ينبغي أولا الاعتراف بشعب فلسطيني

بقلم: شاؤول اريئيلي
إن رؤساء الادارة الامريكية حائرون في هذه الايام في شأن أهداف القمة الرباعية لتجديد التفاوض بين اسرائيل وفلسطين. اذا كان الهدف النهائي للتفاوض هو انشاء دولة الشعب الفلسطيني الى جانب دولة الشعب اليهودي فمن المناسب قبل ذلك أن يواجهوا خططا وتصريحات من ناس في الحياة العامة الاسرائيلية تتعلق بالشعب الفلسطيني، تشهد على ان كثيرين منا ما زالوا لم يعترفوا بوجود شعب فلسطيني واحد ويعاملونه باعتباره مجموعة جماعات ذات هوية قومية وسياسية مختلفة.
تتألف المجموعة الاولى من عشرات آلاف الفلسطينيين الذين يعيشون في المنطقة (ج) والذين يمتحن الوزير نفتالي بينيت هويتهم مثلا بحسب علاقة الكلفة والفائدة بين عددهم و’منحة’ على صورة 60 في المئة من مساحة الضفة فُرض عليهم ان يمنحوها لاسرائيل. وتشتمل المجموعة الثانية على الفلسطينيين في غزة الذين يوجد بيننا من يتجاهلونها كالوزير موشيه أرغاس سكانيا وقوميا وسياسيا ويفضلون تسميتها ‘دولة حماس′، لتسويغ ضم الضفة فقط. والثالثة هم الفلسطينيون في الضفة الذين يوجد من يدعون، كعضو الكنيست السابق أريه الداد الى ‘توحيدهم’ مع إخوتهم في الاردن.
ويُعد في المجموعة الرابعة 350 ألفا من سكان شرقي القدس، ويوجد من يؤمنون بيننا بالنسبة اليهم مثل الوزير لبيد بأنه يجب ‘تعويد’ العالم أن ‘القدس الموحدة’ ستبقى الى الأبد عاصمة اسرائيل وسيصبحون في اطارها مواطنين اسرائيليين دفعة واحدة. والمجموعة الخامسة هي اللاجئون الذين يوجد بيننا من يرفضون حقهم حتى في العودة الى الدولة الفلسطينية التي ستنشأ بحسب خطوط 1967، لأنهم عرب وأصبحوا يعيشون في أوطان عربية. والمجموعة الاخيرة هي الفلسطينيون في اسرائيل الذين يعاملهم كثيرون كعضو الكنيست افيغدور ليبرمان على أنهم ضيوف في دولتهم ووطنهم ولا يهتمون إلا بنسب تكاثرهم.
إن هذا التصور الذي يرى الفلسطينيين أفرادا بلا هوية جماعية موزعون في مجموعات مختلفة، وليسوا شعبا له حق في تقرير المصير، وهي التي انشأت الصراع في الحقيقة.
إن معارضة الفلسطينيين لتصريح بلفور وكتاب الانتداب نشأ في الأساس لأنه لم يُعترف بأنهم شعب في البلد الذي كانوا أكثرية مطلقة فيه بل عُرفوا بطريقة السلب أنهم ‘طوائف غير يهودية’.
احتاج الشعب الفلسطيني الى 25 سنة نضال الى ان اعترفت الحركة الصهيونية في سنة 1947 به وبحقوقه القومية. ‘من المؤكد انه يوجد للسكان العرب في البلاد حق في تقرير المصير والحكم الذاتي، ولم يخطر ببالنا أن نظلمهم هذا الحق أو نقلل منه’، كتب بن غوريون في شباط 1947 الى وزير الخارجية البريطاني، وبعد ذلك بتسعة اشهر استقر رأي الامم المتحدة على انشاء ‘دولة عربية’ مستقلة الى جانب الدولة اليهودية.
إن الخطأ الاخلاقي والتاريخي والسياسي للفلسطينيين باستقرار رأيهم على رفض خطة التقسيم والغائها بالقوة نفاهم بمرة واحدة عن مكانتهم القومية. إن القرار 194 (الذي جاء بعد ذلك) أصبح حجر الزاوية في الموقف الفلسطيني، رُفض في البداية لأنه عامل الفلسطينيين على أنهم لاجئون أفراد دونما أي ذِكر لحقوق قومية. وكذلك بالنسبة للقرار 242 حيث ظهروا في مادة اللاجئين فقط.
في 1988، بعد اربعين سنة كفاح مسلح فشل، كان الاعتراف بحق اسرائيل في الوجود في حدود آمنة معترف بها هو الذي أعاد الى الفلسطينيين الاعتراف بحقهم في دولة مستقلة، لكن احتيج الى 24 سنة كاملة اخرى كي تعترف أكثر الدول الاعضاء في الامم المتحدة بذلك. إن حقيقة ان جزء من قادة الشعب اليهودي الذي كان مفرقا مئات السنين لكنه ظل يرى نفسه في جميع اماكن شتاته شعبا واحدا له حق طبيعي في تعريف المصير ويرفضون الاعتراف بشعب فلسطيني واحد ويفضلون أن يروه مجموعات منفصلة، هي حقيقة محزنة. وعلى ذلك ولكي يكون للقمة المخطط لها احتمال ان تحرز هدفها ينبغي ان يبدأ الامريكيون تجديد الاعتراف المتبادل بين الشعبين.