اذا وجدت ميزانية فسيوجد رد مناسب

بقلم: رؤوبين بدهتسور

بعد ان اطلع وزراء الحكومة على حيل الجيش الاسرائيلي الدعائية وهدفها كله الدفاع عن قدس الأقداس، أي ميزانية الدفاع، من المناسب ان نوصي بنيامين نتنياهو بأن يوزع عليهم في جلسة الحكومة التالية كتاب ‘ثمن الأمن’ (ألين إينتهوفن و ك.فاين سميث من اصدار دار نشر ‘معرخوت’ 1974). 
فالقراءة فيه ستعلمهم كيف تستطيع مؤسسة مدنية ذات تصميم ان تكف شهوة المستوى العسكري الى التسلح والاسراف، والثبات الصلب في مواجهة التخويفات الهائلة التي تصدر عنه. 
يتناول الكتاب في الحقيقة الولايات المتحدة واستقرار رأي وزير الدفاع روبرت مكنمارا على تحمل المسؤولية عن صوغ سياسة الامن القومي، لكن يمكن تطبيق دروسه هنا ايضا.
حارب الجيش الامريكي في مطلع ستينيات القرن الماضي ايضا حربا لا هوادة فيها عن نفقته، واستعمل الأداة الأشد نجوعا لمنع الاضرار به فقد عظّم الجنرالات والأدميرالات التهديد السوفييتي، وحاولوا ان يبرهنوا بالأدلة على ان الولايات المتحدة مُعرضة لخطر وجودي ولن ينقذها سوى الاستثمارات الضخمة المطلوبة لتطوير منظومات قتالية حديثة. وأصغى مكنمارا وفحص بمساعدة فريق خبراء، أكثرهم من الاكاديميين، عن كل خطط التطوير وألغى كثيرا منها. ووفر على دافع الضرائب مئات مليارات الدولارات، لكن كان أهم من ذلك أنه أوضح لضباطه الكبار من هو المسؤول عن صوغ السياسة.
والجيش الاسرائيلي عندنا لا يشمئز من الوسائل، لأن سلسلة من الحيل الدعائية لا يلائمها سوى اسم ‘دنيِّة’ ترمي الى تخويف الوزراء واعضاء الكنيست. فقد أبلغ الجيش الوزراء قبل عشرة ايام أنه لم يعد يستطيع ان يزود بـ’كامل الأمن المطلوب’. وحذر ضباط كبار من ان تقليص الميزانية ‘سيُقصر طول نفس اسرائيل
’ في الحرب القادمة وتُعرض نفسها لخطر ‘حرب أطول حتى الحسم’. وكان ذروة ذلك الى الآن كلام رئيس هيئة الاركان بني غانتس الذي قال: ‘اذا وجدت ميزانية مناسبة فسيوجد رد مناسب. واذا وجدت ميزانية ناقصة فسيكون رد مناسب لكن يبدو ان ذلك سيكون بثمن أشد إيلاما’، أي اذا تجرأتم على المس بميزانيتنا فستتحملون تبعة دماء جنود ومدنيين يفوق الثمن الضروري.
واذا كانت الرسالة لم تُفهم فقد سارع رئيس هيئة الاركان الى اعلان وقف تام لاستعمال جنود الاحتياط، ووقف التدريبات والغاء جميع تدريبات هيئة القيادة العامة، والتهديد باغلاق وحدات جوية وفرق عسكرية، والغاء شراء معدات جديدة الى سنة 2018 وغير ذلك.
ومن اجل التحلية يستل الجيش الاسرائيلي التهديد الفذ، وهو أننا لا نريد أن نبلغ مرة اخرى الى الوضع الذي كان فيه الجيش الاسرائيلي قبل حرب لبنان الثانية. هل تتذكرون؟ 
قلصتم ميزانيتنا فانظروا كيف فشل الجيش الاسرائيلي في تلك الحرب التي نشأت لجنة على أثرها وجهت إصبع الاتهام اليكم ايضا. والمشكلة هي أن هذا الزعم ليس وقحا فقط، بل هو كاذب ايضا. ففي السنوات التي سبقت حرب لبنان لم يُقتطع من ميزانية الامن بل كانت تزيد في كل سنة.
من فضلكم اذا يا وزراء الحكومة، إقرأوا كتاب إنتهوفن وتعلموا كيف يجب على المستوى السياسي أن يعامل الجيش في دولة ديمقراطية، ولا تحجموا عن ان تستوضحوا مع الجيش ما هي بالضبط ‘الحرب القادمة’، وكيف يستعد لها ولماذا ستأخذ وقتا أطول. ولا تخشوا الفحص عن خطط شرائه للمعدات فستجدون هناك قدرة كبيرة على التقليص. ولا تطأطئوا هاماتكم للجنرالات الذين يخيفونكم بتهديدات بعضها غير واقعي. ولا تخشوا ان تسألوا ضباط هيئة القيادة العامة لماذا لا يمكن زيادة النجاعة، في وقت يُخصص فيه 50 في المئة تقريبا من الميزانية للأجور وشروط الخدمة. وتحملوا في الأساس المسؤولية المطلوبة منكم فقد انتُخبتم أنتم لا رئيس هيئة الاركان لصوغ سياستنا.