"أولمرت" يعيد ليسار الوسط الإسرائيلي عافيته!!
خاص بزمن برس
يعتقد رئيس الحكومة السابق إيهود أولمرت أن بإمكانه خداع الوسط السياسي الإسرائيلي، خاصة هؤلاء الذين بدأوا بالإعراب عن القلق من تبرئته من معظم وأهم التهم التي كان يحاكم بشأنها، يقول أولمرت، إنه لن يعود إلى الحياة السياسية "الآن"، في محاولة منه لخداع هؤلاء، خاصة رئيس الحكومة الحالي بنيامين نتنياهو وهو الأكثر تضرراً من تبرئة أولمرت وعودته الى الحياة السياسية، لأن هذا الاخير وبكل بساطة، المنافس الاكثر كفاءة لنتنياهو في حال عقدت الانتخابات للكنيست، اشارة اولمرت الى انه لن يعود الآن الى الحياة السياسية، تعود الى أنه يريد أن يجعل نتنياهو، والمتضررين الآخرين، اكثر اطمئناناً، ذلك ان رئيس الحكومة الحالي، ربما يلجأ إلى تبكير موعد الانتخابات البرلمانية المقرر أن تعقد في تشرين الثاني العام القادم، قبل أن يتمكن اولمرت من توحيد صفوف المناوئين لنتنياهو، وربما الى العودة لقيادة حزب كاديما، ما يجعله اوفر حظاً، على ضوء الاختلالات السياسية التي عمت الاوساط الحزبية في الشهور الأخيرة، في ان يكون بديلاً حقيقياً، لقيادة نتنياهو وحزب الليكود.
صحيفة "هآرتس" نقلت عن اولمرت قوله انه الوحيد القادر على "اقامة وقيادة تيار المركز واليسار في اسرائيل وخوض انتخابات الكنيست في كتلة واحدة قوية والمنافسة الحقيقية على رئاسة الحكومة والفوز بها" ولأن هذا الاحتمال بالغ الجدية، فإن المتضررين، رغم تعارضاتهم، بدأوا بتوحيد الصفوف في مواجهة الخطر الذي تشكله عودة اولمرت إلى الحياة السياسية، وربما أكثر من نتنياهو، فإن الزعيم الجديد لحزب كاديما، موفاز، الذي بالكاد استراح على كرسي قيادة حزب كاديما، هو من أكثر المتضررين من عودة اولمرت، فهذه العودة ليس فقط إلى الحياة السياسية، بل العودة لرئاسة حزب كاديما، وربما سنجد في المستقبل القريب، تنسيقاً بين ضدين، موفاز، ورئيسة حزب كاديما التي انقلب عليها، ليفني، فهذه الأخيرة كانت قد مارست ضغوطاً هائلة عام 2008 على رئيس كاديما آنذاك اولمرت، وحتى قبل توجيه لائحة اتهام ضده كي
يعتزل الحياة السياسية، ما دفعه إلى الاستقالة من رئاسة الحكومة وزعامة حزب كاديما. وبينما كان يعتقد على نطاق واسع، أن عودة نتنياهو عن بعض مواقفه المتعلقة بتجنيد "الحريديم"، لصالح رؤية موفاز، تعود إلى أن الأول، يحاول من خلال الخلاف على هذا الملف، مع شريكه الجديد ونائبه في رئاسة الحكومة، زعيم حزب كاديما، أن يجد مبرراً لتقديم موعد الانتخابات للكنيست، كضربة وقائية قبل أن يتمكن اولمرت ـ كما أسلفنا ـ من توحيد صفوف المواجهة مع نتنياهو، وبالفعل، هناك اتهامات من قبل زعامات حزب كاديما، بأن نتنياهو يعرقل التوصل إلى تفاهمات مع موفاز حول ملف تجنيد "الحريديم"، اثر تبرئة اولمرت، خشية من عودة الثاني إلى قيادة كاديما، ما دفعه الى هذه العرقلة، كي يتم تقديم موعد الانتخابات البرلمانية قبل أن يقوم اولمرت بترتيب اوراقه وحشد انصاره على المستويات الفردية والحزبية تمهيداً لانتخابات الكنيست.
في استطلاع للرأي حول شعبية اولمرت بعد تبرئته من اهم التهم الموجهة اليه، تبين ان 22 في المائة فقط يتعاطفون معه ويؤيدون عودته للحياة السياسية، وهي نسبة تبدو قليلة، لكنها كافية في حال نجاحه في حشد عدد من الاحزاب والعودة الى قيادة كاديما وانعاشه من جديد ليتصدر دور "المركز" في الحياة السياسية الإسرائيلية، بعدما يتم الحديث عن انهيار هذا الحزب قبل تبرئة اولمرت، وحسب موقع "تيك ديبكا" فإن يسار الوسط الإسرائيلي الذي ظل يتيماً بدون زعامة حقيقية، ها هو يعود للانتعاش من جديد، بعدما تبين لهذا الوسط أن ثمناً كبيراً دفعته اسرائيل حين سقط اولمرت باتهامات مزعومة ادت الى استقالته وتقديمه للمحاكمة، وذلك بالضبط عندما كان قريباً من التوصل مع الجانب الفلسطيني إلى تسوية سياسية، هذا التيار يشير إلى أن اغتيال رابين تم عند هذه النقطة بالذات، وهو ما تكرر على صورة "إسقاط سياسي" مع أولمرت أيضاً.
ويرى تيار "يسار الوسط" المشكل من أربع كتل: حركة ميرتس، حزب العمل، هناك مستقبل، وجزء من حزب كاديما، ان نتنياهو يمكن أن يقود المواجهة مع تيار اليمين على اختلاف تصنيفاته، إلا أن هذا المسعى قد يواجه صعوبة مع حزب العمل وزعيمته الشابة الطموحة "شلي يحموفتش" التي كانت تراهن على أن يشكل حزب العمل بقيادتها القوة السياسية البديلة والمواجهة لحزب الليكود، وقيادة المعارضة، إلا أن تفويت هذه الفرصة، وتسهيل مهمة تيار يسار الوسط، بقيادة اولمرت، قد يجعلها محل اتهام من أنها تبدد فرصة فريدة في اسقاط سلطة اليمين، إلا أن قراءة خاطئة لمعطيات الاستطلاع الذي أشرنا إليه، ربما يدفعها فعلاً إلى تفويت هذه الفرصة، والرهان الآن في هذا السياق على كيفية تعاطي أركان حزب العمل مع هذا الأمر، وإمكانية تشكيل حملة ضاغطة داخلية، كي تنتهز رئيسة حزب العمل هذه الفرصة للاطاحة باليمين.
وفي حال نجاح اولمرت في العودة الى رئاسة حزب كاديما، وقيادته لتيار يسار الوسط، فإن هذا التيار سيجد دعماً له من أوساط ذات طبيعة خاصة لها احترامها الكبير في الدولة العبرية، نقصد بذلك التيار الذي بات أكثر تبلوراً الآن والمتمثل بالشخصيات الأمنية الإسرائيلية والتي أعربت في مواقف متعددة عن ازدرائها لقيادة نتنياهو للدولة العبرية، وتغول تيارات اليمين على مستقبلها قبل حاضرها، مثل رئيس الموساد السابق مئير دغان، ورئيس الأركان السابق دان حالوتس، وغابي اشكنازي ورئيس الشاباك السابق يوفال ديسكين.
وعلى الأغلب فإن تيار الوسط بقيادة اولمرت، سيجند الحراك الشعبي على خلفية اجتماعية اقتصادية، ويحتضنه لصالح برنامجه في المواجهة مع احزاب اليمين، هذا التيار اقرب بكثير إلى برامج احزاب يسار الوسط، كما انه بدأ يعمل في الشارع، الأمر الذي له أهمية بالغة حين الدخول في انتخابات برلمانية !!