لا أمل في الترميم

كل من يتحدث عن اعادة بناء غزة يفهم أن معظم المال سيذهب لتسليح حماس
بقلم: عاموس غلبوع
سواء كان في القاهرة اتفاق لوقف النار طويل المدى أم لا، فعلى جدول الاعمال يوجد كل الوقت موضوع ترميم دمار غزة. متى يرمم دمار دولة او منطقة معينة كانت تعيش حربا فدمرت؟
ألمانيا ما بعد الحرب العالمية الثانية، واوروبا الغربية الخربة رممت بمشروع مارشل؛ اما اليابان المحروقة فرممت بعد الحرب العالمية الثانية. فلماذا نجح الترميم؟ إذ لغرض الترميم مطلوب ثلاثة عناصر اساسية: الاول، التنكر التام لايديولوجيا وسياسة الماضي بكلمة واحدة: المسالمة. اما العنصر الثاني: تطبيع العلاقات مع الجيران، مع خصوم الماضي، الاعتراف المتبادل. والعنصر الثالث: وضع السلاح، والتخلي عن الاجسام العسكرية.
ماذا كان من كل هذا في «ترميم» قطاع غزة في أعقاب الرصاص المصبوب في 2009؟ لا شيء. ولهذا فان القطاع لم يرمم بالمعنى المدني، رغم الاموال التي دفعت له، رغم قرار مجلس الامن بترميمه ورغم المؤتمر الدولي الذي عقد لهذا الغرض في مصر. لماذا؟ لان حماس رمم القطاع بالمعنى العسكري، وفضل ذلك بشكل واضح عن احتياجات الترميم المدني لقطاع غزة. في 12 تشرين الثاني 2009 (بعد نحو 10 اشهر من انتهاء الرصاص المصبوب) قال خالد مشعل، الزعيم الاعلى غير المنازع لحماس، ما يلي: «تجاه الخارج الصورة الظاهرة للعيان في غزة هي الاحاديث عن المصالحة (بين فتح وحماس)، ولكن الصورة الخفية للعيان هي أن معظم المال والجهد موجه للمقاومة وللاستعدادات العسكرية.. نحن ننكب على المقاومة».
سلم الاولويات هذا لدى حماس ينبع أولا وقبل كل شيء من جوهرها كمنظمة مقاومة ومن استراتيجيتها في النزاع مع اسرائيل. والتشديد في اعطاء الاولوية للترميم ورفع مستوى القدرات العسكرية كان على الصواريخ وعلى الانفاق بانواعها. وبالنسبة للانفاق والبنى التحتية العسكرية المختلفة، كان للاسمنت اهمية عليا.
وماذا الان؟ بالفعل، حماس لم تتغير، اهدافها لم تتغير، دي.ان.ايه خاصتها بقيت ذات الشيء. وهي تكرر ذلك الان من على كل منصة. هي منظمة مقاومة لن تعترف باسرائيل، وكل فترة هدنة هي بالنسبة لها فترة استعداد للحرب القادمة. تصريحات مشعل بعد «الرصاص المصبوب»، ستكون استراتيجية حماس الان ايضا. هذه المرة، خلافا لما كان في حينه، سيكون من الصعب على حماس أكثر بكثير ترميم نفسها عسكريا، ولكنها ستعمل في هذا الاتجاه. وهي مصممة على مواصلة السيطرة في القطاع، إذ بدون هذا فانها «لا تكون موجودة». من يأمل في أن تتبخر حماس بمعجزة يوهم نفسه. وهي لن تسمح لاحد حقا «بالعودة الى القطاع»، حتى لو وافقت على أن يكون رجال أمن ابو مازن على الحدود. حماس تحتاج لابو مازن فقط كورقة تين لمواصلة سيطرتها الوثيقة على القطاع. وليس في أي حال كأداة سيطرة بدلا منها أو معها.
ولهذا فان كل من يتحدث عن «الترميم» في البلاد وفي العالم عليهم ان يكررا لانفسهم الارقام التالية: اذا ما خصص مثلا للترميم 1 مليار دولار، فانه، بتقديري، سيوزع على النحو التالي تقريبا: 20 في المئة للجيوب؛ 70 في المئة للترميم العسكري و 10 في المئة للترميم المدني.
معاريف