إخفاقات جديدة لـ"القبة الحديدية"

بقلم: رؤوبين بدهتسور

عدم قدرة منظومة القبة الحديدية على اعتراض صواريخ غراد في شفي تسيون وغيشر هزيف، الاسبوع الماضي، يؤكد محدودية هذه المنظومة الدفاعية ونقائصها، ويثير مرة اخرى علامات استفهام حول معطيات النجاح المذهلة التي نشرها جهاز الأمن بعد عملية "عمود السحاب" فورا.

نُشر بعد العملية أن المنظومة الحديدية نجحت في اعتراض نحو 90 في المائة من القذائف الصاروخية التي أطلقتها "حماس". ولم يؤيد جهاز الأمن معطيات النجاح المذهلة هذه ببراهين كأفلام فيديو أو بعرض بقايا القذائف الصاروخية التي تم اعتراضها. وفي مقابل ذلك فان المعطيات التي نشرها الجيش الاسرائيلي حول عدد القذائف الصاروخية التي لم يتم اعتراضها مُختلف فيها. ففي حين زعم الجيش الاسرائيلي أن 58 قذيفة صاروخية فقط اخترقت الحاجز الدفاعي لـ "اللقبة الحديدية" وأصابت مناطق مأهولة، نشرت قيادة المنطقة الجنوبية للشرطة أنها اعتنت بـ 109 قذائف صاروخية وقعت في مناطق مأهولة (ووقعت قذائف صاروخية اخرى في منطقة الوسط). وهذا ضِعف العدد الذي نشره الجيش الاسرائيلي، على الأقل. إن الجواب الذي أعطاه الجيش الاسرائيلي على سؤال كيف يُعرّف "الاعتراض الناجح"، يثير هو ايضا علامات استفهام. "إن الاعتراض الناجح"، أجاب متحدث الجيش الاسرائيلي عن سؤالي، "هو اعتراض منع ضررا محتملا بسبب اصابة قذيفة صاروخية. وتوجد عدة سيناريوهات ممكنة لاحراز هذه النتيجة، تبدأ من حرف القذيفة الصاروخية عن مسارها الى تدميرها". أي أن الجيش يعترف ايضا بأن ليست كل القذائف الصاروخية التي أبلغ أنها اعتُرضت قد دُمرت، فقد "حُرف" عدد منها عن مسارها فقط. والمشكلة هي أنه لا امكانية لنعلم الى أين تُحرف قذيفة صاروخية تتجه نحو بلدة. فمن الممكن مثلا أن تسقط قذيفة في جفعتايم بدل أن تصيب قلب تل ابيب. ويصعب أن نُعرف هذا بأنه "اعتراض ناجح".

وها هي ذي "القبة الحديدية" قد فشلت في ساعة امتحان في حادثة في الشمال. فقد أُطلقت اربع قذائف صاروخية على اسرائيل وتم اعتراض واحدة فقط. فقد انخفضت نسبة النجاح الى 25 في المائة في أحسن الحالات. وإن محاولة إخفاء الفشل بتقرير أولي يقول إن ثلاث قذائف سقطت في مناطق غير مأهولة، وبتقرير بعد ذلك يقول إن الذي أصاب شفي تسيون وغيشر هزيف لم تكن قذائف غراد بل شظايا صواريخ "القبة الحديدية"، قد فشلت كما كان متوقعا. لا شك في أن الجيش الاسرائيلي سيأتي بحجج لاسباب الفشل مثل موضع غير صالح للبطارية أو خلل تقني وما أشبه – وسيُبين أن الأمر ليس متعلقا ألبتة بمنظومة الاعتراض وأنها الأكثر نجاعة. وقد أُسمعت تفسيرات مشابهة ايضا بعد فشل محاولة اعتراض القذائف الصاروخية التي أُطلقت على ايلات.

إن إخفاقات المنظومة في مواجهة اربع قذائف صاروخية (في الحادثة في الجليل) أو قذيفة صاروخية واحدة (في ايلات)، ستبيض حينما تضطر "القبة الحديدية" الى مواجهة رشقات عشرات القذائف الصاروخية. في هذه الحال ستكون عاجزة كما كانت في اثناء عملية "عمود السحاب" بالضبط حينما أُطلقت رشقة شملت 16 قذيفة صاروخية على بئر السبع.

ولا يجوز أن ننسى محدودية المدى القصير. إن "القبة الحديدية" التي نبعت المبادرة الى تطويرها من الحاجة الى حماية بلدات غلاف غزة لا يمكن أن تعطي حماية كهذه بسبب وقت الطيران القصير للقذائف الصاروخية. وهذا هو السبب في انفاق مليارات على تحصين المباني في البلدات التي تبعد حتى 7 كم عن حدود القطاع. ولن تُمكّن تلك المحدودية "القبة الحديدية" من اعتراض قذائف صاروخية قصيرة المدى ستُطلق من لبنان على بلدات "غلاف حدود لبنان".

يستحق مهندسو "رفائيل"، الذين طوروا "القبة الحديدية" كل ثناء حقا، لكن ينبغي أن نتفهم محدودية المنظومة الدفاعية التي طوروها، ومن المناسب جداً في الأساس أن نحطم وهم الحاجز الدفاعي الرائع الذي تمنحنا إياه.