تعلموا من السيسي

يوسي أحمئير
الأمطار والبرد التي حلت علينا مؤخرا لم تتجاوز قطاع غزة. قادة حماس بالتأكيد موجودون في بيوت مدفأة ومحمية في حين أن عشرات الآلاف من الناس يعانون جدا.
إن الصور من هناك تُظهر بيوتا مدمرة جزئيا حيث نوافذها مغطاة بالبطانيات والشراشف تجنبا للبرد والأمطار ـ حيث لا يوجد لهم ملاذ آخر. ليس في قلبي شفقة عليهم، فاذا كانوا يتحملون هذا الحكم الإرهابي المستبد والقاتل فانهم يستطيعون أن يتحملوا بهدوء ضربات جنرال الشتاء. اعمال الاعمار منذ عملية الجرف الصامد متوقفة تقريبا. المبالغ الباهظة التي وُعد بها كالعادة من جميع أنواع المصادر العربية والاوروبية – ما زالت في حكم ضريبة الكلام – بطيئة في المجيء. يمكن الافتراض أن الموارد المحدودة الموجودة لدى حماس يتم استثمارها تحت الارض وليس فوقها. إن الكراهية لإسرائيل بقيت كما هي. الرغبة في تجديد عمليات اطلاق النار والصواريخ والتسلل من الانفاق، غير خفية.
يحد قطاع غزة كما هو معروف دولتين، الحدود الاكثر طولا، من الغرب والشمال، هي مع إسرائيل، المكروهة من قبلهم. والحدود الجنوبية هي مع مصر، «الأخت» الكبيرة. ومن الغريب: في حين أن إسرائيل تسمح بادخال البضائع، الغذاء ومواد البناء، بصورة مراقبة، فانها متهمة حتى الآن بفرض الحصار، ومصر تُسرع في هذه الايام الفصل التام بينها وبين القطاع بنشاطات محمومة تجري على الحدود، بالقرب من رفح.
إسرائيل تنقل كميات كبيرة من الاسمنت للقطاع – بدون أن يكون في يدها امكانية المراقبة الفعلية لأن تذهب هذه المادة الحيوية لاعمار المنازل فقط وليس لبناء الانفاق القديمة والجديدة. الانفاق لا نراها ولكن الاحياء المدمرة نراها ونراها. الصورة التي تظهر قبيحة، لا يوجد اعمار ولا بطيخ. قادة حماس يتفاخرون بأنهم يجددون الحفر في الارض، وأن تجديد الهجوم على إسرائيل هو مسألة وقت.
وماذا عن مصر؟ انها الآن مشغولة بصورة محمومة في مشروعين ضخمين، تقريبا فرعونيين، الاول توسيع قناة السويس من اجل تمكين عبور سفن ضخمة وبذلك يتم تحسين الميزان النقدي للدولة. الثاني اقامة قطاع فاصل بين سيناء وغزة.
في البداية تم الحديث عن عرض نصف كيلومتر. الآن وصل المصريون إلى الاستنتاج بأنه مطلوب لهم فاصلا يبلغ الكيلومتر، والجرافات المصرية تدمر مئات البيوت داخل هذا المجال. اضافة إلى ذلك يتم حفر قناة عميقة، لمنع امكانية حفر الخنادق إلى سيناء.
هل مصر متهمة بفرض الحصار على قطاع غزة؟ لا وألف لا. هل مصر متهمة باجلاء تعسفي لمئات العائلات المحلية من اماكن سكنهم وبالتنكيل وبفرض الحصار الخانق على الفلسطينيين المساكين؟ لا ولا. لا يوجه أحد يوجه الاتهام لمصر، لا قادة حماس ولا أبو مازن ولا باقي العرب، حتى لم يُسمع أي صوت من اوروبا ضدهم. أمأمنا هنا تجسيد واضح للكيل بمكيالين فيما يتعلق بإسرائيل، مقابل التعامل مع دولة عربية تعمل من اجل تحقيق مصالحها.
لنا نحن الإسرائيليين لا يوجد، كما هو معروف، أي ادعاءات بهذا الشأن على مصر، بالعكس، فليضربوا عدونا المشترك – منظمات الإرهاب الإسلامية، سواء كانت في غزة أو في سيناء. اليوم يوجد الكثير من الامور المشتركة بين القدس ونظام السيسي، لكني لست على يقين من أنه لا يوجد لدى المصريين ادعاءات ضدنا، بأننا لم نتخذ اجراءات في حدودنا مع القطاع مثل تلك التي اتخذوها في مصر.
نحن نقوم بصبر بابتلاع استمرار التحريض الفلسطيني الضخم ضدنا، التحريض المتطرف لهنية ورفاقه، الانتقادات والاحتجاجات على الحصار الذي هو ليس حصارا بتاتا. نحن ندفن رأسنا في الرمل، في الوقت الذي يستمر فيه التسلح والحفر في غزة – بواسطة الاموال والاسمنت القادم من إسرائيل. وهكذا فاننا نستجلب الحرب الرابعة، ولكن متى سنستيقظ أخيرا ونعلم من مصر السيسي كيف نحارب العدو وكيف نقضي على الإرهاب.
معاريف