نحن لن نسقط زعماء في الشوارع

بقلم: روبيك روزنتال
هبة حمدي أبو سيف، الصحافية المصرية التي أسرت قلوب الكثيرين في حديثها في القناة 10، دعت الشعب الاسرائيلي الى العمل مثلما يعمل ‘الشعب المصري’.
اذا كنتم غير راضين عن نتنياهو ولبيد، ‘فاسقطوهما’. اما المشاهدون فعلى اي حال ابتسموا بتسامح. فنحن في اسرائيل نعرف ما هي الديمقراطية. وفي الديمقراطية لا يسقط الناس الحكم في الشوارع.
احداث التحرير في مصر اثارت من جديد الحماسة في النقاش حول جوهر الديمقراطية. فمن جهة، هبة محقة. ما وقع في ميدان التحرير هو خلاصة الديمقراطية: الشعب خرج الى الشوارع مرتين كي يسقط طاغيتين.
في المرة الاولى، طاغية لم ينتخب ابدا. في المرة الثانية، طاغية انتخب في انتخابات حرة، ولكن سلوكه وخطاه كانت طاغية. ان روح الديمقراطية هي ظاهرا الانتخابات الحرة، ولكن الانتخابات الحرة في الحالة المصرية خلقت وضعا يتناقض مع مبادئ الديمقراطية، وذلك لان الديمقراطية ليست فقط انتخابات حرة.
الانتخابات الحرة هي أداة، وروح الديمقراطية هي الهدف. اذا لم تحقق الانتخابات الهدف، فالناس ستبحث عن أداة اخرى. هذا هو موقف هبة وموقف المتظاهرين الذين يحتفون في الميدان. الديمقراطية في باقي العالم لم تجد طريقة افضل من الانتخابات الحرة. ولكن هذا لا ينبغي أن يصرفنا عن التحدي الذي طرحته هبة.
نعم نحن لن نسقط نتنياهو ولبيد في الميادين. ولكن ما هو حقا تأثير الشعب على ما يفعله زعماؤه؟ هل الطريقة الديمقراطية، التي تقوم على أساس الانتخابات، تخلق حقا آليات تأثير على الواقع؟ يخيل أحيانا ان الديمقراطية عندنا، وبفوارق غير كبيرة ايضا الديمقراطيات في اوروبا، تعمل حسب الطريقة العسكرية المعروفة في التغيير.
فما هو حقا تأثير ‘الشعب’ على المسيرة السياسية، على شن الحروب، على حجم البناء في المناطق وعلى حل النزاع؟ الحالة الوحيدة التي دفعت فيها أجواء شعبية الى الحرب كانت فترة الانتظار ما قبل الايام الستة، والحرب كانت ستندلع على أي حال. المسيرة السلمية مع مصر احدثها غير الاسرائيلي أنور السادات. اما اوسلو فأحدثها اسحق رابين بدعم اوروبي وأمريكي. والمسيرة لم يوقفها الشعب بل ارهابي يهودي وحيد، حتى وان كان عمل في اجواء جماهيرية نازفة.
ما هو حقا تأثير ‘الشعب’ على الاقتصاد؟ قبل سنتين خرج الاحتجاج الشعبي الاكبر والاكثر تأثيرا الى الشوارع. فماذا تبقى منه؟ وزير الدفاع الذي صعد على موجة الاحتجاج سرعان ما انسجم في خطه مع المسار الآمن للاقتصاد الاسرائيلي منذ الازل: الرأسمالية المعتدلة وسياسة الرفاه المشوشة. كل ما تبقى هي صفحات اكسل لموظفي المالية، والحركات الى الاعلى والى الاسفل من جانب المحافظ في تحديد نسبة الفائدة.
ما هو حقا تأثير ‘الشعب’ على الوضع الراهن في مواضيع الدين والدولة؟ على وضع عرب اسرائيل؟ على وضع المحيط؟ حكومات تأتي وتذهب وكريات شمونا تبقى في بؤسها وبطالتها.
نحن لن نسقط زعماء في الشوارع، ولكن في لحظة الوعي يخيل أن السياسة و’الشعب’ يسيران في الديمقراطية الاسرائيلية في خطوط موازية لن تلتقي ابدا. الفارق الوحيد بينها وبين ما ليس ديمقراطية هو ان السياسيين يأتون ويذهبون، واولئك الذين يذهبون لا يلقى بهم (بشكل عام) الى السجون، بل يتوجهون للعمل في بيوتهم.
معاريف