندي مبدأ. أنا لا أدخل لبيوت الناس. إن لم يرد احترام السبت فهذا شأنه. ماذا يهمني؟»

إن التوتر بين الحريديم ولبيد عديم الشأن مقارنة بما جرى بين معسكري درعي وإيلي يشاي، قبل حسم من يترأس منهما الحركة. واليوم، لا رئيس لشاس. قبل نصف سنة من الانتخابات البلدية، الفوضى عارمة. وكل واحد يفعل ما يشاء. النشطاء لا يعرفون أنفسهم. لمن يتجهون وممن يستقبلون التعليمات ومع من يتشاورون؟ مع إيلي أم مع أرييه؟

قال درعي هذا الأسبوع: «هذا وضع فظيع. وصلنا للخط الأحمر. أناسنا يصرخون، حان الوقت للحسم. يستحيل الاستمرار هكذا. آمل أن تحسم الأمور قريبا. ربما حتى قبل نهاية الأسبوع».

حرره: 
م.م