لم نُشف، لم نغفر

بقلم: رون كارمن
منذ اللحظة التي سُمع فيها رنين النصر الأجوف لوزير الخارجية الأميركي، جون كيري، بأنه نجح في جعل الطرفين يعودان للمحادثات للمرة التي لا يعلم أحد كم هي، بدأ "قاتلو ما قبل أوسلو" يحصون الأيام المتبقية حتى الافراج عنهم. وفي الوقت الذي يحاول فيه الساسة ان يُبينوا كم أصروا على موقفهم، يعلم كل صاحب عقل ان الحديث يدور عن عرض باطل، وإن نهاية الطريق معروفة سلفاً.
إنهم يمسون بضحايا "الارهاب" مرة اخرى، وعلى مذبح انتهازية كل واحد من ذوي الصلة بالأمر، هذه المرة. إن حكومة الولايات المتحدة، التي لم تنجح الى اليوم في حل ازمات داخلية أو عالمية أو الدفع بها قدماً، تضغط على الحلقة الضعيفة، على اسرائيل، لتحريك أشرعتها. وفي مقابل ذلك يمسك الساسة الاسرائيليون بجانبي المذبح، ويتابعون التلاعب بمواطني اسرائيل. تلاشى محاربو "الارهاب"، بمن فيهم المحارب بنيامين الشاب الذي كتب قبل ثلاثة عقود الكتاب (بأل التعريف) الذي يُبين كيفية مكافحة "الارهاب". وتشارك وزيرة القضاء، التي حلت وأنشأت أحزابا في طريقها إلى كراسي الحكم، في هذه الرقصة المزيفة. ومن الجهة الثانية يتلقى أبو مازن البشارة التي يرجوها كثيراً وهي الإفراج عن "قاتلي ما قبل أوسلو".
بعد الإفراج عن 22 "مخربة" مقابل شريط مسجل وعن 1027 "قاتلاً" عاد فريق منهم للاشتغال بـ "الارهاب" وسُجن فريق آخر من جديد، يبدو أن الافراج عن 103 من "قاتلي ما قبل اوسلو" هو انجاز بالنسبة لحكومة اسرائيل، لأنه يُفرج الآن عن 10 في المائة فقط من عدد الذين كانوا في الصفقة السابقة (يذكر الفلسطينيون الافراج عن 350 مُداناً بعد انتهاء الجولة الحالية).
حينما تعلن المسؤولة عن التفاوض، وزيرة القضاء – أي رئيسة جهاز العدل والاخلاق – في صفحتها في الفيس بوك "سنحافظ على المصالح القومية والامنية" أخشى ألا تتجاوز السيدة لفني في هذه المرة ايضا سلوكها، وكما لم يُنه "القتلة" قضاء عقوبتهم التي حكم بها عليهم الجهاز الذي تترأسه، ستتضرر أيضا مصالحنا وأمننا جميعا.
إن عائلات القتلى تحرق أنيابها مرة اخرى، وتزور قبور الأعزاء عليها، وتدفع الثمن مرة اخرى. فقد أصبحنا على مر السنين رملا وهباءً يمكن نثره بلا جهد. نحن، دافعي الثمن الأفظع، يسهل ويحل التضحية بنا والتلاعب بنا. أوليس الحديث يدور عن قتل وقع قبل عشرات السنين وقد شُفيت تلك العائلات بيقين من "مرض الثكل" ذاك.
لا يا سيدي رئيس الوزراء، لم نُشف، ولا يا سيدتي وزيرة القضاء، لم نغفر، آمنا بأن جهاز القضاء سيحافظ على كرامة الموتى بعد أن لم يحافظ جهاز الأمن على أعزائنا أحياء؛ وأنت يا سيدي وزير الخارجية الأميركي، يا سيد كيري، متى أفرجت حكومة الولايات المتحدة مقابل سخافة عن "مخربين" بعد ان حُكم عليهم بالسجن المؤبد؟.
يستلقي القتلى عند أقدامنا الذين سفك دمهم اولئك الأعداء الذين لا يُسلمون بحقيقة أننا نعيش في دولتنا. الأعداء الذين ما زالوا بعد انسحابنا من غزة يضروننا بصورة أشد وأبعد. ويعترض قادتهم الذين ما زالوا يسممون أبناءهم في كل يوم وفي كل ساعة على وجودنا ويتمنون اليوم الذي يعيشون فيه في منطقة خالية من اليهود. حاول هؤلاء السجناء ونجحوا في القتل منا، فالحديث لا يدور عن إفراج عن سجناء سياسيين كما هي العادة في العالم. إن الافراج عن المذنبين من قتلة الاسرائيليين – من الاولاد وكبار السن – مؤامرة على كل أساطين العدل والاخلاق، ويجب ان يقوم السلام على هذه القيم السامية، وليس هذا هو الوضع في منطقتنا.
إسرائيل اليوم