يهود أوروبا في خطر

الاعتداءات الإسلامية عليهم سوف تتصاعد خلال السنوات القادمة
امنون جاكونت
مع مرور الايام، عندما ينظرون إلى الخلف، سيضطر المورخون للاعتراف بأن الفترة الزمنية التي نحيا بها كانت ذات دلالات مشحونة في تاريخ يهود اوروبا، وربما في تاريخ يهود العالم بشكل عام. لقد انتهت فترة الامن التي بدأت مع نهاية الحرب العالمية الثانية, انتهى 70 عاما من الهدوء.
لا يمكن تجاهل العامل الذي يربط بين مجموعة الاعتداءات من قبل المسلمين على اليهود والمؤسسات اليهودية في فرنسا (ابتداء من قتل ايلان حليمي، الذي خطف عام 2006 من قبل مهاجرين مسلمين وعذب حتى الموت، وصولا إلى القتل الجماعي في سوبرماركت «هيبر كاشير» في بلجيكيا والمتحف اليهودي في الدانمرك وفي دول اوربية اخرى.
التصريحات التي ادلى بها رؤساء الدول المعنية، والذين اكدوا بأن قوات الامن ستبذل ما يلزم كي تدافع عن اليهود وجعلهم يشعرون بالامان ككل مواطن آخر، لا يوجد فيها ما يشعر بالطمأنينة. فطالما يستطيع الاولاد الدانمركيون اقامة احتفال بدون حراسة، في حين يحتاج الاولاد اليهود لطلبها، فهذا يعني ان اليهود ليسوا مواطنين عاديين في الدنمارك، في فرنسا او في بلجيكيا.
كانوا كذلك فيما مضى، واليوم عادوا مجددا لكي يكونوا اقلية تحتاج إلى حماية، طائفة لها احتكاك مع طائفة اخرى متطرفة وعدوانية.
على النقيض مما كان سابقا، فإن قلة فقط من المسيحيين يمكنها ان تعتدي على اليهود. لقد انتقل السيف من الصليب إلى الهلال، انتقل إلى ايدي الشبان المسلمين والشبان الاكثر صغرا، ممن ليس لديهم ثقافة او عمل، ولا يشعرون بالانتماء للافكار الليبرالية الغربية.
النزاع الاسرائيلي الفلسطيني، والذي يوفر للكثير من المسيحيين الشبان مهربا من مشاعر الذنب التي أرقت اباءهم، يزود بالمقابل الشبان المسلمين بشرعية العمل ضد اليهود في اوساط تجمعاتهم. يضاف إلى ذلك الضغط المتواصل من السلطات، والتي بسببها تمتنع واسائل الإعلام عن قول ما يجب ان تقوله بوضوح لا لبس فيه، حول النمو المتواصل للجهاد، الحرب المقدسة ضد الكفار، وعلى رأسهم يهود أوروبا بشكل خاص، ويهود العالم بشكل عام.
الوضع الاقتصادي للمهاجرين المسلمين في أوروبا، غياب امكانية دمهجم مع السكان المسيحيين، (على خلاف ما جرى مع الروس البيض، والذين وصلوا باريس في بداية القرن العشرين، أو سكان بولندا الذين هاجروا نحو المانيا في العقود الماضية)، والتدريب الذي توفره مدرسة الإرهاب في العراق وسوريا ـ يثبت بأن الإرهاب الإسلامي البين اوروبي سيزداد قوة.
أولا او آخرا، سيضطر كل يهودي في اوروبا، ان يحسم اختياره في هذه المعضلة: فيما اذا كان عليه ان يواصل حمل اشارات التمييز اليهودية: «الاسم، المدرسة اليهودية، ارتياد المطاعم الحلال علنا»، بثمن الخوف الدائم وطلب الحماية، او ان يلقي هذه الإشارات جانبا، بالابتعاد عن حياة جماعة اليهود وتغيير الاسم.
هناك بالطبع خيار ثالث: الهجرة، وهنا يطرح السؤال إلى أين؟ ففي المقابل العالم كبير، منفتح ومتسامح.
استراليا، كندا والولايات المتحدة لا تعاني تقريبا من ظاهرة الإرهاب الإسلامي، ويبدوا انه من الممكن ممارسة حياة يهودية ظاهرة ومنفتحة. ولكن حتى في هذه الدول توجد مؤسسات يهودية تحتاج إلى حماية، والتحريض فيها ضد المؤسسات اليهودية في ازدياد.
حتى في هذه الايام، ايام ما بعد الصهيونية والعولمة، الدولة الوحيدة التي يستطيع فيها اليهودي ان يقيم يهوديته بوضوح وبأمان ـ هي دولة اسرائيل. هذا هدفها، ولهذا قامت. صحيح، الامور هنا ليست سهلة، ولكن على العكس من اوروبا وأمريكيا وسائر القارات، هنا البيت.
الشاعر روبرت بروست (في قصيدته «موت العامل المياوم») كتب: «البيت هو المكان الذي عندما تحتاجه فهم مجبرون على إدخالك». طالما اراد اليهود ان يستمروا بكونهم يهودا، يمكن ان ينطبق عليهم القول، البيت هو المكان الذي تستطيع ان تكون فيه.
هآرتس