نتنياهو أخفق في تجنيد بوتين

بقلم: ايلي بردنشتاين
استمر اللقاء الموسع وكذاك الثنائي أكثر من ساعتين ونصف بين الرئيس الروسي، فلادمير بوتين، ورئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الذي وصل الى الكرملين في يوم بدء الجولة الثانية من محادثات النووي في جنيف بين ايران والدول الاعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الامن وألمانيا.
ومع أن نتنياهو هو الذي طلب اللقاء، إلا أنه جاء استمراراً لمكالمة هاتفية أجراها الزعيمان قبل نحو اسبوع ونصف. ويبدو أن نتنياهو يفهم بأن التوقيع على الاتفاق المرحلي مع ايران هو حقيقة ناجزة، إن لم يكن في الجولة الحالية، ففي الجولة التالية. وعليه، فقد ظن أنه سينجح في التأثير على روسيا بوتين – الدولة التي تبدو أكثر قربا من ايران بين القوى العظمى الستة، لتصليب المواقف والتأثير على الصفقة المتبلورة. ويحتمل أن يكون مستعداً لأن يدفع لبوتين بالعملة التي يحبها الزعيم الروسي جداً: استثمارات اسرائيلية وتعاون اقتصادي مع الدولة الكبرى في المعمورة. لقد اعتقد نتنياهو بأنه سينجح في تجنيد بوتين ضد الصفقة انطلاقا من التقدير بأن الروس سيحاولون منع كأس النصر عن الأميركيين المكروهين وتحقيق صفقة خاصة بهم.
بوتين، من جهته، ظن أنه سينجح في التأثير على نتنياهو للموافقة على صفقة في نهاية المطاف روسيا ايضا معنية بها. ويحتمل ايضا أنه أشركه في رسائل مُهدئة تلقاها من ايران كي يقنعه بالموافقة على ذلك. ولكن عندما خرج الرجلان الى الصحافيين لإصدار تصريحات مشتركة تبين أن تصريح بوتين أصدره مكتبه للصحافيين قبل اللقاء. وقد غير ورقق أجزاء منه في أعقاب اللقاء بحيث يكون أقل حدة لنتنياهو.
وكعادته، بدأ بوتين بالمسائل الاقتصادية التي بحثت في اللقاء. ضيوف من خارج البلاد يأتون اليه للحديث في مسائل عالمية عليا، وهو ينشغل بالمردودات التجارية. وروى مسؤول كبير سابق في مكتب نتنياهو بأن بوتين يصل الى اللقاءات مع رئيس الوزراء جاهزا حتى التفاصيل الصغيرة وعندها يخرج بطاقة ويسأل: "وماذا عن شركة تيفع؟". بوتين ذكر الزراعة الاسرائيلية، التعاون في مجال الفضاء والطاقة، وحتى السينما الإسرائيلية التي اراد أن يراها في موسكو.
عندها، بالضبط مثلما وصف بوتين كـ "لقاء صادق ومفتوح" انتقل الى الموضوع. وقال للصحافيين الذين اضطروا للانتظار ثلاث ساعات في أروقة الكرملين الهائلة الى أن وصل: "تحدثنا مع رئيس الوزراء بشكل مفصل عن البرنامج النووي الايراني".
وخلافا لما قاله نتنياهو بعده فوراً، شدد بوتين على انه "يأمل في نجاح المحادثات الجارية في جنيف"، وقدر بان هذا مجرد مسألة وقت.
بوتين، الذي يعتبر تعاطفه الشخصي مع اليهود ومع اسرائيل معروفا، أنهى بالعبرية وبلهجة روسية ثقيلة: "تودا رابا" (شكرا جزيلا).
أما نتنياهو فأطلق موسيقى مختلفة تماما. فقد أوضح بان محاولة ايران التسلح بسلاح نووي هو "التهديد الاكبر علينا وعلى أمن العالم".
" نريد حلاً سلمياً"، شدد. "لإسرائيل الكثير لتخسره من وضع لا يكون فيه سلام مع ايران، ولكننا ملزمون بالوصول الى اتفاق افضل".
وتوجه نتنياهو الى نظيره الروسي وذكره بالصفقة الكبيرة التي عقدها لنزع السلاح الكيميائي في سورية، وانتقل الى الصفقة المتبلورة مع ايران. "أعتقد أنه يوجد الكثير مما يمكن ان نتعلمه من التجربة في حل السلاح الكيميائي مع سورية"، قال. "روسيا وآخرون أصروا على نزع كامل للسلاح الكيميائي في سورية. أعتقد أن الاسرة الدولية ما كانت لتقبل صفقة في اطارها تخفف سوريا فقط بعضا من المادة الكيميائية وتبقي قدراتها على انتاج مثل هذا السلاح". وشدد بان فقط اتفاقا يستوفي الشروط التي فصلها سابقا امريك يؤدي الى نهاية دبلوماسية بوسائل سلمية لأسلحة الدمار الشامل مثلما حصل في سورية.
وشدد نتنياهو على الدور المركزي الذي أدته روسيا في الصفقة السورية وامتنع على مدى حديثه عن ذكر اسم ودور الولايات المتحدة كبادرة للروس وكذا كإشارة للأميركيين عن البديل الذي يمكن أن تشكله روسيا.
كما بحثت في اللقاء المسألة السورية. لم يخفِ نتنياهو بأنه في بعض المسائل لروسيا ولإسرائيل مواقف مختلفة. "لدينا قيم مشتركة وتحديات ايضا. أقدر صدقك وصداقتك. نحن نتفق في كثير من الامور وفي بعضها لا نتفق وهذا ما وجد تعبيره في حديث اليوم"، قال نتنياهو.
ورغم الفجوات في المسألة الايرانية، فقد خرج مستشارا نتنياهو الكبيران – السكرتير العسكري ايال زمير ومستشار الامن القومي يوسي كوهين راضيين من اللقاء.
لا تجري المواجهة بين ايران واسرائيل فقط من خلال المحادثات التي تجريها القوى العظمى على النووي. فقد نشر، أول من أمس، أن مواطناً إيرانياً اعتقل في نهاية الشهر الماضي في اذربيجان للاشتباه بانه خطط لضرب السفارة الاسرائيلية في باكو.