أنقِذوا القدس بالتصويت لنير بركات

بقلم: آري شبيط

المعركة على القدس شبه خاسرة. تبلغ نسبة الطلاب الحريديين بين طلاب المدارس في العاصمة اليوم 39 في المائة. وتبلغ نسبة الطلاب العرب بين طلاب المدارس في العاصمة اليوم 38 في المائة. وتقف نسبة الطلاب الصهاينة على 23 في المائة، نصفهم فقط علمانيون. إن العامل السكاني يفعل فعله: فاذا لم يحدث تغيير حاد فلن يكون لليهود العلمانيين أمل في القدس، ولن يكون للقدس أمل يهودي علماني. ومن الصحيح الى الآن أن مستقبل صهيون هو مستقبل غير صهيوني، وأن مستقبل علمانييها هو مستقبل بائس.

ومع كل ذلك حدث في معركة شبه خاسرة في السنوات الاخيرة معجزة مقدسية. فبعد عقود من عدم الحراك المسبب للكآبة اندفعت قدماً في المدينة الممزقة قوى حيوية غير عادية. فقد أصبح متحف إسرائيل دُرة دولية وأكبر منتج لطاقة الفن في اسرائيل. وأصبح سوق محنيه يهودا حي تنزه أصيلا مليئا بالحياة يقل أمثاله في مدن المال الكبرى في أميركا واوروبا. وأصبحت منطقة المحطة الجديدة موقع أحداث لا تنتهي. وظهرت في كل أنحاء المدينة الحجرية مطاعم ومقاه ومشارب وورشات فن ومختبرات انتاج جددت نسيجاً ثقافياً غنياً.

وفي مقابل ذلك أنشأت روح جديدة من الفاعلية الاجتماعية مجموعات منتجة وبادرت الى مشاريع تقنية وأقامت ما لا يحصى من أطر التعددية اليهودية الفوارة. وغيرت قيادة شابة نشيطة، نشأت إثر الازمة المقدسية الكبيرة في مطلع الألفية الثالثة، وجه المدينة. وتحولت القدس فجأة لتصبح هي المدينة وحدها، وبدأت تشكل عرضا ثقافيا جديدا يختلف جدا عن العرض التل ابيبي المعروف الذي يشمل المال والجنس والحرية.

ليس نير بركات هو تيدي كوليك، فليس هو المنتج والمخرج وكاتب السيناريو للنهضة الاجتماعية والروحانية المحددة في القدس. لكن مبادر الهاي تيك الوحيد في الدولة، الذي نقل نجاحه من قطاع الاعمال الى قطاع الحياة العامة، مكّن النهضة من أن تحدث. فقد مكّن جيمس شنايدر، الذي لا يُكرر من أن يفعل ما فعله بالمتحف. ومكّن اليشيفع مزيه النادرة ورفاقها أن يفعلوا ما فعلوا في مجال المبادرة الاجتماعية. ومكّن شبابا وشابات من الجامعة العبرية ومن بتسلئيل وما لا يحصى من المؤسسات الثقافية الجديدة من أن يشعلوا من جديد الشعلة التي كادت تخبو. وعادت القدس تحت قيادة بركات الى الحياة، بعد أن كانت في عداد عالم الأموات.

إن اللذين يريدان اعادة القدس الى الخلف هما آريه درعي وافيغدور ليبرمان. إن صفقة موشيه ليئون، التي دبرها هذان الاثنان، هي صفقة قبيحة جدا من سياسة قديمة جدا. لو أن درعي كان زعيما اجتماعيا جديا لما سلّم القدس الى رجل الاعمال المحنك من "اسرائيل بيتنا". ولو كان ليبرمان زعيما علمانيا جديا لما سلّم القدس الى حريديين معادين للصهيونية. ولو كان درعي وليبرمان زعيمين قوميين جديين لما خنقا بأيديهما نهضة عاصمة الشعب. لكن درعي وليبرمان لم يصمدا أمام الاغراء، فوضعا أمام سكان المدينة اختيارا حاداً فإما قدس الأمل وإما قدس المؤامرة.

إن المعركة الانتخابية المقدسية هي الأهم بين جميع المعارك الانتخابية المحلية التي تجري الآن في البلاد، فالقدس هي في نهاية المطاف مركز وجودنا. وليست القدس عاصمة رسمية فقط بل هي عاصمة هوية ولا يمكن التخلي عنها، ولا يجوز التخلي عنها. وليس هناك ما يدعو الى التخلي عنها. يجب فعل كل المستطاع في العشرين يوما التالية كي لا تُطمس النهضة المفاجئة الحادثة فيها. ولذلك يجب أن يصوت كل مقدسي صهيوني لبركات. ويجب على كل صهيوني غير مقدسي أيضا أن يؤيد بركات. إن نير بركات نفسه ليس مهما البتة لكن المدينة التي يحاول بركات انقاذها هي المدينة الأهم.