محاولات ثمارها الفشل الحزبي

أحبطت الأحزا ب الوطنية الوسطية، مبادرة أمين عام حزب الرسالة حازم قشوع الذي سعى من خلال مبادرته إلى تحقيق هدفين أولهما إيجاد علاقة متوازنة متكافئة، تقوم على الأحترام المتبادل بين الأحزاب الأردنية على مختلف توجهاتها وتباين أفكارها، وبين بعضها البعض كي تتعايش، وتتعامل مع بعضها على أساس العمل المؤسسي مع الأقرار بوجود خلافات بينها  ولكن ثمة ثوابت وطنية وأخلاقية، يجب إعلائها وترسيخها بينهم مع حفاظ كل حزب على توجهاته الخاصة به.

وثانيهما ترسيم العلاقة بين مجموع هذه الأحزاب من طرف وبين مؤسسات الدولة من طرف أخر، فالأحزاب غدت مؤسسات سياسية تطوعية رسمية، تشكلت وفق القانون، وتتوسل أن تتقدم لقيادة المجتمع، عبر الأنتخابات وما تفرزه صناديق الأقتراع، وتتأصل في مسامات مكوناته، عبر برامجها السياسية والأقتصادية والأجتماعية، وهذا يتطلب الأرتقاء في صيغ وأليات نشاطها وحضورها، وإنعكاساً لهذا الفهم، وتأكيداً له، دعا أمين عام حزب الرسالة كافة الأحزاب المرخصة، لعقد إجتماع عمل في منزله، في ظل أجواء رمضان، ولبى الدعوة 16 حزباً سياسياً يمثلون التوجهات الفكرية الأربعة الوطنية الوسطية والقومية واليسارية والأصولية وتناولوا في إجتماعهم الذي عقد يوم الأثنين 6/8/2012 الوضع السياسي من كافة جوانبه ، والأنتخابات النيابية المقبلة ، وقانون الأنتخابات الخلافي ، وقد برز في الأجتماع المواقف الثلاثة من الأنتخابات : أولاً : موقف الأحزاب الوطنية الوسطية الذي يدعو للمشاركة على قاعدة القانون القائم الذي أكمل خطواته الدستورية ، والمتضمن إعطاء المواطن صوتان واحد للدائرة المحلية والثاني للدائرة الوطنية، مع تحفظ بعضهم على القانون.

ثانياً: الموقف المعاكس للموقف الأول، والمتمثل بحركة الأخوان المسلمين الذي مثلها في الأجتماع رئيس مجلس الشورى لديها علي أبو السكر، والمتمسك بمقاطعة الأنتخابات تسجيلاً وترشيحاً وإنتخاباً، على خلفية مطالبهم بتعديلات دستورية وتغيير القانون، بإتجاه ثلاثة أصوات، صوتان للدائرة المحلية والصوت الثالث للدائرة الوطنية.

ثالثاً: موقف الأحزاب القومية واليسارية، والذي مثلها في الأجتماع نشأت خليفة أمين عام الحركة القومية للديمقراطية المباشرة، والتي إتخذت قراراً بالتريث وعدم التسرع في إتخاذ موقف بالمشاركة أو بالمقاطعة للأنتخابات، وكانت حجتهم الأولى إنتظار نتائج إستفتاء قواعدهم الحزبية والجماهيرية، بهدف التوصل إلى قرار بالمقاطعة أو بالمشاركة، في ضوء نتائج الأستفتاءات الداخلية، وحجتهم الثانية أنهم يُراهنون على تطورات سياسية تمليها الأحداث الجارية محلياً وعربياً وإقليمياً، قد تدفع صاحب القرار إما بتأجيل الأنتخابات أو بالدعوة لأعادة النظر بقانون الأنتخابات بإتجاه توسيع الدائرة الوطنية، بعدد أخر من المقاعد إلى ما هو أكثر من 27 مقعداً، وفق القانون، كي يقترب من المناصفة في توزيع مقاعد البرلمان 150 إلى النصفين، نصف للدائرة المحلية بـ 75 مقعداً والنصف الأخر 75 مقعداً للدائرة الوطنية، ويخلق حالة من التمازج ما بين مصالح القوى المحافظة في دوائرها المحلية، وما بين التطلعات التقدمية العصرية التي تسعى نحو تفعيل المفاهيم الوطنية، على أساس المواطنة والعدالة وتكافؤ الفرص بين كافة الأردنيين.

مبادرة حزب الرسالة، التي إستجاب لها أغلبية الأحزاب الوسطية ، وكذلك حركة الأخوان المسلمين وممثل عن الأحزاب اليسارية والقومية، كان يفترض أن تتسع لتشمل باقي الأحزاب المقاطعة أو التي إعتذرت لسبب أو لأخر، ولكن بدلاً من أن تتسع دائرة المشاركة لتشمل جميع الأحزاب إقتصرت المشاركة في الجولة الثانية التي عقدت بدعوة من حزب الأتحاد الوطني يوم 13/8/2012 على نفس عدد المشاركين مما حافظ على المبادرة، ولكن بدلاً من أن تقف وتسير على سكة الوصول إلى هدفها بإقامة شكل مؤسسي للأحزاب، أخفق القائمون على الدعوة، ولم يدركوا أهمية مشاركة الأخوان المسلمين وممثل عن الأحزاب اليسارية والقومية، وإستجابتهم للدعوة، فإستعجل قادة الأحزاب الوسطية، وأثروا إصدار بيان لا يعبر عن موقف جميع المشاركين، وإقتصر البيان على توقيع الأحزاب الوسطية دون الأخوان المسلمين، ودون ممثل الأحزاب القومية واليسارية.

مبادرة حزب الرسالة وأمينه العام حازم قشوع تمت وأدها قبل أن تستكمل ولادتها في مواصلة الطريق لتأسيس مؤسسة حزبية، تتعامل مع بعضها البعض، على قاعدة الأحترام والأحتفاظ بالخصوصية، مع البحث والتوصل إلى قواسم مشتركة بين المكونات الفكرية والسياسية الأربعة للأحزاب الأردنية.

البيان الأنشائي الأملائي الذي صدر عن الأحزاب الوطنية الوسطية، بلا معنى ولم يترك أثراً لا لدى الرأي العام، ولا حتى لدى الصحف أو المتابعين للشأن العام، على الرغم من توقيع أكثر من عشر أحزاب وسطية عليه، ولكن بغياب توقيع كلا علي أبو السكر، ونشأت خليفة ، فقد البيان أهميته، وبالتالي تم إحباط المبادرة وكأنها لم تكن، بعد أن سعت المبادرة لخلق حالة جديدة، ولكنها بدلاً من ذلك سجلت فشلاً جديداً لدى الأحزاب الوسطية في مقر حزب الأتحاد الوطني، سيترك بصماته السلبية على المسار الحزبي، وبقاء الفجوة متراكمة بين مكوناته الحزبية المتعددة.

h.faraneh@yahoo.com