لماذا لا تستعد اسرائيل حقاً تحسباً لضربة سورية؟

بقلم: اليكس فيشمان
ليس لدى الأميركيين ولا لدى اسرائيل أي دليل يشير الى نية سورية مهاجمة اسرائيل في الفترة القريبة. فلا توجد أوامر عسكرية كهذه ولا توجد تحركات تدل على استعدادات لهجوم كهذا. أو بعبارة اخرى إن السوريين لا يستعدون حتى الآن لعمل هجومي ما على اسرائيل ردا على هجوم أميركي.
إن التنصت الاستخباري على سورية – الأميركي والاسرائيلي – في ذروته في هذه الأيام؛ فلو أن الجيش السوري أجرى تحريكا لقوات كبيرة ومهددة قد يصبح عملا هجوميا – مثل نشاط ما في ألوية صواريخه الـ ارض – ارض أو في سلاح الجو – لكان من المنطق جدا أن نفرض أن تعرف أجهزة الاستخبارات بهذه التحركات، ولم يحدث ذلك، ولهذا لا يوجد للذعر الذي يصيب اليوم عددا من السكان في البلاد أي أساس في الواقع.
استعمل النظام السوري موظفين في المستويات المتوسطة وبعثهم على تهديد اسرائيل على رؤوس الأشهاد. وكان ذلك عملا دعائيا هو جزء من الحرب النفسية التي ترمي الى إحباط المبادرة الأميركية. وقد هددت آلة الدعاية السورية تركيا والأردن والسعودية واسرائيل بغرض احراز شيء من تأثير الدومينو يُنزل الأميركيين عن الشجرة، وفشلت.
إن الأميركيين اليوم مستعدون للهجوم على سورية في أي وقت. وستتلقى اسرائيل إنذارا محددا قبل الهجوم بساعات معدودة فقط. ولهذا فانها تُجري الآن عددا من الإجراءات لتقصير المدة اذا ما حدث خلل ما أو خطأ في تقدير الوضع وأطلق السوريون صواريخ عليها. وهذه الاستعدادات أيضا هي بوليصة تأمين إذا ما ظهر أن تقديرات الوضع في اسرائيل كانت مخطئة تماما وأن السوريين قد نجحوا في خداع الجميع والاستعداد سراً لهجوم على اسرائيل مباغت بالصواريخ. ولهذا جُند، أول من أمس، ناس من كتيبة احتياط القبة الحديدية، وتم تثخين قسم البحث وجمع المعلومات الاستخبارية في "أمان" وتم تجنيد صغير للاحتياط لجهاز الرد السريع في سلاح الجو والجبهة الداخلية. وقد جُند في الحاصل نحو ألف من رجال الاحتياط كي يمكن الرد سريعا في حال مفاجأة تامة.
قام السوريون من قبل بخطأ مهني – تقني واستراتيجي – حينما استعملوا الصواريخ الكيميائية على ريف دمشق. وما يُعلم الى الآن أن تركيب المادة السامة التي حملتها هذه الصواريخ كان يختلف عن تركيب المادة التي استعملوها في الماضي في اثناء قتالهم للمتمردين. هذا الى أن الإطلاق تم في حال كانت فيها حال الرياح والظروف الجوية في منطقة الإبادة مثالية لنشر ناجع للمادة القاتلة المُركزة. والذي أخطأ هذا الخطأ قد يخطئ أخطاءً اخرى، ولهذا تستعد دولة اسرائيل.
ويفهم الروس أيضا قواعد اللعبة، فقد أخرجوا جزءا من ناسهم من سورية وأجلوا قواتهم الموضوعة في مواقع استراتيجية – مثل ميناء طرطوس. فالحال على النحو التالي: حينما يسلك الأميركيون سلوك الروس – أو مثل امبراطورية تحافظ على مكانتها – يفهم الروس هذه اللغة ويسلكون سلوك الأميركيين فيتنحون جانبا.
وقد تلقت اسرائيل إنذارا استراتيجيا غير رسمي بالهجوم الأميركي. ولا يجب الكلام، فالاستعدادات التي تقوم بها الولايات المتحدة مشاهدة عيانا. وقد أخذت ساعة رمل الهجوم – الذي هو في أساسه هجوم عقاب وردع –تفرغ.
اذا لم يكن اعلان الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون تمديد عمل المراقبين في سورية بأربعة أيام اخرى لم يُنسق مع الأميركيين، فالحديث هنا يدور عن مواجهة شديدة جدا تنشأ بين الأمين العام للأمم المتحدة والرئيس الأميركي. إن استقرار رأي بان كي مون على إبقاء المراقبين في دمشق هو في حقيقة الأمر نقض يستعمله الأمين العام على الجدول الزمني الأميركي. ونشك في أن يخضع الأميركيون لهذا النقض. ويضيف إعلان بريطانيا المفاجئ أنها تطلب الانتظار حتى إنهاء عمل مراقبي الأمم المتحدة في سورية قبل عملية عسكرية، شيئا من عدم اليقين أيضا. لا يوجد تغيير في الجدول الزمني الأميركي بحسب ما هو معلوم في اسرائيل، لكنه بدأت تنشأ، أول من أمس، تحت الأنف دراما دبلوماسية صغيرة.