من أجل أردن ديمقراطي تعددي
سواء لأسباب داخلية محضة تتوسل التكيف مع قيم العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين الأردنيين، وهي أساس الأستقرار والأمن والطمأنينة، على قاعدة الحقوق والواجبات وترابطها، المجسدة في الدستور بإعتباره الناظم للعلاقات بيننا، وبإعتباره العقد القانوني والأجتماعي والأنساني الذي يجمعنا، والذي يتبدل ويتطور وفق تبدلات الحياة السياسية والأجتماعية والأقتصادية، إضافة إلى إستمرار وتفاقم المديونية والعجز في الموازنة، وإنتشار البطالة والفقر وسوء الخدمات، وسواء لأسباب خارجية عنوانها مواجهة التوسع الأستعماري الأسرائيلي الذي قام ونما وتطور على حساب ليس فقط فلسطين بل وعلى حساب الأردن وأمنه وإستقراره ومصالحه، فالأحتلال وقع لأم الرشاش بعد 1948 وسماها إيلات، وتوسع في وادي عربة، وإحتل الضفة الفلسطينية التي كانت جزءاً من المملكة الأردنية الهاشمية، وإعتداءاته المتكررة المستديمة من طرف واحد على المياه الجوفية، والبحر الميت وغيرها، تفرض حالة من التحديات لمواجهة هذا الخطر الداهم والباقي والمستمر إضافة إلى مشاكل الأقليم وعدم إستقراره ومواصلة الحروب البينية والأهلية وإنعكاساتها علينا وأخرها هذا التدفق من اللاجئين السوريين.
تحديات داخلية وخارجية، تتطلب الأرتقاء بخطابنا الداخلي، بإتجاه التماسك والوحدة وصيانة القيم الوطنية والقومية والدينية والأنسانية وشيوع مفاهيم التعددية والديمقراطية والأحتكام إلى صناديق الأقتراع، على أساس المواطنة ، والهوية الوطنية الأردنية، ودعم وإسناد الشعب الفلسطيني لأستعادة حقوقه الثلاثة على أرضه: المساواة في مناطق 48، والأستقلال لمناطق 67، والعودة للاجئين.
إن الأنتصار للمواطنة، وللهوية الأردنية، لا يتعارض مع التعددية القومية عرب وشركس وشيشان وأكراد وغيرهم، ومع التعددية الدينية مسلمين ومسيحيين ودروز، ولا يمس الأنتماء الجهوي العشائري المحلي بكل تصنيفاته وتلاوينه وأصوله ومنابته، وفق الدستور والقانون.
إن تفهم الأخر، بإقرار وجود أخر غيري، وأن الأردن مثل الحياة يتسع لنا جميعاً، وأن أمنه وواقعه وخيراته وتطلعاته وأماله للجميع ومعاناته على الجميع، إن هذا الوعي بهذا الفهم يذلل العقبات ، ويزيل الحساسيات، ويوفر مناخاً صالحاً كي نفهم بعضنا بعضاً، وأن نجد العذر لبعضنا بعضاً، فالتجارب المريرة التي مررنا بها، ومر بها غيرنا من الأشقاء والأصدقاء وعلى إمتداد العالم، يجب أن يوفر اليقظة والأستفادة وتحاشي المخاطر وعدم الوقوع في المنزلاقات المدمرة، والتي لن ينتصر فيها طرف على أخر.
دعونا نتعلم من الحياة نفسها، فالشقيق ينحاز لشقيقه، ولكن بعد توفير متطلبات الحياة والكرامة والعيش الكريم لزوجته وأولاده وهذا يعني أن الأولوية وفق قوانين الحياة للعائلة الخاصة الضيقة ( الزوجة والأولاد ) ومنها تتسع الدائرة لتشمل بعدها الأشقاء والعائلة الأوسع والعشيرة والمنطقة، ولهذا يجب أن ننظر للشراكة ونتعامل معها، بإعتبارها لا تلغي الذات والخصوصية والأحتياجات الفردية، والعُقال هم أولئك الذين يتفهمونها، والمجانين هم الذين يتصيدون تجاوزاتها وعثراتها.
بلدنا بخير وشعبنا كذلك، ولنتعظ بالكلمة والموقف وحسن الأداء والختام.