المشروع العربي الإسلامي المساند
في زيارته لتونس، ضيفاً على حركة النهضة الإسلامية، طالب خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس بوضع برنامج عربي إسلامي لتحرير فلسطين، وهو مطلب حق، واستنتاج صحيح إذا أجاد أهل القضية تنظيم أنفسهم أولاً ووضعوا لأنفسهم البرنامج الموحد، والمؤسسة التمثيلية الموحدة، واتفقوا على الأدوات الكفاحية المناسبة لمقارعة العدو الإسرائيلي والعمل على هزيمته. خالد مشعل في مطلبه ومسعاه يجب أن يضع المقدمة من جانبه حتى ينتظر من الآخرين النتيجة ويصل إليها عبر مقدمته، مستفيداً هو وحركته ومن بعدهما الشعب العربي الفلسطيني من تطور أحداث الربيع العربي ونجاح حركة الأخوان المسلمين في أن تكون عن حق، أقوى وأهم حركة سياسية عابرة للحدود في العالم العربي، خاصة بعد نجاحها في الحصول على الأغلبية البرلمانية في المغرب وتونس ومصر، ونجاح مرشحها محمد مرسي للرئاسة المصرية، إضافة إلى مشاركتها في الحكم في كل من الجزائر والسودان والصومال والعراق، وتقود المعارضة من موقع قوة في كل من الأردن وسورية والكويت واليمن، وهذا يؤهلها لأن تشكل رافعة قوية مساندة لحركة حماس، كي تواصل كفاحها وبرنامجها في مواجهة المشروع التوسعي الاستعماري الإسرائيلي.
وحركة حماس بقوتها الفلسطينية، كشريك قوي فاعل بين صفوف الشعب الفلسطيني، ومن داخل المؤسسة الفلسطينية، تستطيع استثمار ما توفر لها، بما لم يتوفر لغيرها من قبل، حتى في ظل الشيوعية والاشتراكية والاتحاد السوفيتي للحزب الشيوعي وفصائل اليسار الفلسطيني ولا لجبهة التحرير العربية عراقياً ولا للصاعقة سورياً، فالقدرة والإمكانية المتوفرة اليوم لحركة الأخوان المسلمين وامتدادها الفلسطيني حركة حماس، يمكن أن يشكل قوة دفع لمجمل الحركة الوطنية الفلسطينية التي تعاني اليوم من التهميش والتجويع والحصار بل والضعف أمام العدو المتفوق. استثمار مكانة وقوة حركة الأخوان المسلمين لصالح القضية الفلسطينية، يتطلب أول ما يتطلب إدراك قادة حركة حماس، أنهم شركاء في النضال الفلسطيني، وأنهم امتداد لسنوات طويلة من التضحيات قدمها الوطنيون والقوميون واليساريون من بين صفوف الشعب الفلسطيني، وأنهم التحقوا في النضال الفلسطيني بعد عام 1987 أو قبله، لتقويته ودعمه لا أن يكونوا بديلاً عنه أو نداً فكرياً وسياسياً وحزبياً له. إن فهم هذا المعنى والعمل على أساسه يوفر الأرضية من التعاون والثقة بين مختلف المكونات الفلسطينية لمواجهة المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي المتفوق والمكونات هي : التيار الإسلامي، والتيار القومي، والتيار الوطني، والتيار اليساري، ومن المستقلين، الذين يشكلون بمجموعهم ومصالحهم وتطلعاتهم ونشاطهم حراك الشعب العربي الفلسطيني في مواجهة إسرائيل وسياساتها وإجراءاتها العدوانية التوسعية.
إن العمل من أجل تحقيق شروط الانتصار يتطلب : أولاً : التوصل إلى 1- برنامج سياسي موحد 2- مؤسسة تمثيلية موحدة 3- أدوات كفاحية متفق عليها . ثانياً : القبول بمبدأ تداول السلطة والاعتماد على صناديق الاقتراع في الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبلدية ولأعضاء المجلس الوطني ومجالس طلبة الجامعات والنقابات وعلى أساس قانون التمثيل النسبي الكامل، الذي يوفر لكل طرف ولكل فصيل وحزب حقه في المشاركة والتمثيل في مؤسسات صنع القرار حسب حجمه وتأثيره في الشارع والقواعد الشعبية. ثالثاً : تقديم قطاع غزة كنموذج للشراكة والوحدة الوطنية والتعددية والتنمية، ليشكل ذلك حافزاً لأهالي الضفة والقدس لمواصلة النضال وتحقيق ما تحقق لأهالي قطاع غزة، من انحسار للاحتلال وفكفكة قواعد جيش الاحتلال، وإزالة المستوطنات. رابعاً : العمل على اختراق المجتمع الإسرائيلي، وبناء أوسع العلاقات مع مؤسسات المجتمع المدني الإسرائيلية، وخاصة قوى السلام والتقدم والديمقراطية، التي تعترف بحقوق الشعب العربي الفلسطيني والعمل على تطوير مواقفها، وفي سبيل تقديم نموذج للعلاقات الفلسطينية الإسرائيلية على أساس التعايش المشترك والندية والتكافؤ بعيداً عن علاقات التبعية والاحتلال والاستيطان ورفض الآخر، إن مشاركة حركة حماس وبما لديها من امتداد عربي وإسلامي في المشروع الوطني الفلسطيني، نقيضاً للاحتلال وللعنصرية، هو الذي يوفر المقدمات الضرورية والقاعدة المادية لبناء قوة ارتكاز شعبية وأممية للشعب العربي الفلسطيني ولمنظمة التحرير وسلطتها الوطنية، قادرة على هزيمة التحالف الدولي الظالم المساند للمشروع الاستعماري التوسعي الصهيوني. دعوة خالد مشعل، يجب أن تؤخذ بجدية، والعمل على بلورتها وتأطيرها لتكون أساساً صالحاً للعمل الإستراتيجي الذي تبدأ أُولى خطواته، بالتراجع عن مظاهر الانقلاب، وإنهاء الانقسام، واستعادة الوحدة للبرنامج وللمؤسسة وللأدوات الكفاحية الفلسطينية.