بنيامين نتنياهو المتشائم

بقلم: يوسي فيرتر

في اجتماع جلسة الخارجية والأمن في الكنيست، صباح يوم الاثنين هذا الأسبوع، طلب رئيس الحكومة كأس قهوة. وكان يقصد اسبرسو، لكن النادل جلب له كابتشينو. شعر نتنياهو بالخيبة. قال وهو ينقل الكأس إلى شيلي يحيموفيتش على يمينه: «أنقل هذا إلى زعيمة المعارضة». لكن يحيموفيتش نقلت الكأس بلطف لبنيامين بن أليعزر قائلة: «وأنا أسلم الكأس لعميد السن في الكنيست». وواضح أن الكابتشينو ليس مشروب بن أليعزر. حمل الكأس بيده، وضعه أمام شاؤول موفاز وقال: «وأنا أسلم الكأس لوزير الدفاع السابق». 

فالرجال الرجال لا يشربون القهوة بالحليب. موفاز سلم الكأس لسكرتيرة تجلس بجواره. لكن السكرتيرة مدّتها نحو عضو الكنيست عومر بارليف. وسارع عضو الكنيست الجديد، ابن رئيس الأركان الثامن للجيش الإسرائيلي للقول: «أنا أحب الكابتشينو». وأشار أحدهم: «بودّي الإشارة إلى أن الكأس توقفت عند خط بارليف». وعاد نتنياهو لتناول الاكسبرسو. وحسب شهادة أحدهم فإنه قال: «أنا أشرب القهوة كما يشربونها في الشرق الأوسط». واستمرّ النقاش.
إن التذكير بخط بارليف، أحد رموز فشل حرب يوم الغفران، تداخل جيداً في الأجواء العامة للاجتماع. وكان هذا هو الحضور الأول لنتنياهو في ولايته الحالية، وبدا متشائماً وقاتماً، إن لم نقل أخروي (أبوكليبت). استمر النقاش ثلاث ساعات كرس قسم منه لعرض رئيس الحكومة. ويزعم مخضرمو اللجنة أنهم لم يسبق أن سمعوا منه تقريراً عديم الأمل، ومن دون نقاط ضوء ومخارج كهذا. ربما عدا القول بأن قدرات إسرائيل الدفاعية تطوّرت جداً، ولكن ذلك كان مرافقاً لقوله: «إسرائيل هي الدولة الأشد تعرضاً للمخاطر على وجه الأرض»، على أيدي «مئة ألف صاروخ» وأنه إذا وصلت منظومات السلاح التي يجري الحديث عنها إلى سوريا ومنها إلى حزب الله، فستجد إسرائيل نفسها تحت خطر دائم للمساس «بحركتها البرية، البحرية والجوية». 
وساعده في ذلك رئيس لجنة الخارجية والأمن، أفيغدور ليبرمان. وحسب بعض أعضاء اللجنة، فإن الرجلين الأول والثاني في قائمة«الليكود بيتنا» تنافسا فيما بينهما على إثارة أجواء الرعب في الغرفة. وإذا كان نتنياهو قد ترك ثغرة ما أو صدعاً في وصفه للمخاطر الإقليمية والكوارث التي تنتظرنا، فإن ليبرمان يسارع لسد الثغرة. لقد أكملا أحدهما كلام الآخر، بتناسق تام. مثلاً، عندما ذكر نتنياهو التظاهرات في تركيا، قام ليبرمان الذي عارض في حينه الاعتذار الإسرائيلي لأردوغان، بالثناء عليه. وعندما تحدث الأول عن المخاطر على الحركة الجوية، جسّد الثاني ذلك بالحديث عن أن كل طائرة ستقلع أو تهبط في مطار اللد ستكون عرضة لمخاطر صواريخ إس 300
وتحدّث نتنياهو عن التخندق في سوريا وعن أن نظام الأسد يسلم أو سيسلم لحزب الله أسلحة لم يتجرأ أبداً في الماضي على نقلها، وعن انعدام الاستقرار في مصر، وتسرّب خلايا إرهابية إلى سيناء والضعف الاقتصادي في الدولة، وكذلك عن الأزمة الاقتصادية في الأردن، وغرق الأردن باللاجئين السوريين والمخاطر على الحكم في المملكة. وقال «أنا مع تقديم كل دعم ممكن للأردن للحفاظ عليه».
كما أن القسم المتعلق باستعراضه للمحاولات الأميركية لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين لم يفرح قلب مندوبي اليسار في اللجنة. صحيح أنه دفع ضريبة كلامية لمبادرة الجامعة العربية حين قال «بالوسع الحديث عنها»، لكنه لم يكن شك لدى الحضور بأن الفوضى تعمّ المنطقة، ولا جدوى من السير ولا شريك تسير معه.
وأشار نتنياهو لطلب تسلمته إسرائيل مؤخراً للسماح للأردنيين بتسليم السلطة الفلسطينية أسلحة خفيفة وناقلات مدرعة عدة، لاستخدام قوى الأمن في الضفة. وقال إن إسرائيل لم توافق على الطلب حتى الآن. واشتكى الزعيم من أن «كلما نال الفلسطينيون شيئاً، طالبوا بالمزيد». وحاول بنيامين بن أليعزر حثه: «اتخذ قرارك. قرر ما تريد فعله. المهم أن تقرّر! لا تنتظر، لا تنتظر. أنت تعلم أنني أعرف عمّ أتحدث. فقط أنت المسؤول عما يجري هنا. لا تنظر يميناً. لا تنظر يساراً. أنت الرجل وأنت المسؤول». 
وسألت يحيموفيتش: «هل هذه المدرعات والبنادق تعرض للخطر أمننا أم أنك تخشى أن يتهموك بأنك قدم لهم البنادق؟».
ويتذكر أعضاء اللجنة القدامى السنوات الأولى للكنيست 18 والمشاهد القاسية بين نتنياهو وتسيبي ليفني، عندما كانت زعيمة المعارضة، ويرون أن علاقاته مع يحيموفيتش أفضل بكثير، الأمر الذي غذّى إشاعات سنتابعها لاحقاً. وفي الولاية السابقة، حينما كان نتنياهو يدخل الغرفة ويرى ليفني، كان يتصرف كقنفذ. كانت تكمن له، طافحة بالغضب والضغينة، وحينما يصل دورها لكلام كانت تصليه برشقات سامة من التحقير والاتهامات. مع يحيموفيتش الأمور ألطف. صحيح أنها شرعت بالكلام أكثر عن الشأن السياسي، لكن لا ينبغي أن تكون جهاز كشف الأعماق لتدرك أنها ليست متحمّسة لذلك.
وبالمناسبة، سألت وزيرة العدل ومديرة المفاوضات السياسية غير القائمة، إن كان في ضوء الأجواء العامة في الائتلاف، وإعلان نائب وزير الدفاع داني دانون أن الحكومة لن تؤيد حل الدولتين وإنشاء لوبي أرض إسرائيل بتأييد من عشرة وزراء بينهم عدد من الليكود، وتخلي نتنياهو عن البيان المعتدل عشية زيارته لبولندا، وتأجيل زيارة وزير الخارجية الأميركي، فهل أنها، والمناصرة الوحيدة للعملية السياسية في الحكومة، تقترب من المرحلة التي تعلن فيها يأسها.
ردت ليفني: «أنا لست في يأس. أنا أصارع. ومن المهم لي أن «هناك مستقبل» يشارك في هذا الصراع، إلى جانبي».
هل تحدّثت في الأمر مع يائير لبيد؟
÷ «تحدّثت، ويفترض أن نجلس قريباً ونتحدث بعمق».
ثمة انطباع بأنه غير مهتمّ بالموضوع، وإذا حدث، فإنه ليس بجانبك، كما عرفنا من مقابلته مع نيويورك تايمز.
÷ 
قالت ليفني متعبة: «في المعركة الانتخابية قال بأنه لن يجلس في حكومة لا تعمل من أجل السلام. وأفترض أن السياسة الجديدة ليست عدم الوفاء بالوعود». 
لكنني لم أذكّرها بوعودها في الانتخابات. فالأمر أيضاً غير سهل عليها.

 

حرره: 
م.م