نهاية الدولة اليهودية: يُضحّون بتل أبيب مقابل ضم "يهودا" والسامرة" !

بقلم: أمنون سوفير
في مؤتمر الرئيس 2013 انشغلوا في جوانب مختلفة من "الغد": "هل يوجد احتمال لغد أخضر؟"، "تعليم في اختبار الغد"، "اقتصاد الغد"، "غد الزعامة"، "غد المجتمع الاسرائيلي" – وان لم يكن غداً، فبعد غد. نوعان من "الغد" لدى الرئيس يقتربان من نوعين من "الغد" لدي. نوعا الغد لدي لا يطرحان اليوم في مثل هذه المؤتمرات. فهما مقلقان ويستوجبان حلولاً سريعة، ولهذا فإنهما غير شعبيين. كم سهل الانشغال بالغد البعيد، بل والبعيد جداً، وعندها فإن شيئاً لا يعود يلزمك بأن تتخذ فعلاً ما منذ الأسبوع القادم.
في غدي، لنفترض بعد سبع سنوات، سنة 2020، ارتفع في مروحية الى مدى 2000 متر فوق بئر السبع فتظلم عيناي. أرى دولة بدوية من نحو 300 ألف نسمة تختلف معاييرها الأخلاقية عن المعايير الأخلاقية لدولة اسرائيل – في الثقافة، في القوانين، في القضاء، في مصادر الرزق، في الانتشار الجغرافي، في الدين، في اللغة، في الموقف من النساء، في تعدد الزوجات، وفي فهم الجيرة. اليهود لا يأتون إلى هذه الدولة، ولهذا فإن خطة الجيش الإسرائيلي "للهجرة إلى الجنوب" لم تتحقق، بل ولن تتحقق. أما قدامى النقب فهم الطريق إلى تل أبيب- عن حق – فهم أيضاً يستحقون راتباً جميلاً، أماناً اقتصادياً، ثقافياً وشخصياً، وكرامة. من خطط لزيارة ممشيت وعفيدت سيخيب ظنه عندما يتبين له أنه في هذه الأماكن الخاصة توجد اليوم بلدات بدوية كبيرة، ولديهم كواشين تثبت ملكيتهم الأرض منذ عهد النبطيين.
كيف سيبدو الغد في منطقة تل أبيب؟ في 2020، حين سيصبح سديه دوف حياً من 4 مليون نسمة، وبي - جليلوت سيسكن فيها نصف مليون نسمة، ونطاقات رمات هشرون يسكنها نصف مليون آخرون، عندها سيثور التحدي: كيف سيتحرك مليون وربع المليون يهودي من هذه النطاقات في سياراتهم نحو تل أبيب، أو إلى أي مكان آخر؟ إنهم لن يصلوا إلى أي مكان، والقطارات لن تكون بديلاً. الأمة التل أبيبية ستجد نفسها عالقة في الطرقات، غاضبة، مغيظة ولا تؤدي مهامها. يوجد اليوم حول تل أبيب الكبرى نحو 20 ألف دونم من الأراضي الزراعية. وهذه لن تكون في العام 2020. وإذا كان كذلك، فعن أي "غد أخضر" تحدثوا في مؤتمر الرئيس دون أن يطمسوا ويداهنوا؟ أي غد اجتماعي ينتظر سكان اسرائيل في 2020؟
في العام 2020 ستكون قطاعات "يهودا" و"السامرة" جزءاً لا يتجزأ من إسرائيل. في واقع الأمر فقط مناطق "ج". الى جانبها ستكون نحو مائة بانتوستان فلسطيني، وستكون أحزاب اليمين سعيدة. ولكن الأسرة الدولية كلها ستتهم إسرائيل بالابرتهايد، وستكون لهذا آثار دراماتيكية. وإذا ما جرت انتخابات، ستظهر الحقيقة المرة – حانت نهاية الدولة اليهودية. لن تجدي المتدينين الوطنيين والأصوليين كل صلواتهم. فمثلما في العام 1939 لم يقف الباري عز وجل الى يميننا، هكذا سيكون هذه المرة أيضاً، وهذا سينتهي بالمصيبة. في هذا امتنعوا عن البحث في مؤتمر الرئيس، لأن هذا ليس موضوعاً ذا صلة، ليست له آثار اقتصادية، ديمغرافية، اجتماعية، وخضراء.
في 2020 "فتيان جباية الثمن" لن يعتبروا هامشيين غريبي الأطوار في المجتمع، بل سيكونون وسط الإجماع. مؤتمر الرئيس يمقت هذه المواضيع.
وبالنسبة لاقتصاد الغد، لماذا انتظار الغد، إذا كان تقرر منذ اليوم بانه من الآن فصاعداً لا مكان للمحيط؟ فلتحيَ دولة تل أبيب! فلتحيَ الرأسمالية الخنزيرية! العار للطبقة الوسطى والطبقة الدنيا، العار للعدالة الاجتماعية! ولماذا البحث في الغد، إذا كانت منذ اليوم لا توجد زعامة، ولا توجد قدرة على الحكم، ولا توجد قدرة على اتخاذ قرارات، ولا يوجد قانون وقضاء في أكثر من 80 في المائة من "أراضي اسرائيل"؟
القدس غداً؟ معدل اليهود فيها اليوم هو 61 في المائة، أما في 2025 فسيقل معدل اليهود إلى 50 في المائة. معدل الصهاينة في عاصمة اسرائيل اليوم هو 25 في المائة، أما في 2025 فسيهبط الى 20 في المائة. في هذا لم يبحثوا في مؤتمر الرئيس 2013. فعن أي إصلاح للعالم تحدثوا هناك؟
والغد في الجليل؟ في مركز الجليل يسكن اليوم فقط 22 في المائة يهود من عموم السكان، الذين معظمهم مسلمون. أناس غير واقعيين في معاهد الديمقراطية والسلام يريدون أن يسكن هؤلاء المسلمون في متسبيه هجليل. أفليس هذا جديراً بالاستيضاح في مداولات مؤتمر الرئيس لشؤون الغد؟ من الواضح لكل من له عقل، أن الجليل غداً هو جليل عربي، في المنطقة التي وعد بها الفلسطينيون في 1947.
بدون النقب، بدون القدس، بدون الجليل، ولكن مع ضم مناطق "يهودا" و"السامرة" بـ 2.5 مليون مسلم فيها، فان الغد في 2020 هو مدينة – دولة اسمها تل أبيب، وبصفتها هذه، حتى 2035 ستحلّ نهايتها، وعندها لن يكون أي مؤتمر غد يهودي في "بلاد إسرائيل".
للحظة فكرت بأن مؤتمر الرئيس 2013 هو مهرجان، ولكني رأيت أنه يجلس هناك أناس بربطات عنق، شهيرون – بينهم بعض أصدقائي – بسيماء من الجدية. كيف وافقوا على هذه الثرثرة والهروب من النقاشات في المواضيع الحقيقية والمصيرية لاسرائيل؟.

حرره: 
م . ع