عربي صهيوني؟

يرون لندن
قبل نحو 10 سنوات ادين صالح طريف باعطاء رشوة، بالغش وخرق الثقة. فقد دفع رشوة لموظف كبير في وزارة الداخلية كي يمنح لصديقه، مواطن من السلطة الفلسطينية، رخصة لاقامة دائمة في اسرائيل. وفرضت عليه المحكمة عقابا خفيفا لتأثرها بما قاله شهود الدفاع عن شخصية المتهم ممن وقفوا إلى جانبه. وبين الشهود كان اثنان من شخصيات «الليكود»: موشيه آرنس، وزير الدفاع الاسبق وجدعون ساعر، الذي كان في حينه نائبا بارزا. فقد أيدا طريف، الوزير غير اليهودي الاول في حكومات اسرائيل رغم كونه رجل الحزب الخصم. وينبغي ان يسجل هذا لهما، وان كان مسموحا ان نشك بانهما فكرا بانتمائه لعائلة طريق وبالمكسب الانتخابي الذي يمكنهما أن يحققاه في الوسط الدرزي.
والان ينقض حزبهما على زهير بهلول الذي قام بفعل يشبه فعلهما. فقبل سنتين قدم شهادة توصية شخصية من اجل شاب عربي ادين بتقديم مساعدة للعدو وحكم بالسجن لسبع سنوات. وقد تحفظ على المدان وعلى افعاله ووصفه كتفاحة سقطت بعيدا عن الشجرة، ولكنه تحدث في صالح عائلته التي يعرفها بقوله انها مثال لتقريب القلوب بين العرب واليهود. ويعرض دعائيو اليهود هذا الفعل النزيه كخيانة وكدليل على صورة الحزب الخصم غير الصهيونية.
في غياب اتفاق على جوهر الصهيونية في ايأمنا، لا حاجة للانفعال من لقب «غير صهيوني»، ولكن في نظر الكثيرين يعد هذا شتيمة مثل «لوطي»، «يساري» او «غير يهودي»، مما يذكر بحملة الانتخابات العاصفة في 1999 حين همس بنيامين نتنياهو في اذن المبروك العجوز كدوري قائلا ان «اليسار نسي ماذا يعني أن يكون المرء يهوديا»…، هذه الهمسة اللاذعة خلفها كارث لحزبه. كان هذا تحريضا يستهدف اعتبارات انتخابية، ولكنه تعبير عن خصلة يتميز بها الاشخاص ذوو الرأس اليميني: فهم لا يتدبرون امرهم مع الهويات المركبة. بالنسبة لهم الانسان لا يمكنه أن يكون صهيونيا شكاكا ورغم ذلك يحب بلاده أو ان يكون يهوديا دون أن يؤمن بوجود الرب وبوعوده لشعبه اسرائيل، وبالتأكيد لا يمكن ان يكون شخصا مواطنا مخلصا وان يشعر ايضا باتصال روحي بالشعب الفلسطيني، بالامة العربية وبالدين الإسلامي. فعدم القدرة على احتواء هذا التعقيد هو خصلة طفولية لا تسمح بدوائر هوية موحدة وتناقضات داخلية الا اذا لم يكن وجودها يشكك بفكر من يحظر هذا الوجود.
هاكم مثلا عشرات الاف الاسرائيليين من مواليد البلاد يحملون جنسيات اخرى، سواء لاعتبارات الراحة ام لانهم غير واثقين بمستقبل اسرائيل. عشرات الاف المهاجرين يبقون لديهم جوازات سفر بلدانهم الاصلية كبوليصة تأمين او لانه توجد لديهم صلة روحية بالمكان الاخر. فهل هم ذوو هوية مزدوجة، صهاينة مشكوك بهم، خونة محتملين؟ لماذا يطالب المواطن العربي الذي ليس له جواز سفر غير جواز سفره الاسرائيلي ولم يشكك ابدا باسرائيليته ولكنه لا يمكنه ان يترك هويته الاخرى بالصهيونية بلا شروط؟
فاليهود بالذات يفترض أن يفهموا هذا، حيث أن معظم اليهود في حالة اغتراب، فهم ليسوا فقط ذوي هوية مركبة كباقي بني البشر، بل انهم مطالبون في أن يعلنوا عن هويتهم السائدة ولا يصدقهم الناس حتى عندما يقسمون الولاء لوطنهم. فالشك بالهوية المزدوجة والذي يؤدي إلى الخيانة يرافق اليهود منذ منفاهم في مصر ولا حاجة لذكر المصائب التي اوقعها على ابائنا واجدادنا. هذا هو السبب الذي يجعل اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية تمتنع عن اشراك يهود في افعالها الا عندما يكون الاغراء يتغلب على مشاعر المسؤولية تجاه الجالية اليهودية. هكذا حصل في قضية جوناثان بولارد التي افزعت يهود الولايات المتحدة. فهل اليهودي الامريكي الذي يدعو إلى التخفيف من عقوبته «ليس امريكيا»؟ لحسن حظ يهود أمريكا، فان الرأي العام هناك لا يسيطر عليه محرضون مثل رجال دعاية «الليكود».
يديعوت أحرونوت