القنبلة ستأتي بعد الاتفاق

عشر سنوات قادمة هي دهر بالنسبة لرئيس الولايات المتحدة الذي سيراقب أداء طهرانبقلم: شموئيل روزنر
في شهر حزيران القادم سيكون قد مر عشر سنوات على الفوز في الانتخابات لمحمود أحمدي نجاد في إيران، ولكن الوقت يمر بسرعة. احمدي نجاد قام بما قام به، صعد وهبط. القطار الإيراني المندفع نحو هدف حُدد منذ أكثر من عشر سنوات سيواصل سيره إن شاء الله بأكثر من عشر سنوات بعده.
ايضا رئيس الولايات المتحدة اوباما اعترف ـ اضطر للاعتراف ـ بأن هناك فرق جوهري بين ما سيقوم به الاتفاق مع إيران في العقد القادم وبين ما سيحدث بعده. طوال عقد من الزمن إيران ستكون على بعد سنة من انتاج القنبلة النووية، في أحسن الاحوال. بعد ذلك سيتقلص زمن الانذار «بصورة كبيرة» كما أوضح وزيرا الخارجية السابقين هنري كيسنجر وجورج شولتس في مقالهما الانتقادي حول الاتفاق الذي نشرته صحيفة «وول سترين جورنال». يوجد لهما حس تاريخي متطور، وايضا مكوثا طويلا في الساحة. شولتس سيصبح عمره قريبا 95 سنة وكيسنجر أصغر قليلا، 91 سنة. كيسنجر كان رجلا أساسيا في السياسة الخارجية لادارتي ريتشارد نكسون وجيرالد فورد. شولتس تولى منصبه في ادارة رونالد ريغان. كما يبدو ادارتين رؤيتيهما مختلفة. في الحقيقة ادارتين يمكن تشخيص العديد من الامور المشتركة بينهما ـ في السعي المتشدد والمخادع لتحقيق أهداف أساسية امريكية.
بناءً على ذلك، الواقع المحزن لاتفاق اوباما ـ طهران لا يغيب عن أعينهما: طوال سنوات كثيرة ادعت الولايات المتحدة بأن وجود إيران نووية غير مقبول عليها وأنها ستوقفها حتى لو كان ذلك بثمن باهظ. جاء اوباما وأثبت أن هذا الادعاء ليس له وزن حقيقي. تواصلت السياسة الإيرانية ـ حتى تحقيق أهدافها. تواصلت السياسة الامريكية – حتى مجيء الرئيس القادم.
هذه ليست ظاهرة جديدة، وايضا ليست خسوفا غير معروف للمقاربة الديمقراطية مقابل مقاربات اخرى. كيسنجر نفسه كسر تقليدا مطولا عندما كان شريكا مركزيا في قرار الولايات المتحدة المتعلق باقامة علاقات دبلوماسية مع الصين الشيوعية. ومع ذلك فان الفرق كبير: خطوة نكسون وكيسنجر كانت نابعة من القوة. خطوة اوباما هي خطوة نابعة من التعب والضعف.
وأيضا: خطوة كيسنجر جاءت في نهاية فترة طويلة أُديرت فيها السياسة الخارجية الامريكية من قبل نخبة فوق حزبية، مكّنت في مواضيع عديدة وجوهرية من استمرار الارث والقيم والاهداف، من ترومان حتى آيزنهاور، من آيزنهاور حتى كنيدي، ومن الأخير حتى جونسون ومنه إلى نكسون وفورد.
من الصعب التشخيص بدقة نقطة الانهيار. الخروق حدثت بالتدريج وعندها بدأت بالاتساع. ما هو واضح: الجيل السائد لتلك السنوات، أصلع ونخبوي ومعتدل، أخلى مكانه لجيل من محاربين أكثر ايديولوجية. كما هو مفهوم فقد كان لذلك مزايا عديدة. ريغان كان أقل ترددا في تحديد رغبته لأن يرى نهاية امبراطورية الشر للاتحاد السوفييتي. بيل كلينتون حتى لو لم يكن ذلك فوريا، قرر أن يجند الولايات المتحدة في خدمة تعهدات ثقيلة في البلقان رغم وجود مصلحة امريكية كان يصعب تشخيصها. لكن نواقص السياسة الخارجية المتسولة والنزوية تقريبا تبدت في إيران. إن من يستصعب الحفاظ على تواصل سياسة خارجيته فانه يستدعي أعداءً لسحب أقدامِهم انتظارا لتحسن الظروف. وكما قام مدراء ومعلمون بسحب أقدامِهم ازاء الاستعطاء غير المتساهل لوزير تعليم جاء لاختراع العجلة، ولم يفهم أن خطوة كهذه لا يمكن تنفيذها في فترة وزير واحد ـ هكذا جر الإيرانيون أقدامهم أمام ادارة بعد اخرى. وعندما ذهلوا للحظة كما حدث كما يبدو عند غزو القوات الامريكية للعراق في 2003، عندما شعروا بأن الدور سيأتي عليهم، تجمدوا في مكانهم، وعندما شعروا بأن الظروف أسهل، مع صعود اوباما إلى السلطة، زادوا السرعة.
بعد ست سنوات على انتخاب اوباما وقبل سنتين من انتهاء ولايته، فهم الإيرانيون أن اللحظة الصحيحة للمفاوضات حانت. لقد بقي للرئيس فقط وقت قليل لأن يعرض انجازا. سنتين. من وجهة نظره فان عشر سنوات قادمة هي أمد بعيد، وأن لديه أفضلية واضحة. العقد سينتهي فقط بعد نهاية ولاية الرئيس القادم أو بعد الولاية الاولى للرئيس ما بعد القادم (اذا تولى الرئيس القادم فقط اربع سنوات). لا بأس، ربما يكون اوباما سياسي بائس، لكنه سياسي محتال. عشر سنوات ستُمكنه من القول في حال الفشل، إن خليفته هو المتهم بالفشل. يمكن البدء بعد الايام.
معاريف