"الجمر" بدأ يتوهج في الضفة..

بقلم: اليكس فيشمان
الجمر يتوهج في الضفة منذ أشهر عديدة، لكن القتلى الفلسطينيين الأربعة في المواجهات الأخيرة مع الجيش الاسرائيلي هم الريح الحارة التي زادت في ارتفاع لهب "الإرهاب". فالذي كان يظن أن هذه الحوادث ستمر بلا "تدفيع ثمن" فلسطينية، يبدو أنه لا يعرف المنطقة، فقد كان القتلى والجرحى في الجانب الفلسطيني هم دائما العامل المباشر في فقدان السيطرة ونشوب أحداث عنف كما كان في الانتفاضتين مثلا.
هذه الحقيقة غير غريبة على الجيش الإسرائيلي و"الشاباك" اللذين يقولان على الدوام لأناسهم في الميدان: لا تُحدثوا الاحتكاك الذي لا داعي له والذي قد ينتهي الى قتلى. لكن للميدان قواعده الخاصة، وهكذا ينتهي عدد يزداد من اعمال الاعتقال الى اعمال شغب وقتلى. وإن مقدار الرد الفلسطيني على الاعتقالات عنيف جداً لأن الجيش الاسرائيلي لم يعد يعتقل رماة حجارة بل نشطاء في منظمات "ارهاب" ينتهي كل احتكاك بهم الى إطلاق نار. ولا يستطيع "الشاباك" بالطبع أن يُبيح لنفسه التخلي عن وسائل الاعتقال، وهكذا تنشأ رقصة الموت الحالية بعملية فانتقام فاعتقال فرد، وهكذا دواليك.
اذا كان مستوى العنف في الضفة قد حُدد حتى الشهر الاخير بأنه 3 من 10 فان موجة العمليات الحالية قد رفعته الى مستوى 5. ليست هذه انتفاضة الى الآن لأنها ليست مقاومة شعبية شاملة للجمهور الفلسطيني بل هي "فوضى" في مناطق ما.
إن أسباب المس بالسيطرة على الارض موجودة في الجانب الاسرائيلي وفي الجانب الفلسطيني أيضا. ففي الجانب الاسرائيلي ثمة ضعف في الحماية التي يمنحها الجدار بسبب تضاؤل القوات على طول الجدار وبسبب اعمال اختراق كثيرة له ايضا. وكذلك يوجد شعور بتسهيل اعطاء تصاريح عمل في اسرائيل – بسبب التفاوض السياسي والرغبة في تقوية أبو مازن – وكلما زاد عدد الماكثين القانونيين في اسرائيل زاد ايضا عدد الماكثين غير القانونيين الذين ينشأ "الارهاب" عنهم في حدود الخط الاخضر. وفي الجانب الفلسطيني في المقابل يُسجل ضعف شعار "سلاح واحد في يد السلطة فقط"، ويتجول مسلحون في الشوارع على الدوام. وفي مناطق ما مثل جنين ونابلس لا تنجح أجهزة الامن بتاتاً في السيطرة على قوات التنظيم، وتقوم جهات معارضة من "حماس" و"الجهاد الاسلامي" و"الجبهة الشعبية" بكل ما تستطيع للتشويش على المسيرة السياسية.
وفي هذه الاثناء فان الافتراض في الارض الفلسطينية هو أن التفاوض الحالي مع اسرائيل قد فشل. وتفضي خيبة الأمل هذه الى مشاعر نفور من السلطة الفلسطينية وتشجع أخذ القانون باليد، وهو ما يسمى عندنا "أعراض منفّذ العمليات الفرد". إن اسرائيل والفلسطينيين – برغم مبادرة كيري – يدخلون فترة متوترة جدا، ولهذا يحسن أن يفحص الجيش مرة اخرى هل يزيد عدد القوات الموجودة اليوم في اراضي الضفة أم لا.
يديعوت أحرنوت