حفر يساوي الضم

بقلم: أسرة التحرير

يسعى مستوطنو الخليل منذ زمن ما الى أن يطوروا لانفسهم حديقة اثرية. مثلما في حالات اخرى، استجابت الحكومة الى طلبهم في ظل منح دعم جارف. ويوم الاحد بدأ حفر كبير في قلب المدينة الفلسطينية بفضل تكاتف قوى اسرائيلي: ضابط قيادة الاثار في الادارة المدنية اصدر رخصة الحفر، سلطة الاثار تقدم باحثيها، جامعة اريئيل تمنح المحيط الاكاديمي، ووزارة الثقافة الميزانية، التي ستبلغ 7 مليون شيكل. ويعرض الناطقون بلسان الحاضرة اليهودية هذا الحفر بأنه بريء من كل علائم سياسية. ولكن مثل كل مشروع يخرج الى حيز التنفيذ في الخليل بشكل خاص وفي المناطق بشكل عام، فان هذا الحفر أولا وقبل كل شيء فعل سياسي. معناه هو توسيع السيطرة اليهودية في قلب المدينة الفلسطينية الاكثر تفجرا في الضفة، وهو يأتي كاستمرار لاعلان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنه يعارض اخلاء المستوطنة اليهودية.

يكتشف مستوطنو الضفة في السنوات الاخيرة الفضائل الكامنة في الاثار. فهذا العلم البريء ظاهرا يسمح لهم ليس فقط بامتلاك الارض بل والرواية التاريخية لها، وتثبيت قصتها من زاوية النظر اليهودية في ظل تجاهل الشرائح والثقافات الاخرى. السلطات من سلطة الاثار عبر سلطة الطبيعة والحدائق من الجيش وحتى ديوان رئيس الوزراء تتعاون بسرور مع هذا الميل. في تل شيلو دشن في حزيران برج رقابة موضع خلاف أقيم، خلافا لما هو دارج، على البقايا الاثرية. كما أن اماكن يستخدمها السكان الفلسطينيون لسنوات عديدة تعلنها السلطات الاسرائيلية كمواقع أثرية.

إن الاستخدام السياسي للمكتشفات ليس غريبا على الاثار الاسرائيلية: فبقدر كبير يبنى هذا المجال على الحاجة الى ايجاد أدلة على حق الشعب اليهودي على البلاد. ولكن مع السنين، مع تعزز قوة الدولة، انقطع عن الاملاءات السياسية واصبح أكثر مهنية. أما الاستخدام الذي يسخر اليمين اليوم فيه علم الاثار فيهدد بالمس ليس فقط بمساعي جون كيري لبلورة اتفاق بين اسرائيل والفلسطينيين بل وبالمهنة نفسها ايضا، ويحولها من أداة علمية الى بوق دعاية.

 

هآرتس

حرره: 
ز.م