تحرير السجناء الفلسطينين.. غباء حكومي

بقلم: بن – درور يميني
روى لي صديق له صلة شخصية قريبة بالموضوع بأن أحد المحررين قتل أماً حاملاً وابنها الصغير أيضا. ولم يعتقل إلا عندما كان في طريقه الى عملية أخرى. هؤلاء (...) قتلوا وفي الوقت ذاته حظوا بمنتجع وظروف كانوا في غوانتانامو وابو غريب يحلمون بها فقط، وكذا يكتسبون هنا التعليم العالي (المساق الشعبي لديهم يعنى بقتل الشعب، في اطار الجامعة المفتوحة)، وفي نهاية المطاف يخرجون مع ابتسامة على الوجه.
في الخارج تنتظرهم مسيرات نصر. فهم "مقاتلو حرية" ودوما سيخرج احد ما يكرر الكذبة بأن اليهود ايضا، الذين كافحوا ضد الانتداب كانوا ارهابيين. نصف الحقيقة أسوأ من الكذب، ففي الصراع ضد البريطانيين كان ثمة ارهاب، ولكنه كان شاذا. معظم الحاضرة كانت ضده. فالحاضرة لم تؤيده، ولم تموله. اما لدى الفلسطينيين، فالقتلة أبطال. ليس فقط ينتظرهم الشرف، بل وايضا مال غير قليل تراكم من دفعات شهرية وثابتة، على حساب دافعي الضرائب في اوروبا، مما ينقلون من أموال الى السلطة، التي تحوله لكل قاتل كريه يمكث في السجن.
السلام، كما ينبغي القول، يفترض ايضا العض على الشفتين. عندما يتم تغيير المقدمة، من حرب الى مصالحة، يخرج القتلة الى الحرية. غير أن هؤلاء الاشرار، معظمهم على الاقل، لم يقاتلوا في سبيل التحرير ولا في سبيل وقف الاحتلال. فقد قاتلوا ضد مجرد وجود اسرائيل. خروجهم لا يرمز الى تغيير المقدمة. بل يرمز الى مرحلة انتصارهم، حيث ان القلب يتفطر. يخرجون الى الحرية، يضحكون علينا، وفي الوقت ذاته لا نحصل على مصالحة.
حكومة ذكية كانت ستتخذ طريقا آخر. تريدون تحريرا؟ تفضلوا. مع حلول السلام سيتحررون. ليس دفعة واحدة بل بالتدريج. عندما يتبين أن المحررين يتجهون نحو المصالحة، وليس نحو التحريض، وليس لمواصلة "الارهاب"، سيتحرر المزيد فالمزيد. وان كان مع خبطة في القلب، ولكن على الاقل مع مبرر وأمل.
هذه ليست قصتنا. "تحرير السجناء" أصبح شعارا آخر لاحدى البادرات الطيبة احادية الجانب. إسرائيل الغبية تفعل كل ما لا ينبغي من أجل السلام، مثل تحرير قتلة قبل السلام، بل ولا تفعل ما ينبغي، مثل وقف البناء خلف خط الفصل.
هذا الطقس، المتمثل بتحرير القتلة، اصبح أمرا اعتياديا. موجة تلو اخرى. في التسعينيات كانوا يسمون هذا "خطوات لبناء الثقة". ولكنها لا تبني أي ثقة. هي تبني موجة التحريض التالية التي من شأنها أن تجلب في أعقابها موجة "الإرهاب" التالية. السلام لا يخرج من هذا. جائزة لـ "الارهاب" فقط. لا مصالحة. لا شيء.
غير أننا في غبائنا أدخلنا أنفسنا في فخ. لان هذه اللعبة ليست كيف نجد الطريق الى الحل الوسط، وكيف ننزل عن شجرة حق العودة، شجرة بلاد اسرائيل الكاملة، شجرة ملك أبنائنا واجدادنا المقدس. اللعبة الوحيدة في المدينة هي كيف ننقل المسؤولية عن الفشل الى الطرف الاخر. ولما كانت هذه هي القصة، ولا يوجد شيء غيرها، فانه ينبغي بذل كل جهد لان نتخذ صورة الطرف الذي يبدي النية الطيبة. هكذا بحيث يقف وزراء الحكومة امام خيارين، أحدهما أسوأ من الاخر. التحرير هو عار ومشكلة، ولكن التصويت ضد التحرير هو مشكلة اكبر.
في سلوك أكثر حكمة بقليل كان ينبغي اتخاذ خطوات من أجل السلام وليس من أجل تشجيع "الارهاب". ولكن الحكومة الغبية التي تصر على استمرار البناء على كل تلة عالية، كخطوة هادمة للسلام، تضطر الى التصويت الى جانب تحرير قتلة، خطوة اخرى ليس لها اية صلة بتقدم السلام.
يوجد خيار آخر: التصويت من اجل التحرير، واضافة قرار احادي الجانب بتجميد البناء خلف خط الفصل. وعندها اشتراط الرزمة المغرية بتحرير بولارد. إذ لا يوجد اي احتمال للحصول على مقابل من الفلسطينيين – لا مصالحة ولا ثقة. وبالتالي فاذا كان الأميركيون يجبروننا الى هذه الخطوة، فليقدموا هم المقابل، واذا رفضوا، فان المسؤولية عن النتائج ستكون عليهم، وليس على اسرائيل.