شهداء مخيمات الشتات، ذهبوا ضحية "تطويق الأزمة"

رام الله: لم يمر حزيران هذا العام دون أن يجلب المزيد من المآسي إلى فلسطينيي الشتات في مخيمات سوريا ولبنان، هناك سقط أبناؤنا بدماء باردة، ففي نهر البارد سقط الأحمدان ( أحمد القاسم وأحمد أنيس) وفؤاد لوباني، وفي عين الحلوة حلقت روح خالد يوسف، وبعدها بأسبوع، لم يشأ الموت إلا أن يمر على مخيم النيرب في سوريا، وهناك أخذ معه فوزي البستوني، وأحمد عمر الخطيب وحسن أبو رجب . توتر شهدته المخيمات الفلسطينية، وكان الموقف الفلسطيني الرسمي يهدف إلى احتواء الأزمة، تحسباً من اتساعها، الأمر الذي رأى فيه بعض المحللين تنازلاً عن حق أهالي الضحايا في محاسبة من أهدر أرواح أبنائهم، وتشجيعاً لبعض الأطراف بأن تواصل تصدير أزماتها الى المخيمات الفلسطينية كونها الطرف الأضعف، بينما رأى آخرون أن الموقف الفلسطيني كان الحل الوحيد والأمثل للخروج من الأزمة في ظل توتر داخلي في كل من سوريا ولبنان .

السبب تراجع دور المنظمة

كايد الغول عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية قال إن تعامل المستوى السياسي الفلسطيني مع ما جرى في مخيمات الشتات يعكس ضعف مكانة وموقع منظمة التحرير في الخارج، لأنه عندما كانت المنظمة تلعب دوراً قياداً كان لها الموقف المؤثر في مثل هذه الأحداث والذي لم نلحظه هذه المرة وفقأ لما قاله الغول. وأضاف " هذا الدور الضعيف شجع بعض الأطراف الى التمادي على التجمعات الفلسطينية والاعتداء على اللاجئين مثلما جرى في مخيم نهر البارد، وكان من المطلوب أن يعالج هذا الموضوع بحكمة وبطريقة لا تسمح باستسهال الاعتداء على الفلسطينيين ". وتابع الغول انتقاده لموقف القيادة قائلاً " كان من المهم ايصال رسالة واضحة تقول انه في الوقت الذي يسعى فيه الفلسطينيون للحفاظ على سيادة الدولة اللبنانية والقانون اللبناني، فان الشعب الفلسطيني لا يقبل أن يدفع ثمن صراعات داخلية ، وأن منظمة التحرير لا تقبل الاعتداء على أي فلسطيني بأي مكان وجد".

الحل الوحيد احتواء الموقف

مسألة احتواء الموقف وتطويق الأزمة وعدم الانجرار لشأن داخلي، رأى فيها المحلل السياسي طلال عوكل السبيل الوحيد الذي يمكن للقيادة الفلسطينية ان تتدخل من خلاله، وتابع عوكل " بالنسبة للحالة اللبنانية فيبدو أن هناك أيادٍ ثالثة تحاول أن توقع بين الفلسطينيين واللبنانيين وتنقل الأزمة السورية الى لبنان ولكن من قبل أيادي فلسطينية هذه المرة، ولذلك كان المطلوب اطفاء النيران بسرعة وتحييد المخيمات وعدم ادخالها بصراع محتمل، خصوصا ان الارض اللبنانية رخوة وتأثيرات الأزمة السورية تنتقل اليها بسرعة". وردا على من يحملون المسؤولية لضعف منظمة التحرير قال عوكل " اذا تحدثنا عن دور منظمة التحرير تجاه المخيمات في لبنان، فهناك تجاهل كبير لتلك المخيمات، ولكن هذه المرة لا ألوم المنظمة، فلم يكن مطلوباً من الفلسطينيين أن يكونوا أقوياء لمواجهة الجيش اللبناني، الموضوع هو موقف سياسي والاشتباكات والنيران لا يمكن ملاحقتها إلا على أساس سياسي ".

سقطنا في الإمتحان

" لا عزاء لشعبنا في لبنان وسوريا، فالمرحلة هذه هي الخراب، خراب المؤسسات والافراد. وتكاد البيانات السياسية الصادرة عن مؤسساتنا في غزة ورام الله ان تتقدم بالعزاء او التهنئة من "الشعب الفلسطيني الشقيق"، بهذه الكلمات ختم الصحفي صالح مشارقة مقاله في جريدة الحياة تعقيباً على ما رآه من موقف فلسطيني رسمي وإعلامي وشعبي منقسم غير قادر حتى على الوقوف بجانب أهالي الضحايا، أو تبرير ما حصل لأبنائهم. وأضاف مشارقة في حديث مع الحال " عدم التضامن وانهياره يشكل مفاجأة لي، وغريب عن هوية شعبنا وتضامنياته التاريخية، واضح اننا في خلل كبير في وجداننا وانتماءاتنا السياسية والأخلاقية ونتعرض لحالة نسيان مذهلة في هذه الفترة... انصعقت من عدم نقل اخبار استشهاد ابنائنا في مخيمات لبنان وسوريا .

وعن الموقف الرسمي قال مشارقة" الموقف الرسمي لم يحرك ساكنا في الموضوع وظل يتلطى خلف شعارات سيادة الدولة المستضيفة وإننا ضيوف و نشكل ثقلا على دول الاستضافة، هذا خطاب سياسي ضعيف ويحتاج الى اعادة قراءة من كل المؤسسات الفلسطينية السياسية والإعلامية والجماهيرية، شعبنا ليس فقط من هم في الضفة وغزة، نحن اكثر من عشرة ملايين ويجب ان تتجدد افكار تضامننا ووحدتنا وللأسف سقطنا في هذا الامتحان ونسقط منذ فترة ".

التضامن الشعبي كان خجولاً جدا إلا أن الأمر لم يخلوا من وجود بعض دعوات للتضامن والاعتصام هنا وهناك، ومنها كانت " مجموعة فلسطينيون من أجل الكرامة" والتي دعت للتضامن مع أهالينا في مخيمات الشتات.

حازم أبو هلال هو أحد أفراد تلك المجموعة، قال ان فكرتهم الرئيسية هي ان هناك مشكلة اساسية تتعلق بتمثيل الشعب الفلسطيني، فكانت الدعوة للتضامن مع اللاجئين في لبنان، والمطالبة بحق التمثيل للشعب الفلسطيني، وتجمع عدة شباب على توافق بين القضيتين .

وعقب أبو هلال على موقف القيادة الفلسطينية قائلاً " المشكلة الحقيقية هي ان تعامل القيادة الفلسطينية هو ردات فعل فقط، حتى أن ردة فعلها هذه المرة كانت عادية جدا وكأن ما يجري في مخيمات الشتات لا يخص الشعب الفلسطيني وطالبوا الشعب بضبط النفس بدل محاسبة المسؤولين عن قتل أبناء الشعب الفلسطيني".

 وطالب أبو هلال القيادة الفلسطينية بتغيير نهج المفاوضات القائم منذ سنوات طويلة، وتغيير عملية اختصار الشعب ب3 ملايين يعيشون في الضفة وغزة، مؤكداً على أنه يجب اعادة تشكيل المجلس الوطني وتمثيل الجميع، بعيدا عن عملية المحاصصة بين الفصائل وفقاً لما قاله أبو هلال .

زمن برس

نشر أيضا في صحيفة الحال*