إسرائيل تتحول "رهينة" لاتفاق السلام مع مصر

بقلم: نداف هعتسني
ألمّ هوس بالمحللين الاسرائيليين من إمكانية أن يغضب حكم الجنرالات القاهري فيستهتر بالاتفاقات التي وقعتها مصر معنا، وهذا أمر مضحك للغاية. ناهيك عن التراكض الاسرائيلي لضمان الا يوقف الأميركيون والأوروبيون- لا سمح الله- تسليح الجيش المصري في افضل الاسلحة، والا يوقفوا المساعدة السخية التي تتلقاها مصر بسببنا. هذا جنون شامل وفكري سيتطلب قريبا علاجا في مستشفى الامراض العقلية.
منذ عشرات السنين يشرحون لنا بأن اتفاق السلام مع جيراننا هو ذخر استراتيجي – أمنية اذا ما نجحنا في الوصول اليها ستحل كل مشاكلنا. "وعدتم بالسلام"، يقولون لنا ويحثون على ان نتنازل عما يوجد لنا من أجل الاتفاق؛ اراض من الوطن، مناطق استراتيجية، وذخائر اقتصادية. ويدعون بان كل شيء يتقزم امام اتفاق سياسي هو وحده فقط أمننا الأعلى. 
في العصر الذهبي لحسني مبارك ايضا استخدمت السلطات المصرية الاتفاق معنا لحملنا على النزف والتنازل في جبهات اخرى. ولكن منذ ربيع الشعوب العربية، فان مفهوم اولوية اتفاق السلام بلغ السخافة المطلقة. إذاً، يوجد لنا اتفاق، ولكنه حجر رحى على رقابنا. فهو ليس اكسيرا يضمن الامن والسكينة بل أداة ابتزاز ضدنا. "اذا لم تتنازلوا عن المزيد للفلسطينيين سنلغي الاتفاق، اذا دافعتم عن أمنكم ضد هجمات من سيناء سنلغي الاتفاق. اذا لم تضمنوا الا يوقف الكونغرس الأميركي توريد الطائرات والدبابات الى بلاد النيل، سيلغى الاتفاق". هكذا أصبحنا رهينة ما كان يفترض ان يكون ضمانة للحياة الضيقة. والان نحن مستعدون لان نتنازل عن كل شيء من أجل الا نضر بالسلام. 
ما وعدوا به في الجبهة المصرية وعدوا به ايضا مع الفلسطينيين. هكذا وفروا لنا شركاء يطلقون الصواريخ من غزة ويبثون التحريض ونزع الشرعية ضدنا في رام الله. شرحوا في حينه بان اتفاقات اوسلو هي الضمانة الافضل لضمان السلام والامن. ولا يزالون يواصلون دفعنا نحو الهوة والسلام والتعهد بان هذا هو طريق الخلاص. 
وفي الشمال – تخيلوا فقط ما كان سيحصل الان على شاطئ بحيرة طبريا لو كنا "صنعنا السلام" مع حافظ الاسد. لو وقعنا اتفاقا مع دمشق لكنا ننشغل الان بالفوضى على أبواب طبريا وبناتها من الثمار الفجة للسلام: الفوضى السورية كانت ستهدد باغراقنا في جداول من الدم.
صحيح أن ادارة اوباما لا تفهم هذا، مثل السياسيين الاوروبيين ذوي التقاليد اللاسامية وجمهور الناخبين الاسلامي. ولكن من يحب الحياة يجدر به أن ينعش عالم مفاهميه وأن يعود إلى الأصول. في كل الأحوال، ولا سيما في الشرق الاوسط الجديد عندنا، لا يجري التخلي عن اراضي الوطن، عن عمق استراتجي وعن قدرة للدفاع عن أنفسنا بأنفسنا، مقابل اي اتفاق. والسلام الحقيقي سيأتي، اذا كان سيأتي، فقط اذا حافظنا على انفسنا في وجه هذيان الهراء المسمى سلاما.