خطبة اللاءات: من الرافض هنا حقا؟

بقلم: ايلي حزان

‘في الوقت الذي يبذل فيه وزير الخارجية الامريكي جون كيري جهودا ضخمة ليقدم التفاوض بين الاسرائيليين والفلسطينيين، أحدث رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن في يوم السبت الاخير استعادة مقلقة لمؤتمر الخرطوم في 1967 حينما أعلن لاءاته الثلاث في رام الله وهي: ‘لا للتنازل عن حق العودة، ولا للاعتراف بالدولة اليهودية، ولا للتنازل في القدس لن يكون حل مع اسرائيل’.

اليكم توضيحين أولا: بعد حرب الايام الستة اجتمع في الخرطوم في السودان زعماء ثماني دول عربية مركزية منها مصر والاردن ولبنان والعراق. وفي نطاق المؤتمر أعلنوا لاءات ثلاث مشهورة: ‘لا للتفاوض ولا للسلام ولا للاعتراف باسرائيل’. وكان ذلك مدة سنين الروح الجامعة التأسيسية للعرب في علاقتهم بالدولة اليهودية. وأتمت م.ت.ف برئاسة ياسر عرفات في حزيران 1974 هذا التشدد السياسي حينما أعلن خطة المراحل وهي تلك الخطة التي ابتُدعت بعد أن أدركت القيادة الفلسطينية أنها لن تنجح في أن تضرب اسرائيل بالعنف وقضت بأن كل خطوة تفضي الى انشاء دولة عربية واحدة (بدل اسرائيل) بين البحر والنهر، هي خطوة مناسبة.

وعلى هذا الأساس بالضبط توصل عرفات الى التوقيع على اتفاقات اوسلو ونجح بحسب مباديء خطة المراحل بالضبط في الدخول الى قلب ارض اسرائيل وقيادة ارهاب أفضى الى آلاف الضحايا منا. وعلى إثر رغبة اسرائيل في حماية نفسها من الارهاب وعلى إثر خطواتها الدفاعية التي اتخذتها قتل كثيرون من الجانب الفلسطيني ايضا.

توجد صلة مباشرة بين اللاءات الثلاث في مؤتمر الخرطوم واللاءات الثلاث الجديدة لأبو مازن في رام الله: فهذه الثلاث الاخيرة تتميم للثلاث الاولى، وكلها معا تكشف عن نوايا الفلسطينيين الحقيقية في موضوع التفاوض مع اسرائيل. والى ذلك تقتضي اللاءات كلها معا وجود قيادة اسرائيلية قوية تحفظ لنا مصالحنا ولا سيما في ساعة النوائب.

يعلم الفلسطينيون جيدا أن تنفيذ حق العودة يعني في واقع الامر القضاء على دولة اسرائيل. وإن عدم ارادتهم الاعتراف بدولة اسرائيل دولة يهودية جزء من تنفيذ خطة المراحل. وفيما يتعلق بالاعلان المتعلق بالقدس لا يثبت إلا مبلغ كون القيادة الفلسطينية مقطوعة عن الصلة بين الشعب اليهودي واماكنه المقدسة، لكن التاريخ يثبت أن هذه الصلة هي صلة لا انفصام لها.

اعتاد اليسار الاسرائيلي أن يقول إن الامر قد حُسم وإن حل الدولتين حتمي. وقد اعتاد مؤيدوه أن يتجاهلوا بصورة مستمرة مقلقة لا تصريحات القيادة الفلسطينية فقط بل نواياها ايضا واعمالها ايضا بعد انتفاضة الأقصى والارهاب الهاديء الذي تلاها. هذا الى أن ممثليهم يرفعون الى حبل المشنقة مرة بعد اخرى رئيس الوزراء نتنياهو متهما بأنه كأنما يعيق التفاوض. فقد حان الوقت لينظروا جيدا فيما يجري ويُقدروا الامور من جديد. والآن وقد أصبح الطرفان مطلوبا اليهما أن يقوما بتنازلات مؤلمة، يكرر أبو مازن أخطاء الماضي. يؤسفنا أنه ينشيء جوا سلبيا في المحادثات ويجعل الطريق الى انهاء الصراع صعبا. ويثبت كلامه والروح العامة الجامعة التي يهتدي الفلسطينيون بها في عملهم مبلغ أهمية الثبات على مبدأ التبادلية ومبلغ أهمية أن تدرك الادارة الامريكية ايضا ذلك.

 

اسرائيل اليوم