"الإخوان المسلمون" سيُخلّدون في الذاكرة

بقلم: جدعون كوتس

وقع ما كان متوقعا. شهر رمضان أخّر العمل المرتقب لقوات الامن المصرية لضمان سيطرتها في الدولة بشكل عام وفي العاصمة القاهرة بشكل خاص، وأول من أمس انطلق على الدرب في ظل حمام دماء كان هو أيضا متوقعا. فهم لا يمكنهم أن يسلموا بمواصلة وجود دولة النصر، وهي بمثابة دولة داخل دولة، وبميدان نهضة يهدد ميدان التحرير.

يصعب على المشاهد الاسرائيلي التسليم بالانقسام التلقائي بين الأخيار والأشرار، إذ بشكل طبيعي يُداس الأخيار تحت قوة الأشرار. فالحديث يدور عن مواطنين غير مسلحين، نساء واطفال، مقابل جنود ودبابات، شرطة، مباحث، وجرافات. صورة المرأة التي تحاول وقف الجرافة هو صدى لصورة المتظاهر الذي يوقف دبابة الجيش الصيني في ميدان تياننمن. تعاطفنا الواعي يوجه للمعسكر العلماني الذي سرق "الاخوان المسلمون" منه الثورة، للجيش الذي هو بالنسبة لنا وبالنسبة للغرب عامل استقرار ومسؤولية لمواصلة تنفيذ اتفاق السلام وضمان الأمن في سيناء. ولكن المتظاهرين، "الاخوان المسلمين" ومؤيدي مرسي، هم الذين سيرتسمون في الوعي لأن الضحايا الاكثر سقطوا وسيسقطون من بينهم. الرأي العام العالمي سيصدم لصالحهم.

الاسرة الدولية، الولايات المتحدة، واوروبا دعت السلطات لالكف عن العنف وضمان حق التظاهر. هذا لم يردع السلطة الجديدة، الرسمية المؤقتة من اتخاذ الاعمال اللازمة من ناحيتها لاستكمال الثورة أو "الثورة الحقيقية".

قبل شهر، عندما بدأت هذه الاعتصامات الاحتجاجية، أقمت بضعة أيام وليال الى جانب مؤيدي مرسي في جيوبهم، التي جعلوها مستوطنة دائمة. وقد كانوا منظمين ومصممين. مئات الالاف تدفقوا الى المظاهرات في أرجاء مصر. هذا هو السبب الذي جعل السلطات توقف، أول من أمس، حركة القطارات. واقاموا الحواجز من طوب الشوارع وهياكل المعادن التي لم تصمد امام قوات الأمن. واعدوا الزجاجات الحارقة، العصي، الحجارة، والدروع استعدادا للمعارك وجها لوجه. يحتمل أن يكونوا أخفوا ايضا سلاحا ناريا، ولكن من الواضح ان ليس في ذلك ما يسمح لهم بالتصدي لقوات الحكم التي قررت فرض النظام.

كما كان متوقعا، سقط ميدان النهضة بسرعة. فالمتظاهرون، معظمهم شباب، بعضهم طلاب، بينهم اولئك الذين وصلوا من دول اوروبا، لم يشكلوا خصما حقيقيا. اما في مدينة النصر (رابعة العدوية)، فالمهمة كانت اصعب. كان ينبغي هناك العبور حقا على جثث المتظاهرين الذين يسكنون مع عائلاتهم في الخيام، على الارصفة، في المداخل وفي الشقق السكنية. تجمع مئات النساء والاطفال داخل مسجد رابعة العدوية، متشبثين بقرون المذبح، مقتنعين بان قوات الامن لن تنجح في الاقتحام والوصول الى هناك.

أفترض ان غير قليلين من بين اولئك الذين تحدثت معهم، ممن حجتهم الاساس امام الاجانب كانت الدفاع عن الديمقراطية وليس عن النظام الاسلامي، لم يعودوا بين الأحياء. آخرون اصيبوا، وهناك من اختاروا سماع نصيحة السلطات والإخلاء عبر الممرات التي خصصت لهم.

ابنة محمد البلتاجي، 17 سنة، الناطقة بلسان "الاخوان"، التي تحدثنا معها، قتلت، أول من امس، بالنار. رجال أمن بلباس مدني يطلقون النار على مؤيدي مرسي، هم رجال الأمن ذاتهم الذين أطلقوا النار على المتظاهرين ضد مبارك قبل سنتين والذين حرضوا في حينه الرعاع للمس بالمراسلين الاجانب، وأنا من بينهم. وهم سيؤدون مرة اخرى دورا مركزيا في حالة الطوارئ المعلنة.

حرره: 
م . ع