صباح الخير يا أوباما

بقلم: سمدار بيري

يوجد شيء ما مزعزع في المسار الذي أفضى الى الاعتراف الامريكي بأن نظام الاسد يستعمل سلاحا كيميائيا لا على المتمردين فقط، بل على المدنيين الذين لا حامي لهم. خط الرئيس اوباما خطوطا حمراء، وهدد بشار الاسد بأن تتغير قواعد اللعب اذا ضُبط متلبسا. ويتبين الآن ان الامريكيين فضلوا اغماض أعينهم لكن البريطانيين خصوصا استعملوا عملاء وحققوا، وحذر الاردنيون المشاركون في السر. وكانت اسرائيل هي التي كشفت عن الفعل الفظيع في نهاية الامر. كيف يمكن السكوت؟. إن تاريخ اختراع غاز السارين المخيف الذي لا يخلف رائحة ولونا يعيدنا الى المانيا النازية، فقد كان هتلر هو الذي أجلس فريقا من العلماء لانتاج غاز قاتل لا يترك آثارا، وهو أقوى وأسرع من السيانيد الفتاك.

حمل المتمردون في سورية على المواقع الاجتماعية قبل سنة صورا كان يمكن ان تشهد على استعمال سلاح غير تقليدي. وتخندق العالم في صمته. وكان العالم المستنير مستعدا لأن يُقسم أن الزبد الذي خرج من الشفاه، وان العيون المفتوحة بصورة مخيفة للاولاد والنساء والشيوخ هي من اختراع الخيال الذي لا قيد له عند المعارضة السورية. واتهم المتمردون نتنياهو وباراك بأنهما يساعدان بشار على البقاء بسبب مصالح اسرائيلية. وكان علي فرزات رسام الكاريكاتور، الذي كان صديق بشار الاسد القريب وتلقى ضربات قاتلة من شبيحة النظام حينما نشر صورة أشارت اشارة خفية الى شبهات تتعلق بالسلاح الكيميائي، قد قرع أجراس الانذار. فقد رسم بشار يجلس فوق برميل سارين بخطوط حمراء. وقد كافأ العالم فرزات بجوائز جليلة على عمله وإبداعه وشجاعته لا أكثر من ذلك.

يطارد الامريكيين الى اليوم لغز السلاح الكيميائي عند صدام حسين ولا ينسى أصحاب الذاكرة القوية الصور التي تصعب مشاهدتها لضحايا ‘العقاب الجماعي’ في حلبجة بعد ان انتهت حرب ايران مع العراق، فورا. فقد تلقت البلدة ‘الخائنة’ ضربات سلاح كيميائي عقابا على رفض النساء والاولاد والشيوخ ‘الاسهام’ في الجهد الحربي. وقد حوكم ‘علي الكيميائي’ إبن عم صدام حسين وشقيقا الحاكم المخلوع وهو نفسه وأُعدموا بسبب جرائم على الانسانية.

أشاروا في الاستخبارات الاسرائيلية الى شاحنات مغطاة بأغطية ومقطورات قطارات شحن نقلت حمولات مجهولة من العراق الى سوريا. وتقول الاستخبارات الاسرائيلية ان هذا هو السلاح الكيميائي الذي أُخفي في سورية في نطاق تعاون بين دمشق وبغداد. وفي الجدل الذي نشأ بين وكالات الاستخبارات الامريكية ووزارة الدفاع الامريكية فاز اولئك الذين زعموا كما أصر وزير الدفاع تشاك هيغل في الاسبوع الماضي على ان الامر لم يكن كذلك قط وان هذا خطأ من الاستخبارات الاسرائيلية.

ستحين ساعة محاسبة بشار الاسد. فهو قاتل لن يفر من مصيره. ولن تساعده محاولات اتهام المتمردين وتركيا والعالم كله بأنهم دبروا مؤامرة عليه. صحيح ان ادارة اوباما تحاول التهرب. وصحيح ان الامريكيين لا يريدون فتح جبهة مع الايرانيين.

إن الاسد منذ سنتين يحطم الأدوات ويجتاز الخطوط الحمراء جميعا. ولا يُحتاج الى سلاح كيميائي لدمغ رئيس دولة يستعمل شبيحة مرتزقة ويرسل طائرات لقصف مئات المدنيين الذين ينتظرون في صفوف أمام المخابز في الأحياء، ويُمكن من التنكيل والاغتصاب والقتل للاولاد والنساء الشابات في غرف التحقيق.

شاهدت أمس شهادة ‘أبو طارق’ إبن الثانية والسبعين، الذي تعلم بالمراسلة ان يُعد أقنعة بدائية للوقاية من السلاح الكيميائي. ويتحدث هذا الشيخ بصوت غاضب عن أنه قد استطاع ان يوزع عشرات الأقنعة التي صنعها بيديه استعدادا للجولة التالية من القصف بالسلاح الكيميائي، فهو لا يعتمد على أي أحد.

حرره: 
م.م