على نتنياهو أن يقلد الزعماء الكبار

بقلم: نحمان شاي

وُجدت اسرائيل 65 سنة بلا استفتاء للشعب وتستطيع ان توجد 65 سنة اخرى في أمن بل في سلام من دون ان يُطلب الى مواطنيها اتخاذ قرار جماعي في شأن واحد ما في جدول العمل. ولماذا؟ لأن المواطنين يُدعون في كل اربع سنوات بل في كل ثلاث احيانا الى التعبير عن رأيهم في الدولة وسلوكها في صناديق الاقتراع. وفي تلك الفرصة يقررون أي الاحزاب وأي القادة سيقودونهم. ونُذكركم بأنه في المعركة الانتخابية توضع للقرار ايديولوجيات مختلفة وبرامج حزبية متنوعة ايضا. وهكذا نستطيع في ‘سوق الآراء’ ان نقرر القرار الأنسب. ولم يزعم أحد الى الآن أن هذه المعركة ليست بمنزلة مجس دقيق فوري للتعبير عن المزاج العام وبيان الطريق الذي ستسير فيه الدولة.

ستتم اجازة الميزانية العامة للدولة هذا الاسبوع. وأنا أعتقد انها ميزانية قاسية بلا رحمة، تُضعف التكافل الاجتماعي الذي هو أحد الأسس الحيوية للمجتمع. وهي ذات صلة بكل واحد وواحدة منا. فلماذا لا نطرحها لاستفتاء الشعب؟ أنا على يقين أن الاسرائيليين يُفرحهم التعبير عن رأيهم فيها لو سُمح لهم بذلك. لكن الحكومة تعتقد أنه فُوض اليها ان تدير امور الدولة. وقد لا يكون تفويضا كاملا لأنها تريد الآن ان تُقوي القدرة على الحكم. ويلاه، كيف لم أفكر في ذلك، أليس قانون القدرة على الحكم موضوعا مناسبا لاستفتاء الشعب فيه؟ يستطيع كل مواطن ومواطنة وبحق أن يطلبا حقهما في التعبير عن رأيهما في أنه هل الحكومة قادرة على ان تحكم أو ينبغي تقوية سلطاتها.

اذا سرنا في هذا الطريق فسنعود الى ‘ميدان المدينة’ اليونانية. فقد كان السكان كما تعلمون يجتمعون آنذاك ويتخذون معا قرارات بأكثر الاشكال ديمقراطية. لكن البشر زادوا منذ ذلك الحين وأصبحت الميادين قديمة وورثت مكانها طرق جديدة لاتخاذ القرارات أهمها الانتخابات في الدول الديمقراطية.

صحيح أننا نواجه قرارا حاسما تاريخيا. قد يكون وزنه مشابها لقرار بن غوريون والقيادة السياسية العسكرية في 1948 على اعلان انشاء الدولة. كان هذا القرار يمكن ان يفضي الى ضياع الوطن اليهودي الجديد في ارض اسرائيل قبل ان ينشأ. وكان بن غوريون هو بن غوريون، واتُخذ القرار وكانت الحرب شديدة وعدد الضحايا هائلا (1 في المئة من عدد السكان العام)، لكن أصبح لنا دولة بفضله.

يجب على بنيامين نتنياهو ان يسير في طريق بن غوريون الممهد، وطريق بيغن ورابين بل باراك واولمرت (الذي لا يحبه حبا خاصا). فحينما بلغوا الى مفترق قرارات تاريخية أجروا محاسبة للنفس شخصية وسياسية، ووضعوا مستقبلهم في كفة الميزان لكنهم أدركوا أنهم اذا لم يقرروا فلن يوجد آخرون في اماكنهم. ويقترب نتنياهو من هذه القرارات وله تأييد واسع من الجمهور وإن لم يتم قياسه في الاسابيع الاخيرة. وله تأييد واسع في الكنيست وله ائتلاف حكومي بكل تركيبة يشاء.

لا يحتاج في هذه الظروف الى استفتاء الشعب بل الى ان ينظر فقط من ديوانه الى سلسلة صور أسلافه المعلقة هناك وأن يقرر أن هذا هو الطريق.

حرره: 
م . ع