بالغت يا صديقي عودة

اخبار فلسطين

صحف عبرية

يا زميلي عودة بشارات، ليس هكذا يجري الحديث مع اليهود. ولا سيما أنت. فأنت كاتب تنال التقدير، تكتب بالعبرية بنبرة صهيونية. وانت تعتبر في نظرنا مثالا على اللاجيء الذي تدبر أمره في الحياة. بفضلنا بالطبع. إذ انظر ماذا كان سيحصل لك لو انك فررت إلى اليرموك.

إذن لماذا لا تتعلم منا، عليك منذ الان أن تعرف بانه في دولة اللاجئين اليهود توجد مراتبية. اللاجئون اليهود يفوقون اللاجئين العرب. بين اللاجئين اليهود يفضل لاجئو اوروبا على لاجئي الدول العربية، «الشرقيين». وفي ترتيب اللاجئين «الشرقيين» يوجد فارق كبير بين لاجئي العراق ولاجئي مراكش. الاوائل جلبوا معهم «ثقافة»، تعلموا في إيلياس في بغداد وأصبحوا مدققي حسابات ومصرفيين. اما الاخيرون فملأوا السجون. في اوساط لاجئين اوروبا يوجد خط فصل بين لاجئين جدد من روسيا ولاجئين قدامى من بولندا، وبينهم وبين لاجئي رومانيا. في اسفل القائمة، قائمة الانتظار كما ينبغي أن تسمى، يوجد لاجئو أثيوبيا. هكذا هو الحال في مملكة اللاجئين. وفجأة تأتي انت لتهدد بضعضعة هذه المراتبية. فجأة يصبح لاجئو اليرموك نبلاء اللاجئين. الاوائل في الطابور. فهل حللت مشكلة لاجئي اقرث وبرعم؟ وهل نجحت في أن تعود إلى قرية مولدك معلول؟
مشكلتكم، يا عودة، هي انه من بين كل اللاجئين انتم فقط تريدون العودة إلى الوطن. انتم فقط تتجولون مع المفاتيح الكبيرة لبيوتكم، تحلمون بالايام البعيدة التي كان فيها اليهود والعرب يعيشون بسكينة وطمأنينة. بسببكم لا يوجد سلام. إذ في خيالنا نحن نرى «جموع اللاجئين يتدفقون بالباصات. نحن نريد ان تتعهدوا بان تنسوا هذا الحلم، ان تمحوا «النكبة» من القاموس، وان يبدأ تاريخكم في 1949، والاهم، ان تستوعبوا ان لسنا نحن المذنبين بمشاكلكم.
وبالفعل، في توجهك المرير، فانك تكتفي بالقليل. انت لا تقترح على إسرائيل أن تحل مشكلة اللاجئين. فحتى لهذه الهذيانات توجد حدود. انت تكتفي بالتوجه إلى الجانب الانساني في اللاجئين اليهود، تحاول ان تعزف على وتر اخوة اللاجئين، كي تنقذ لاجئي اليرموك. خطأ. اللجوء اليهودي لا يجد أي شيء مشترك مع اللجوء الفلسطيني.
والاسوأ من ذلك. بين فئتي اللاجئين تدور لعبة مبلغها الصفر. من يرأف باللاجئين الفلسطينيين ينزع من نصيب ولائه للصهيونية. من يوافق على الاعتراف بان لإسرائيل ايضا نصيبا في مأساتهم، لا يمكنه ان يعتب وطنيا. انظر هي هلع زرعت في اوساط المعقبين الذين ردوا على مقالك. سور منيع من اللاجئين وابناء اللاجئين نشأ ليحمي نفسه من كل مظاهر الرأفة. ليس لانهم اناس سيئون. فلا بد أن بعضهم مستعد لان يطير فورا ليساعد البائسين الذين تضرروا في هزة أرضية في تشيلي أو في اليابان. ولعل آخرون يتبرعون لرياض اطفال طالبي اللجوء. ولكن المساعدة للاجئين الفلسطينيين ليس موضوعا للانسانية أو الرأفة. إذ في نظرهم/نظرنا خط مباشر وقصير يربط بين الاعتراف بالمعاناة الفلسطينية وبين الاعتراف بمسؤوليتنا. هذا هو المنحدر السلس الذي من شأنه أن يدمر اسس الرواية الصهيونية، عدالة الطريق واحتكار الاحساس بالضحية. في المنافسة على هذا الاحتكار محظور التنازل، إذ لا مجال لضحيتين في دولة اللاجئين. هذا هو إما أنتم أو نحن. إذن لا سمحت، يا عودة، بصفتك لاجئا فلسطينيا مسيحيا، اقلية في داخل اقلية في داخل اقلية، لا تعلمنا ما هي الرأفة ولا تبحث عنها في أزقتنا. هذه أقاويل مناسبة للفلسطينيين الذين يريدون ان يروا فناء إسرائيل. أما اللاجئون في اليرموك فتعنى بهم الامم المتحدة. هذه مشكلة دولية، ليست إسرائيلية، ليست صهيونية وبالتأكيد ليست يهودي. وبشكل عام، هم المذنبون.

تسفي بارئيل

صحف عبرية

حرره: 
م.م