"حماس" المضغوطة قد تحطم الأواني في وجه اسرائيل

بقلم: اليكس فيشمان
في الأيام الأخيرة من شهر رمضان دخل الى اسرائيل بين 170 الى 200 الف فلسطيني من سكان الضفة. وقد أمضوا أوقاتهم في المجمعات التجارية، على شاطئ البحر، وزاروا الأصدقاء والأقارب. عشرات آلاف السياح الفلسطينيين كانوا في اسرائيل. لا شكاوى، لا حوادث، لا عنف، مثلما في السنوات البعيدة ما قبل الانتفاضتين. وقد انتهجت الإدارة المدنية وقيادة المنطقة الوسطى تسهيلات في المعابر بمناسبة العيد، وتدفق الفلسطينيون بجموعهم. التجار في المجمع التجاري في المالحة كانوا جاهزين لان يبقى رمضان الى الأبد.
غير أن رمضان يوشك على الانتهاء، ومعه ستختفي أيضا الصور الشاعرية. تاريخيا، الأسبوع الأخير من رمضان هو بشكل عام أسبوع جد إشكالي في مجال صعود التوتر وعمليات "الإرهاب". فالحماسة الدينية تصل ذروتها، وفي فرقة "المناطق" رفعوا التأهب منذ الآن.
الأميركيون هم أيضا، لأسباب اخرى، رفعوا مقياس التوتر في المنطقة حين أغلقوا سلسلة طويلة من السفارات في شمال افريقيا وفي الشرق الأوسط، بما في ذلك اسرائيل. موظف أميركي ما اتخذ قرارا هستيريا، جارفا، يحدد اسرائيل كدولة عاجزة في مجال مكافحة "الإرهاب"، تماما مثل ليبيا، مصر، وتونس. وكأن "الجهاد العالمي" يتجول عندنا في الشوارع.
يرفع الاميركيون التوتر في المنطقة بيد فظة فقط لأنهم اكتووا باللظى. قبل سنة، قبيل 11 ايلول، جمعت وكالة الاستخبارات الأميركية المركزية (NSA) معلومات عن عملية محتملة في السفارة الاميركية في ليبيا. وقد أدت معالجة إهمالية من جانب وزارة الخارجية لهذه المعلومات الى موت اميركيين، بمن فيهم السفير الاميركي في ليبيا، كريستوفر ستيفنس، في هجوم لإحدى مجموعات "الجهاد العالمي" على السفارة الأميركية في بنغازي. وأخفت وزارة الخارجية الأميركية، كذبت، تورطت، والآن تستخلص دروسا جارفة.
إذاً، يبحث الأميركيون الآن في المعمورة عن خلية لـ "الجهاد العالمي". في القيادة الوسطى يبحثون في الضفة عن خلية مستقلة او منفذ وحيد يخططون لعملية اختطاف أو قتل. وفي القيادة الشمالية يستعدون لاحتمال أن تحاول منظمة متفرعة عن "الجهاد العالمي" تنفيذ عملية على الحدود الشمالية أو إطلاق نار صاروخية نحو اسرائيل. ولكن التركيز، النظرة الحقيقية، يجب ان يكون على غزة.
بينما احتفلوا في الضفة برمضان مثلما لم يحتفلوا به منذ سنين، في غزة كان هذا رمضان أكثر سوادا من السواد. الطعام لم ينقص، ولكن أمل قادة "حماس" وسكان غزة في الصعود على موجة انتصار "الإخوان المسلمين" في العالم العربي انطفأ دفعة واحدة. فغزة تعيش اليوم في حصار، وليس من جهة اسرائيل. فالجيش المصري يقمعها بصورة لم تتجرأ اسرائيل على فعلها ابدا، بما في ذلك الإهانة والإذلال السياسيين.
وهكذا مثلا، عندما توجه رجال “حماس” في نهاية الشهر الى المصريين وطلبوا أن يفتح امامهم معبر رفح بسبب نقص في البضائع، أجابهم المصريون: أنتم كذابون، الأنفاق لا تزال تعمل، والإرهابيون من "الجهاد العالمي" يدخلون ويخرجون عبرها. وفضلا عن ذلك، اذا كانت لكم مشكلة فتوجهوا لنا من خلال أبو مازن.
بالنسبة لحكام مصر الحاليين، “حماس” عدو. كما أن المصريين لا يسمحون للأموال الأجنبية، من تركيا مثلا، بالدخول الى غزة. زعيم "حماس"، خالد مشعل، النجم الصاعد في سماء السياسة الفلسطينية، اختفى وصمت.
"حماس" تعاني مشاكل من الداخل أيضا. فسياستها كابحة الجماح للنار نحو اسرائيل تثير عليها "الجهاد الإسلامي" وفصائل متطرفة اكثر. وبالفعل، في الأسابيع الأخيرة توجد أحداث نارية اكثر، من غزة نحو اسرائيل، لا تنجح "حماس" في لجمها. وبالتوازي يوجد ارتفاع كبير في التوجيهات الصادرة عن نشطاء "حماس" في غزة، للنشطاء في الضفة لزيادة أعمال "الإرهاب". هذا لا يخرج الى الدرب، لان الجيش والمخابرات الاسرائيلية يجلسون لها على الوريد. في النصف الأول من هذه السنة اعتقل 1.400 فلسطيني، 25 في المائة أكثر مقارنة بالفترة الموازية من العام الماضي. وبالفعل، فان كمية العمليات في الضفة في هذه الفترة انخفضت بـ 50 في المائة.
قادة "حماس" على مفترق طرق، يترددون كيف يخرجون من دائرة الاختناق. توجد إمكانية معقولة اكثر أن يقرروا تحطيم الأواني أمام اسرائيل كي يعودوا الى الصورة. استئناف محادثات السلام بين اسرائيل والسلطة وإعلان ابو مازن، المتوقع هذا الشهر، عن انتخابات برلمانية ورئاسية تضيف فقط الزيت الى الشعلة.
 

حرره: 
م.م