المشهد الإسرائيلي من 3 -10 حزيران 2013

أولا : المشهد السياسي

- جولة خامسة لجون كيري للمنطقة من المنتظر أن  تشمل الأراضي الفلسطينية وإسرائيل خلال الأسبوع الجاري لاستكمال مشاوراته مع الطرفين في استئناف المفاوضات،ويأمل كيري من خلال زيارته القادمة تحقيق اختراق في هذا الشأن رغم أنها ما زالت ضئيلة للغاية،فسيحاول كيري إقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالنزول عند تلبية بعض المطالب السريعة والملموسة كرشوة للقيادة الفلسطينية، تتمثل بإطلاق المعتقلين منذ ما قبل اتفاق أوسلو عام 1993، وتقديم شكل من أشكال تجميد الاستيطان، وتسهيلات اقتصادية،وتخفيف الإجراءات علي المعابر واتخاذ إجراءات ضد المستوطنين الذين يقوموا بالاعتداء علي الفلسطينيين العزل،مطالب كيري تستهدف وضع أسس جديدة لعملية السلام يغلب عليها الطابع الاقتصادي ترتكز حول إحداث تطور اقتصادي في الأراضي الفلسطينية من خلال توفير دعم مالي كبير للاقتصاد الفلسطيني، والعمل على إقامة مناطق صناعية في المنطقة (ج) الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية في الضفة الغربية، والتي تساوي 60 % من مساحة الضفة،خطة كيري الاقتصادية تتقاطع مع أفكار سابقة طرحها المنسق الخاص للجنة الرباعية الدولية "توني بلير" بشأن التطوير الاقتصادي في ظل غياب فرص التطور السياسي .

- علي هذه الخلفية تأتي الجولة الخامسة .خلال الأسبوع الحالي، بعد انتهاء أربع جولات مكوكية كانت حافلة بكثرة الاتصالات واللقاءات والاستماع، صاحبها الكثير من التسريبات عن المبادرة التي يطبخها جعلت من القادة السياسيين والمهتمين والإعلاميين في الجانب الفلسطيني والعربي منتظرين بترقب ما قد تسفر عنه تلك الزيارات وعن بنود الخطة التي أعدها ،في الوقت الذي قلل فيه الجانب الأخر ممثلا بالإعلام الإسرائيلي والأمريكي والكثير من الإعلاميين والمحللين وبعض السياسيين الرسميين من أهمية جهوده؛ بل وصل الحد إلي السخرية منه ومن جهوده،وأثار العديد من الصحفيين والكتاب الإسرائيليين ونظرائهم الأمريكان أسئلة كثيرة عن جدوى تلك الجهود ؟،أسئلة تحمل صيغ الاستغراب تارة، والاستهزاء تارة أخري،علي نحو كيف يهدر هذا الرجل وقته؟! وكيف يبيع نفسه والآخرين وهماً هو يدرك قبل غيره استحالة تحققه في ظل تباعد مواقف طرفي الصراع بشكل يستحيل الجسر بينها؟!.وما هو الجديد الذي تحمله خطته لإعادة الطرفين إلي طاولة المفاوضات من جديد ؟

- في غمرة هذه الأجواء السياسية،والواقع السياسي الصعب نتيجة تباعد المواقف بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي حول أسس عملية السلام وما قد تفضي لها المفاوضات، ففي الوقت الذي تصر فيه القيادة الفلسطينية علي ضرورة تحديد مرجعية واضحة للحل يقوم علي أساس حدود 1967م وقيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية،يكتفي الجانب الإسرائيلي بإعلان استعداده العودة للمفاوضات دون شروط مسبقة مع استمراره في فرض أمر واقع علي الأرض،من  خلال الاستمرار في بناء المستوطنات ،أمر واقع يحول دون إقامة دولة فلسطينية وفقا للاتفاقيات السابقة ورؤية المجتمع الدولي،وقد عبر عن ذلك بوضوح نائب وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي"داني دانون" عبر عن حقيقة الموقف الإسرائيلي الرسمي عندما قال،إن رئيس الحكومة الإسرائيلية يواصل الدعوة لاستئناف المفاوضات رغم علمه بان إسرائيل لن تتوصل معهم إلي اتفاق ،وأضاف نائب الوزير بان الحكومة لم تناقش ولا مرة العودة للمفاوضات مع الفلسطينيين ،وإذا ما تم طرحها فإنها ستجد معارضة في الحكومة،فوزراء الليكود ووزراء البيت اليهودي سيعارضوا العودة للمفاوضات علي أساس حل الدولتين،في هذا الجو السياسي الصعب  ما الذي يجعل رجل مثل كيري له من الحنكة والذكاء والمعرفة والخبرة مع استبعاد السذاجة أو ترف الانجذاب لأضواء عدسات الكاميرات بذل كل هذه الجهود الكبيرة، ويتنقل في جولات سريعة، يستمع للزعماء والخبراء ولكل الأطراف ويشرح بأناة وصبر، مستعيناً بطرح وعود غامضة، وكلام جميل عن السلام، وإن تطلب الأمر أحيانا يستحضر لغة الإدارة الأمريكية المليئة بالتهديد والوعيد والضغوط وكل ذلك مرهوناً بمن يحادث، يفعل كل ذلك رغم إدراكه التام أن إسرائيل وحكومة نتنياهو ترفض قطعياً ما يمكن أن يقبل به الفلسطينيين كحد أدنى،وكذلك الاستيطان والإجراءات الأحادية الجانب من قبل الحكومة الإسرائيلية ،وتصريحات أقطاب الحكومة وتوجهاتهم على الأرض تؤشر بوضوح علي حتمية فشل أي مبادرة سياسية حتى قبل أن تولد.

- فرغم كل هذه المعطيات المليئة بالصعوبات ،إلا أن جون كيري لم يصاب بالإحباط ولم يتسلل إليه اليأس، لأنه لا يسعى كما يروج عربياً أو كما يفهم البعض،إلى حل يفضى إلى إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية ذات السيادة على الأرض التي احتلت عام 67 وعاصمتها القدس،فجلّ مبتغاه ينحصر في أهداف آنية سريعة ممكنة، وأخرى بعيدة المدى ذات طبيعة تراكمية تنطوي على فرصة قليلة مشجعه له.

 

الأهداف السريعة لمناورات كيري تتمثل حسب أولوياتها في:

1- ترميم وصيانة حالة العلاقة الفلسطينية الإسرائيلية، لنزع شبح فتيل الانفجار والتصعيد، الذي قد يقلب الطاولة ويعيد خلط الأوراق بطريقة يصعب معها استشراف مخرجات الحالة، وذلك في ظل انسداد آفاق التسوية وفشل خيار السلام والمفاوضات يصاحبه إفلاس النهج التسووي برمته، ويعبر عن عجز القيادة الفلسطينية الرسمية عن تقديم البديل بعد أن تخلت عن كل البدائل الاخري غير المفاوضات،ولأن الواقع السياسي في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي،القائم علي أساس رفض الاحتلال ومقاومة استمراره وما يصاحبه من استيطان واعتداءات المستوطنين ونهب الأراضي ومصادرتها والإجراءات الاحتلالية كالحواجز والحصار، واقع لا يعترف بالفراغ السياسي ويمتلئ بديناميكية رد الفعل الذاتي الرافض لاستمرار هذا الواقع ، فملء الفراغ السياسي هو ما يحاول أن يقوم به كيري، وهو ما يسمى بصيانة الحالة، وهو ما اعتادت علية الإدارات السابقة .

2- إثبات الحضور السياسي الأمريكي في المنطقة عبر استمرار احتكار رعاية عملية السلام، وهو أمر لن تتخلى عنه أمريكا خدمة لإسرائيل أولاً، ولما يمثله الصراع العربي الإسرائيلي من أهمية بالغة على استقرار المنطقة.

3- ثني الفلسطينيين عن الذهاب للمؤسسات الدولية، ووقف حملة نزع الشرعية عن الاحتلال الإسرائيلي للمناطق التي احتلت عام 1967م، ويعتبر الهدف الأهم لكيري ضمن أهدافه السريعة إدخال الفلسطينيين إلى بيت الطاعة الإسرائيلي، والدخول في المفاوضات المباشرة دونما شروط أو مرجعيات أو جداول زمنية، مفاوضات مباشرة مع استمرار الاستيطان واللاءات الإسرائيلية المعلنة التي لن تؤدى إلا لشرعنة الاستيطان، وتجميل وجه إسرائيل وحكومة اليمين في حملة دعاية مجانية، وتنكل على الموقف والثوابت الفلسطينية حتى لو لم يتم فيها تقديم تنازلات رسمية،وستعزز مسيرة التطبيع الذي يعيش حالة غريبة من السيولة، ولن يكسب الفلسطينيين إلا بعض الرشاوى الاقتصادية.

 الأهداف المرحلية والبعيدة المدى فتتمثل في:

1- استثمار حالة الضعف العربية نتيجة ما تمر به المنطقة من تغييرات وعدم استقرار،وتبدل في مواقع بعض الدول،دول تراجع تأثيرها وأخري تقدم بدلا منها،قوي كانت بالأمس معادية واليوم حليفه ،مستقبل مجهول محفوف بالمخاطر ينتظر أنظمة وقوي ذات نفوذ وتأثير في المنطقة،استثمار هذه الحالة وتوظيفها على مستويين :

 الأول: إحداث مزيدا من حالة الاختراق على الجبهة السياسية العربية، كالاعتراف بيهودية دولة إسرائيل،تبادل سفراء وعلاقات سياسية واقتصادية وأمنية بين إسرائيل وبعض الدول الإقليمية، علي غرار ما تجلي كخطوة أولي وبدون مقابل من الطرف الإسرائيلي،في قبول لجنة الجامعة العربية بمبدأ تبادلية الأراضي، وإدخال إسرائيل إلى منظومة الفعل الرسمي العربي عبر بوابة الاصطفاف في الحرب ضد "محور الشر" في إطار مناورة تقوم علي أساس مقايضة المواقف والمساعدات الأمريكية، يؤدى إلى التنسيق والتطبيع مع إسرائيل، كما يحدث الآن من استحضار وتسليط الضوء على ما يطلق عليه الخطر الشيعي والمطامع الفارسية في بلاد العرب ،لفرض مقارنة سطحية ساذجة بين مطامع الإمبراطورية الشيعية الفارسية الخطيرة والشريرة على العرب، وبين "إسرائيل المعتدلة المتسامحة الراغبة في السلام والمتطلعة لتطوير المنطقة ونشر الديمقراطية فيها ،إسرائيل شمعون بيرس" الذي يذرف الدموع على دماء السوريين ويفنى وقته في جلب السلام والازدهار لدول المنطقة، وهو لا يطمع إلا بحدود آمنة لدولته تتجاوز قليلاً حدود أل 1967م .

 المستوى الثاني: ممارسة العرب في عصر قيادة قطر للجامعة العربية ،للدور الحاضن والمشجع للقيادة الفلسطينية علي اختلاف تلاوينها الأيدلوجية والسياسية"فتح وحماس وما بينهما من فصائل" وكذلك الدور الضاغط والناصح لهم بضرورة التجاوب مع الجهود الأمريكية لإحياء عملية السلام، وتسويق هذه الجهود على أنها تعكس قناعات وتوجهات حقيقية أمريكية وفرصة جادة وقد تكون الأخيرة، فلا يجب أن تضيع .

- من المؤكد أن كيري يسمع أقوالاً مشجعه من محدثيه العرب والفلسطينيين  أو على الأقل صمتاً مرتبكاً أو تحفظاً أو مطالب مخففة تحفظ ماء الوجه ولم يعد يسمع رفضاً واضحاً، فلقد اتضح ذلك من خلال شطب الرئيس الفلسطيني محمود عباس لاشتراطاته لوقف الاستيطان قبل الشروع في المفاوضات،وكذلك شطب مطلب وضوح وتحديد المرجعيات وأولويات المفاوضات،أثناء إلقاء خطابه في المؤتمر الاقتصادي العالمي في العقبة،وفى تصريحاته وتصريحات المسئولين الفلسطينيين والعرب، وكان من اللافت في هذا المؤتمر أيضا حضور كبير للاقتصاديين الفلسطينيين والإسرائيليين واتفاقهم على ما يسمى بمبادرة رجال الأعمال"كسر الجمود"، لتشجيع السياسيين من الطرفين للعودة للمفاوضات في ترجمة غامضة لسلام نتنياهو الاقتصادي وفى تبنٍ واضح لتوجهات كيري التي تتبنى طريقة الحل بالتجزئة انجاز ما يمكن إنجازه، التدرج تصاعداً وفق مقياس الصعوبة والاستمرار في التفاوض وبناء "الثقة" حتى لا ينته الأمر رسمياً إلى حل مرحلي أو مؤقت، أي إنعاش الاقتصاد والمفاوضات والأمل كبديل للجمود أو الفشل .

ماذا بعد هذه الجولات ؟؟

- ما بعد هذه الجولات،جولات أخري لن ينقطع فيها كيري عن المنطقة،وسيمارس كل الضغوط علي الطرفين حتى لو غير كل لحظه خطته وأفكاره،لتحقيق ليس فقط رغبته في إحياء التسوية بل لتحقيق أهدافه السريعة وأهدافه المرحلية ،فهو يؤمن بحل الدولتين كخيار استراتيجي لصالح إسرائيل،كيري لن يوفر فرصة ولا لقاء أو اتصال إلا ويتحدث فيها عن ضرورة إحياء عملية التسوية ، يستخدم علاقاته وقوة بلاده ونفوذها لتسخيرها في خدمة أهدافه، ففي مسار ضغوطه علي الحكومة الإسرائيلية بات يلوح بورقة، فشل حل الدولتين سينعكس سلبا علي إسرائيل الديمقراطية ،وان من مصلحة إسرائيل القبول بمبدأ حل الدولتين ،فلقد صرح كيري أمام المؤتمر السنوي للجنة اليهودية الأمريكية،إحدى المنظمات اليهودية الرئيسية في الولايات المتحدة،  ،شارحا لأعضاء المنظمة من اليهود،بأنه يتفهم خيبات الأمل من كل المبادرات التي فشلت،وحثهم للنظر في كل الإمكانيات،وأضاف أمامهم أن حل دولة واحدة ليس ممكنا لأي من الطرفين،والوضع الراهن ليس قابلا للعيش،وأضاف أن ما يحصل اليوم سيترك أثرا علي الأجيال القادمة،وشدد كيري على أنه يعتقد بان الباب لا يزال لم يغلق بعد،محادثاتي الكثيرة مع أبو مازن ونتنياهو دفعتني لان اعتقد بأنهما يمكنهما أن يكونا شريكين في السلام،تصريحات كيري أمام هذا المحفل اليهودي الهام يستهدف توضيح رؤيته القائمة علي حل الدولتين ،وتوجيه رسالة لنتيناهو مفادها انه سيعمل من خلال المنظمات اليهودية التي تستطيع ممارسة الضغوط علي حكومته .

- ستستمر الحكومة الإسرائيلية بذات اللعبة ،لعبة تحميل الرئيس أبو مازن مسؤولية الجمود في عملية التسوية ،وتصويره بأنه يتحمل مسؤولية ضياع جهود الوزير كيري،من خلال شروطه التي لن تقبل بها إسرائيل ،وعلي كيري أن يمارس ضغوطه علي الرئيس أبو مازن ،فالحكومة الإسرائيلية مستعدة للعودة للمفاوضات سريعا ودون شروط مسبقة،وفي ذات اللعبة الإعلامية التي تمارسها إسرائيل قال نتيناهو من علي منبر الكنيست باللغة الانجليزية موجها كلامه للرئيس أبو مازن "أعطي السلام فرصة"، وفي اجتماع الحكومة الأخير قال نتنياهو انه سيتحدث هذا الأسبوع مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في مسعى لإيجاد طريق سيؤدي إلى استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، من اجل التوصل إلى تسوية تعتمد على مبدأ الدولة الفلسطينية المنزوعة السلاح التي تعترف بالدولة اليهودية مع ترتيبات أمنية راسخة تعتمد على قوة الجيش،وأضاف نتنياهو في انتقاد مبطن لأقوال نائب وزير جيش الاحتلال "دانون" انه من اجل تحقيق هذا الهدف يتعين على الحكومة العمل ككتلة واحدة والتركيز على الخطوات الهامة دون الانشغال في أمور حزبية صغير، أقوال نتنياهو جاءت بعد تصريح صادر عن مكتبه تنصل فيه من أقوال نائب وزير جيش الاحتلال وقال المكتب إن أقول "دانون" لا تعبر عن موقف الحكومة وتعبر فقط عن مواقفه الشخصية تصريح يستهدف التخفيف من حدة ردود الأفعال الدولية بشكل عام والأمريكية بشكل خاص،وللتملص من تحمل المسؤولية في إفشال جهود كيري في إحياء عملية التسوية،تصريحات "دانون" خلقت حالة من الحراك السياسي في إسرائيل في المستويين الحكومي والمعارض،فقد انضمت وزيرة العدل ومسئولة ملف المفاوضات مع الجانب الفلسطيني "تسيفي ليفني" إلي مهاجمة تصريحات "دانون" عندما رفضتها وقالت أنها انسحبت من حزب الليكود لاستمرار رفضه لعملية التسوية، وتساءلت هل ستحدد مستقبل إسرائيل عناصر متطرفة من حزب الليكود،وأكدت ليفني أن الاختبار الحقيقي لنتنياهو هو بالأفعال لا بالأقوال ،وان أراد تمرير قرار حول التسوية في الحكومة فانه يستطيع ذلك،هذا وقد طال حزب العمل رئيس الحكومة نتنياهو بإقالة نائب الوزير لما لأقواله من مخاطر دولية وإقليمية ،وستجلب  الضغوط علي إسرائيل .

- الموقف الإسرائيلي الرسمي الحقيقي تجاه عملية التسوية قائم علي أساس التنصل من الالتزامات السياسية واستحقاقات عملية التسوية ،وبدلا من ذلك يقوم بتحميل الرئيس أبو مازن المسؤولية، ويبدي استعداده تقديم بعض الإجراءات التي تدخل في إطار حسن النية،خطوات إنسانية كالتسهيل علي حركة الناس بين المدن في الضفة ،الإفراج عن بعض الأسري القدامى ،ورشوات اقتصادية ،الاستمرار في تحويل عوائد الجمارك للسلطة ،تسهيلات علي دخول البضائع وتصديرها،زيادة عدد العمال من الضفة الغربية للعمل في إسرائيل ،عدم رفض خطة كيري الاقتصادية ،مع الاستمرار في الاستيطان البطيئ، ورفض أي مرجعية للمفاوضات وعدم الالتزام بحدود 67م كحدود لدولة فلسطينية مستقلة .

- من المتوقع أن يجري كيري أثناء زيارته للمنطقة عقد لقاءات جديدة مع قيادة الطرفين وإشراك بعض دول الإقليم في الجهود التي يبذلها،وسيكون للأردن حصة في هذه الجهود من خلال حضورها ،وتأثيرها علي الطرفين، ودخولها علي خط فض الاشتباك في نقاط الخلاف حول القدس والحدود ودورها الأمني في الأغوار والمعابر الحدودية .

- استحضار الإدارة الأمريكية للدور الأوربي لممارسة الضغوط علي الحكومة الإسرائيلية بالتلويح أمامها بالورقة الأوربية ،فلقد صدرت تصريحات من مستويات أوربية رفيعة مثيرة، تتقاطع مع تصريحات كيري عندما قال اخشي أن تعيش إسرائيل عزلة دولية،فلقد صرح مستوى رفيع من دولة مركزية في الإتحاد الأوروبي من خلال توجيه رسالة شديدة اللهجة نقلها لإسرائيل،قال المسئول انه يتوقع أن تدعم أوروبا الجهود الفلسطينية في مؤسسات الأمم المتحدة بشكل عام وفي المحكمة الدولية في "لاهاي" بشكل خاص، وذلك في حال فشل الجهود بتجديد العودة للمفاوضات السياسية نتيجة إستمرار بناء المستوطنات،خلفية هذا التهديد هو شعور قسم من دول أوروبا بأن خطوات حكومة إسرائيل الأخيرة وبالذات طرح خطط لبناء مئات الوحدات السكنية في أحياء "راموت، وجيلوا، وشرق القدس" تضر في فرص دعم عملية السلام وتقديمها،مسئولون كبار في القدس قالوا "لمعاريف" أن الأوروبيين حذروهم من أن أبو مازن يتوقع أن يقوم بتجديد الحملة الفلسطينية أحادية الجانب للحصول على اعتراف الأمم المتحدة بفلسطين كدولة كاملة العضوية إذا الم يتم وقف بناء الاستيطان، بل إنهم هددوا حسب قولهم من أن أوروبا ستزيد من جهودها في مقاطعة المنتجات التي تنتج في المستوطنات.

- وفي ذات الإطار دعا مسئول أوروبي الإسرائيليين، إلى الاختيار بين دولة يهودية داخل حدود خط الهدنة لعام 1948،أو دولة ديمقراطية لجميع مواطنيها على كامل أرض فلسطين التاريخية، التي لن تبقى بالطبع يهودية ،وصرح سفير الاتحاد الأوروبي المنصرف "في إسرائيل أندرو ستاندلي"، في مؤتمر صحفي بالقدس مؤخرا، أن على الإسرائيليين الاختيار بين حيفا والخليل، وقال "علينا التذكر أن إسرائيل وافقت على قرار التقسيم عام 1947،ما يعني أنها وافقت على تقسيم الأرض،ونصح الإسرائيليين بإتباع منطق العقل، وعدم الانقياد وراء رغبات قلوبهم"،وكان "ستاندلي" يتحدث في المؤتمر،حول موضوع البضائع التي تنتج في المستوطنات الإسرائيلية، وتصدر إلى أوروبا،وقال،انه وعلى الرغم من أن الاتحاد الأوروبي ملتزم بأمن "إسرائيل" ونجاحها الاقتصادي غير انه ملتزم بتمييز البضائع التي تنتجها المستوطنات،وأوضح أن سياسة الاتحاد الأوروبي تلك، لا تستهدف معاداة "إسرائيل"، وإنما إتاحة المجال أمام المستهلك الأوروبي للتمييز بين البضائع المختلفة.

ثانيا : الملف الأمني

- انتابت القيادة السياسية والعسكرية حالة من القلق والخوف علي خلفية سيطرت قوات من المعارضة السورية والجيش الحر،علي معبر القنيطرة الفاصل بين سوريا وإسرائيل الأسبوع الماضي ،سيطرة فرضت واقع امني وعسكري جديد أثار الفزع والخوف في الأوساط الأمنية والسياسية،خوف من انزلاق الأحداث باتجاه تسخين الحدود ،وحدوث اشتباكات بين جيش الاحتلال وقوات المعارضة، جيش الاحتلال أعلن عن الجولان وما حولها منطقة عسكرية مغلقة ورفع حالة التأهب في صفوف قواته في الشمال ،وطلب من سكان الجولان البقاء بجوار منازلهم ،وعلي اثر هذا الحدث قالت متحدثة باسم الأمم المتحدة اليوم، الخميس، إن انسحاب القوات النمساوية من قوة حفظ السلام التابعة للمنظمة الدولية في الجولان سيؤثر على قدرة العمليات لهذه القوة التي تراقب وقف إطلاق النار المستمر منذ عقود بين سوريا وإسرائيل،وقالت "جوزفين جيريرو" المتحدثة باسم الأمم المتحدة ظلت النمسا أساسا للبعثة، وانسحابهم سيؤثر على قدرة العمليات للبعثة، نحن نجري مناقشات معهم بشأن التوقيت، ومع الدول الأخرى التي تساهم بقوات لتوفير قوات بديلة،وعلى صلة، عبرت الخارجية الإسرائيلية عن أسفها لقرار النمسا سحب قواتها حتى لا يؤدي ذلك إلى تصعيد آخر في المنطقة، تسارع الأحداث الأمنية العسكرية في سوريا وعلي الحدود بين إسرائيل وسوريا يقلق الحكومة الإسرائيلية والمؤسسة العسكرية ،فاقتراب القتال من الحدود يدفع إسرائيل لأخذ أقصي درجات الحيطة والحذر ويتطلب اتخاذ الإجراءات العسكرية الكفيلة بحماية حدودها ومنشأتها وسكانها من مخاطر اندلاع الاشتباكات التي قد تمتد إلي داخل المناطق التي تحتلها إسرائيل ، وفي هذا الشأن صرح مصدر عسكري مسئول بان إسرائيل ستقوم بقصف وتدمير الدبابات السورية إذا ما تجاوزت الخط الأزرق الفاصل بين البلدين كما حدث قبل أيام عندما تجاوزت بعض الدبابات الخط الأزرق أثناء معركتها مع قوات المعارضة التي سيطرت علي معبر القنيطرة ،هذا وقد قال نتنياهو اليوم أثناء اجتماع الحكومة في تعقيبه علي تطور الأوضاع الأمنية في الحدود مع سوريا  قال رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو،انه تحدث هاتفيا خلال نهاية الأسبوع الماضي مع الرئيس الروسي "بوتين" وبحث معه الوضع الراهن في سوريا الذي يزداد تعقيدا،وأكد نتنياهو في مستهل جلسة مجلس الوزراء أن تفكك قوة الأمم المتحدة في هضبة الجولان يثبت حقيقة عدم قدرة إسرائيل على الاعتماد على قوات دولية من اجل ضمان أمنها،وأضاف أن مثل هذه القوات يمكن أن تكون جزءً من التسويات السياسية ولكن لا يمكنها أن تكون سندا أساسيا لأمن إسرائيل، موضحاً أن إسرائيل لن تتدخل في الحرب الأهلية الدائرة في سوريا طالما لم تتعرض لنيران من الجانب السوري.

- نتيجة استمرار تطور الأحداث الميدانية علي الساحة السورية،وانعكاس هذه التطورات علي الأمن الإسرائيلي ،تتابع إسرائيل في المستويين السياسي والعسكري كل ما يحدث هناك عن قرب، فلقد تابعت إسرائيل ببالغ الاهتمام تفاصيل المعارك التي دارت بين الجيش السوري وقوات حزب الله من جانب،والمقاتلين من المعارضة من جانب أخرفي منطقة القصير السورية،فلقد صرح ضابط كبير في جيش الاحتلال أن جيشه تابع المعارك بالتصوير عن طريق الأقمار الصناعية فوجد أن مقاتلي حزب الله خاضوا المعركة بكل قوة واقتدار،وأضاف الضابط الكبير أن المخيف لإسرائيل أن حزب الله خاض المعركة في منطقة تشبه كثيرا من ناحية التضاريس الجغرافية منطقة الجليل في شمال إسرائيل،وقال الضابط أن قيادة الجيش وضعت تقريرها أمام المستوي السياسي ليعلم تفاصيل الأمور ،وفي شان الاستعدادات العسكرية لمواجهة نشوب حرب مفاجئه مع حزب الله كشفت صحيفة "النيويورك تايمز" ،أن جيش الاحتلال نفذ هذا الأسبوع، مناورة إعداد ضخمة لجنوده، حاكت سيناريوهات قياس وتقويم لاحتمالات اندلاع حرب مع حزب الله في لبنان،وذكرت الصحيفة أنه وبالضبط مع سيطرة قوات المعارضة السورية على معبر القنيطرة الحدودي بين "إسرائيل" وسوريا في الجولان أمس الخميس، أنهى جيش الاحتلال تدريب كتائبي في قاعدة "إلكيم" المشابهة للقرى اللبنانية،وذكرت الصحيفة أن "إسرائيل" تتدرب وتستعد بشكل مستمر ومكثف على ضوء احتمالات اندلاع حرب ثالثة مع لبنان، وسط تقديرات إسرائيلية بتوجيه حزب الله 60 ألف صاروخ صوب أهداف إسرائيلية،ونقلت الصحيفة عن مسئولين عسكريين في جيش الاحتلال عملوا على استخلاص العبر من الحرب الأخيرة مع لبنان عام 2006 والتي ألحقت هزيمة نكراء بالجيش الإسرائيلي، قولهم ، "أن الجولة القادمة ستكون قصيرة ومؤسسة على القتال في المناطق المأهولة"،وقال ضابط إسرائيلي رفيع للصحيفة ، "في الفترة الأخيرة أصبحت المنازل في لبنان كما تحتوي على غرفة للضيوف كذلك هناك غرفة للصواريخ بجوارها"،وأوضحت الصحيفة أن جيش الاحتلال أعد قاعدة "إلكيم" بشكل يشابه البيئة اللبنانية، وزودها بثلاث أنفاق أرضية محصنة، كتلك التي يستعملها مقاتلي حزب الله في نقل السلاح والمؤن، وذلك لإعداد وتهيئة الجنود الإسرائيليين للتعامل مع تلك المناطق في حال اندلاع مواجهة مستقبلية.

ونقلت الصحيفة صورة تفصيلية عن التدريب الذي خاضه الجنود الإسرائيليين واستمر لمدة خمسة أيام، مشيرة إلى أن التدريب بدأ بانقضاض الجنود على موقع التدريب الذي يحاكي القرى اللبنانية مع نيران مدافع رشاشة وإلقاء قنابل، وبالمقابل تحركت ثلاث دبابات على التلال، كما قام فريق من الجنود بتمثل دور مقاتلي حزب الله، حيث انتهي التدريب أمس الخميس مساءً.

- أكثر ما يثير الخوف والرعب عند المستوي الأمني والسياسي الإسرائيلي إلي جانب حصول سوريا علي "صواريخ s300"،وصواريخ "ياخونت"وطائرات "الميج الحديثة"،تحويل منطقة الجولان إلي منطقة قتال وصدام علي طريقة حرب العصابات كما في جنوب لبنان وغزه ، وانتهاء عصر الحروب الكلاسيكية التي يتفوق فيها جيش الاحتلال نتيجة امتلاكه أسلحة تدميرية تسحق أي جيش كلاسيكي،ففي هذا الشأن ذكرت صحيفة "إسرائيل اليوم" ،تقديرات لمسئولين أمنيين إسرائيليين تشير إلى أن حزب الله اللبناني يستعد بكل طاقته العسكرية من أجل وضع موطئ قدم له في هضبة الجولان، وذلك من خلال رغبة إستراتيجية لديه مستقبلاً بالقيام بتنفيذ عمليات ضد "إسرائيل" من تلك المنطقة،وتشير الصحيفة إلى أن حزب الله في هذه المرحلة منشغلاً في القتال الدائر في سوريا من خلال إرسال مقاتليه بين فترة وأخرى، إلا أنه وبحسب المسئولين الإسرائيليين فإن الحزب ينوي القيام بذلك في الفترة المقبلة وفقاً لما أعلنه زعيمه حسن نصر الله والرئيس السوري بشار الأسد،وبحسب التقديرات الإسرائيلية فإن رغبة الحزب في وضع موطئ قدم في الجولان نابع من إدراك قيادة الحزب من أن الوضع في الجولان غير مستقر، إضافة إلى ذلك فإن الحزب يدرك تماماً أنه إذا لم يدخل هضبة الجولان ويقوم بتأسيس بني تحتية عسكرية له فإن مسلحين من المعارضة السورية سيقومون بذلك،وتشير الصحيفة إلى أن كل من إيران وحزب الله يعملان على المدى البعيد في حال سقوط نظام الأسد على بناء قوة يطلق عليها اسم "الجيش الشعبي" مبنية من السكان الشيعة والعلويين في سوريا ويبلغ عدد أعضائها الآن ما بين 100 - 150 ألف شخص من العلويين والشيعة في سوريا،ووفقاً للتقديرات الإسرائيلية فإنه على الرغم من مهاجمة "إسرائيل" لقوافل أسلحة كانت في طريقها لحزب الله فإن الأخير لن يترك فكرة نقل السلاح لمخازنه في لبنان، في حين أن الحزب قد استخلص العبر من الهجمات الأخيرة، فيما يحاول الآن القيام بطرق تهريب أكثر دقة وسرية في ذات الوقت.

- الجبهة الجنوبية ،رغم ما تمر به من هدوء شبه تام،كشفت مصادر مطلعة،أن قوات جيش الاحتلال ينقل مؤخراً براميل متفجرة ضخمة ويزرعها قرب الحدود من داخل الأراضي التي تقع تحت سيطرته العسكرية ويفجّرها في عمق الأرض،ووفقاً لشهادات سكان شمال قطاع غزة، فانه قد سمعت أصوات انفجارات ضخمة لا تعرف أسبابها وخاصةً قرب الحدود الشرقية والشمالية على الجدار الفاصل لشمال القطاع،وبينت المصادر أن الاحتلال يتخوف من وجود أنفاق في المناطق المحاذية للجدار الأمني لذلك يقوم بتفجيرات ضخمة يعتقد المواطنون بأنها ناجمة عن قصف مدفعي أو بحري أو تدريبات لجيش الاحتلال، كما يتخوّف من وقوع عمليات اختطاف لجنود إسرائيليين على حدود غزة من خلال تلك الأنفاق،وأشارت إلى أنه ربما تَرِدُ للاحتلال معلومات أو لديه شكوك حول وجود أنفاق للمقاومة في المنطقة، لذلك يقوم بعمليات التفجير بشكل شبه يومي، ويستخدم أنواع متفجرات قوية وبكميات ضخمة تعتمد على الديناميت،يذكر أن عمليات التفجير تتزامن مع عمليات توغل محدودة في مناطق تقع إلى الشرق من جنوب ووسط القطاع .

حرره: 
م.م