نصر الله يحارب من اجل البقاء

بقلم: تسفي برئيل

تجري في لبنان منذ اسبوع حرب أهلية صغيرة. مركزها مدينة طرابلس بين منطقة جبل محسن، حيث تسكن أكثرية شيعية ومنطقة باب التبانة وأكثر سكانها سنيون. وقتل الى الآن في هذه الحرب ثلاثون شخصا وجرح نحو من 240.

ليست هذه الحرب جديدة، فهي تنشب مرة كل بضع سنين بقوة تختلف، لكن نوعها هذه المرة مختلف. إن مشاركة حزب الله الفعالة في الحرب في سورية، التي تُحدث غضبا عظيما في لبنان في المستوى الرسمي، حينما نصح الرئيس ميشيل سليمان حزب الله بان يحارب العدو الصهيوني، وفي المستوى العام لم تكن السبب الاول للحرب الطائفية في شمال الدولة، لكن حينما تطلق قذائف صاروخية من منطقة عاليه قرب بيروت على الحي الجنوبي، قلعة حزب الله في العاصمة، تتعرض الدولة لخطر نشوب حرب قد لا يُسيطر عليها.

يدير نصرالله الآن حرب بقاء، جبهتها الرئيسة في سورية في الحقيقة، لكن اذا سقط الاسد فسيجد حزب الله نفسه ليس فقط من غير طريق امداد بالسلاح، بل في مواجهة جبهتين شديدتين، الاولى دولة سنية والثانية اسرائيل. وإن تجنيده لنفسه للحرب في سورية الى جانب النظام ليس فقط تفضلا أو انتدابا من ايران، وكذلك المعركة على منطقة القصير قرب الحدود مع لبنان، التي هي طريق إمداد رئيس، ليست معركة تكتيكية فقط. إن مجرد سيطرة حزب الله السياسية على لبنان موضوع في كفة الميزان لأن حربه في سورية يعوزها الآن الأساس الشرعي، الذي هو نضال عدو خارجي، وكان يصاحب حزب الله في عمله في مواجهة اسرائيل؛ فهو لا يدافع عن مواطنين لبنانيين وليس العدو خارجيا أو محتلا لارض لبنان، وهو لا يحمي اماكن مقدسة للشيعة، وأشد من ذلك انه يدفع لبنان الى حرب قد تنتهي الى انهياره الاقتصادي والسياسي. لا توجد اليوم في لبنان قوة تستطيع منع حزب الله من ان يحارب في سورية. فلا يكاد جيش لبنان يعمل في منطقة البقاع وقد خرجت الصدامات في طرابلس عن السيطرة، وقد تبلغ المرحلة التالية الى شوارع بيروت. إن التي تستطيع صد حزب الله هي ايران، التي تريد روسيا ان تضمها الى المؤتمر الدولي الذي سيعقد في الشهر القادم في جنيف. ويبدو ان الولايات المتحدة ايضا ما زالت لم تقف على مؤخر قدميها لمنع مشاركة ايران، وذلك في الأساس بسبب دورها المتوقع في اقناع الاسد بقبول مخطط سياسي وبسبب قدرتها، بقدر لا يقل عن ذلك، على وقف سوء الحال في لبنان.

ومن هنا فان استمرار نضال حزب الله في سورية وسخونة الامر في لبنان يمنحان ايران دورا حيويا أهم كثيرا من دور دول عربية في ادارة الازمة. ويتبين للاسد فجأة ان حزب الله، الذي سيطر على تدبيراته سيطرة كبيرة، أصبح هو نفسه يشبه سير التطورات المتوقعة في سورية وهو الذي يحدد الآن وزن ورقة ايران السياسية.

يُشك والحال كذلك ان يكون لحزب الله مصلحة في فتح جبهة جديدة مع اسرائيل ومنحها ذريعة شرعية لتعمل على قواعده في لبنان، أو لتعمل حتى على قواته في سورية. إن جبهة كهذه لن تخدم ايران أو سورية. لكنه من الممكن في الوضع الحساس والهش الذي نشأ في لبنان ان توجد جهات اخرى في لبنان تريد ‘تجنيد’ اسرائيل على حزب الله، باطلاق قذائف صاروخية أو صواريخ عليه عن معرفة برد اسرائيل الآلي. أرسلت اسرائيل في الحقيقة كل التهديدات المطلوبة، بل انها عملت بحسب مصادر اجنبية داخل سورية لكنها غير معفاة من ان تفحص بالمجهر مصادر اطلاق القذائف ـ إن وجدت ـ كي لا تُدفع بنفسها الى حرب ليست موجهة عليها.

حرره: 
م.م