مـعـاقـبـة "تـدفـيـع الـثـمـن"

بقلم: أسرة التحرير
المواجهة بين المستوطنين المتطرفين والفلسطينيين من سكان قرية قصرة، التي وقعت، الثلاثاء الماضي، كان يمكن أن تصبح حمام دماء. ولولا تدخل بعض سكان القرية لمنع عملية فتك بالشبان الإسرائيليين، ولو كانت قوات الجيش الإسرائيلي تأخرت عن الوصول إلى المكان، لكان من المعقول الافتراض بأن الجموع كانت ستقتحم المبنى الذي احتجز فيه الشبان لتنفس فيهم غضبها. كان يمكن لمثل هذا الحدث أن يسحب الضفة الغربية كلها الى معمعان قاس من هجمات الإرهاب، عمليات الثأر، وربما حتى عملية عسكرية.
أحداث من هذا النوع قد تتصاعد، كلما اتضحت مبادرة السلام الأميركية كجدية أكثر. فالزيارات المتواترة في المنطقة من وزير الخارجية الأميركي جون كيري تقرب لحظة القرار في القيادتين، الإسرائيلية والفلسطينية، بالنسبة لاقتراح الولايات المتحدة لاتفاق إطار بين الطرفين. الاتفاق الذي في سياقه يتوقع أيضا إخلاء مكثف لبؤر استيطانية غير قانونية ولمستوطنات خارج الكتل ترفع جهود كيري التوتر والقلق في اليمين، مثلما شهدت تصريحات رئيس البيت اليهودي نفتالي بينيت الذي حذر من "أصدقائنا الذين يدفعوننا نحو الانتحار".
في هوامش معسكر اليمين توجد مجموعة غير صغيرة من النشطاء الذين يسعون إلى مواصلة انتهاج ميزان رعب أعمال "تدفيع الثمن". وهؤلاء يؤيدون الثأر الأعمى من الفلسطينيين ومن أملاكهم في أعقاب كل قرار من الإدارة المدنية لإخلاء أو هدم مبنى غير قانوني في البؤر الاستيطانية. ويمكن أن يضاف إلى ذلك ميل مقصود: إشعال المنطقة بهدف إحباط المبادرة الأميركية.
إن إنجازات قوات الأمن في المساعي لوقف أعمال الإرهاب اليهودي كانت حتى اليوم طفيفة. فالعصبة التي نزلت من بؤرة ايش كودش الاستيطانية للشغب في قصرة كانت تضم على الأقل نشيطين متطرفين، معروفين جيدا لدى المخابرات الإسرائيلية. وإضافة إلى ذلك، في الصباح ذاته اقتلعت الإدارة المدنية كرما غرسه المستوطنون على ارض فلسطينية في المنطقة. بمعنى أنه كان يمكن الاستعداد بشكل مناسب للاستفزاز الذي جرى في سياق اليوم.
ولكن ليس فقط على مستوى إنفاذ القانون تبدي قوات الأمن عجزا. فالدائرة اليهودية في المخابرات وشرطة لواء شاي تجدان صعوبة في تجنيد ما يكفي من الأدلة القانونية التي تسمح بتقديم منفذي العمليات إلى المحاكمة. وكان نجاحهما الأقصى في جمع المعلومات الاستخبارية التي أتاحت، حتى الآن، استصدار أوامر إبعاد من الضفة لثمانية نشطاء من اليمين المتطرف. وليس في هذا ما يكفي، عندما تحتدم الأجواء على الأرض. على قوات الأمن وسلطات القانون أن تستعد بجدية كي تضمن إلقاء القبض ومعاقبة المخططين والمنفذين.