الأخ الأكبر بدأ يتعب

ايتان هابر
اليمينيون، وبالتأكيد من الليكود، يتباهون باسم زئيف جابوتنسكي. فهو أبو المعسكر الوطني. هو المؤسس. هو المفكر. هو الرجل الذي كتب، الذي قال، الذي حذر. اليوم ايضا، بعد 75 سنة من اغماضه عينيه، لا يزالون يمجدون تحذيراته مما حصل في النهاية للشعب اليهودي في الحرب العالمية الثانية. ويعزو اليمينيون له فضل الرؤية البعيدة ويطيب لهم جدا ان يقتبسوا جملة قالها، وربما لم يقلها: «اذا لم تصفوا المنفى، فالمنفى سيصفيكم». وهم يشتكون، وعلى ما يبدو عن حق كبير، من أن اليهود في المنفى لم يأخذوا بتحذيرات جابوتنسكي. استخفوا بها. واكثر من ذلك: فقد كم اليساريون فم جابوتنسكي ورجال معسكره.
على هذه الخلفية، من الصعب أن نفهم اليمينيين في اسرائيل، الذين رغم تجربتهم الحزينة من الماضي لا يأخذون بتحذيرات الزعماء، بمن فيهم في اليمين، وفي حالات عديدة يهاجمون من يفكر خلافا لهم. يحاولون كم الافواه ايضا. صحيح أن يمين الرب يجند السلاح، ولكنه هو ايضا يتعب احيانا. هاكم مثالا، المنشورات عن نية السلطة الفلسطينية في أن تضع في الايام القريبة القادمة مشروع قرار امام اعضاء مجلس الأمن حول اقامة دولة فلسطينية، انسحاب إلى خطوط 67 وغيرها من الامور. هنا وهناك يمكن أن نسمع نبرات استخفاف وهزء في ردود فعل اليمينيين. من هم؟ وماذا هم؟ هل هم سيملون علينا دولة فلسطينية، انسحابا إلى خطوط 67؟ هذا لن يكون ابدا.
والامم المتحدة؟ مجلس الأمن؟ من هم ليقولوا لنا ما نفعل؟ دولة؟ انسحاب؟ بعد 47 سنة من السيطرة في المناطق نذهب نحن من هناك؟ لقد سبق ان كانت مئات القرارات المناهضة لاسرائيل وسيكون قرار واحد آخر. ماذا في ذلك؟
هذا بالضبط هو الموضوع: ذات يوم، بلا تحذير مسبق، هذا يأتي. وعلى أي حال، كانت هنا وهناك قرارات في عصبة الامم التي سبقت الامم المتحدة وفي الامم المتحدة نفسها في موضوع الشعب اليهودي في بلاد اسرائيل. وذات يوم، 29 تشرين الثاني 1947، صدر هناك القرار الذي ولد دولة اسرائيل. الشعب الجالس في صهيون خرج في حينه يرقص. اما العرب حولنا فبكوا.
صحيح أن التاريخ لا يكرر بشكل عام نفسه ولكن الاعتراف بدولة فلسطينية بحدود 67 هو طموح العديد من الدول في العالم، وليس فقط الدول العربية. وصحيح ان الولايات المتحدة ستستخدم الفيتو على مشروع قرار كهذا، ولكن اذا واصلت تتدهور العلاقات بين واشنطن والقدس، فمن شأننا ان نقف ذات يوم امام رئيس امريكي يقرر ليس بناء على رأي نتنياهو وبينيت واوريت ستروك. انتم تقولون: «هذا لا يمكن ان يحصل. أحقا. أتريدون أن نذكركم كم مرة في الاجيال الاخيرة قلتم ان هذا لا يمكن ان يحصل، وهذا حصل؟
عندها، وفقط عندها، سيذكرنا الامريكيون بان فور حرب الايام الستة 67، لم يعترفوا بـ «احتلال المناطق» وابدا، ابدا، لم يعترفوا بالقدس كعاصمة لدولة اسرائيل «الى ابد الآبدين». ونحن سنقول لهم: اذن لماذا سكتم؟ لماذا تحدثتم بهمس وبتنديدات؟ وهم سيرينوننا كل الاقوال والتحذيرات الشديدة التي تجاهلناها على مدى السنين. نحن سنقول: «لم نظن انكم جديين» و «ظننا انكم تقولون بالفم وتغمزون بالعين» وغيرها من باقي المعاذير. وسيشرح الامريكيون لنا بانهم كانوا دوما يقصدون بجدية ونحن ضحكنا عليهم ايضا. وبالمناسبة، انتم، الاسرائيليين لستم وحدكم في المشكلة. فها هو انظروا إلى بوتين العظيم في روسيا. اتخذنا عقوبات ضد روسيا العظمى وبعد قليل لن يكون لهم ما يأكلون. أتريدون أمثلة اخرى؟ إيران سبق أن قلنا؟
يديعوت أحرونوت