حتى لا تتحمل "فتح" وزر الفوضى...!!!
"نعم" كبيرة للاحتجاجات والاعتصامات الفردية أو الجماعية أو الجماهيرية، ونعم لرفع اللافتات والشعارات التي تؤكد على المطالب الشعبية بإيجاد حلول لموجات الغلاء المتتالية.. وأن تتحمل الحكومة مسؤولياتها في هذا المجال. هذا يكفله القانون ولا مجال لأي كان للوقوف أمامه. وعلى هذا الأساس لا أتفق كثيراً مع لغة الأرقام والإحصاءات الرسمية التي تقول إن معظم الأسعار قد انخفضت لأن واقع الحال على الأرض عكس ذلك.. وحتى إن انخفضت الأسعار العالمية المتعارف عليها عندنا تبقى الأسعار كما هي أو تزيد...
الأسعار ارتفعت بل أصبحت "نار" ابتداءً من أسعار الخضار ولمن لا يذهب إلى التسوّق أو هناك مرافق يتسوّق بدلاً منه نقول: سعر كيلو البندورة 6ـ8 شواكل وسعر رغيف الخبز يقارب الشيكل، واللحوم الحمراء الجيدة ما يقارب 80 شيكلاً للكيلو، والأسماك البحرية الطازجة بمعدل لا يقل عن 70 شيكلاً للكيلو، والسكر 5 شواكل للكيلو، والبنزين ما يقارب 8 شواكل للتر، والغاز يصل البيت بما يزيد على 80 شيكلاً للاسطوانة وزن 12 كيلو إن ظلّت 12 كيلو، لأنه لا رقيب إلاّ ذمة المحطة التي تقوم بالتعبئة.. ولا تنسوا أن أسعار الكهرباء هي الأغلى عالمياً والاتصالات كذلك، والمياه شبه مقطوعة في كثير من الأحيان، والبديل الصهاريج التي تصل تكلفة الكوب إلى 50 شيكلاً أو أكثر. رسوم التعليم المدرسي أو الجامعي في ارتفاع مستمر.. باستثناء المدارس الحكومية التي أصبح فيها مستوى التعليم لا يسر صديقاً ولا يغيظ عدواً.. وسعر الأدوية حدّث ولا حرج. إذن هناك غلاء ..وهناك فرق شاسع بين مستوى الرواتب والقدرة على العيش الكريم..
حتى أصبح المواطن يبحث عن وظيفتين أو ثلاث كي يتمكن من العيش فوق خط الفقر؟! هذا إن وجد وظيفة، في ظل أكثر من 100 ألف خريج لا يجدون عملاً لهم.. !! كل ما سبق يؤكد حق المواطن في رفع صوته والاحتجاج، وفي حق الأحزاب والقوى والمنظمات الأهلية التي تعيش على التمويل الخارجي أن تعترض وتحتج وتطالب بإسقاط الحكومة، وبدفع الرواتب وخلق الوظائف للمتعطلين وتوسيع شبكة الحماية الاجتماعية للفقراء والمحتاجين. حتى نكون صادقين وواقعيين نقول: إن من أطلق شرارة الاحتجاجات هم كوادر حركة "فتح".. في رام الله وعلى مفترقات الشوارع الرئيسة.. وفي باقي مدن الضفة الصوت الأعلى والمؤثر هو صوت "فتح".. وهذا أمر ليس غريباً، بل ربما هو المطلوب ضمن حدود مفهوم الحركة على أنها الرافعة الحقيقية لمطالب الجمهور، وهي غير متماهية مع السلطة، كما يحاول البعض دائماً خلق صورة نمطية بأن "فتح" هي السلطة؟! لا شكّ في أن كوادر الحركة يشعرون بآلام وأوجاع هذا الشعب، ويحاولون الاستيقاظ من سباتهم الشتوي الذي طال.. ولكن هناك صورة أخرى قاتمة.
على قيادة "فتح" وكوادرها رفض كل مظاهر الفوضى التي صاحبت الاعتصامات والمسيرات.. حتى لا تكون الحركة كمن أشعل ناراً لحرق الأعشاب الضارّة حول منزله فاشتعلت النار في المنزل كله. وبناء عليه، لا يمكن تفسير سلوك سائق سيارة أجرة يغلق شارعاً رئيساً في وسط رام الله، ويقول: إنه ينفذ ذلك باسم "فتح" ولا يُعقل أن تعرقل حركة المرور باسم الحركة في كثير من الشوارع الرئيسة. لا يُعقل أن تُلقى الحجارة أو الزجاجات الحارقة على مؤسسات عامة أو سيارات حكومية من مندسين باسم الحركة وان تحرق سيارات إسعاف كما قيل في إحدى المدن، ولا أن تصدر بيانات من كل صوب باسم الحركة.. خلال الأسبوع الماضي وصلني 3 بيانات موقعة بأسماء تحمل اسم "فتح".. ونحن لا نعرف سوى قيادة واحدة منتخبة للحركة هي اللجنة المركزية، ومن ثم المجلس الثوري، والقيادات القاعدية.. فلماذا لا تسمى الأشياء باسمها إذا كانت هذه البيانات صادرة عن الحركة الرائدة. دون ذلك يعني الفوضى أو محاولة تأسيس لفوضى من خلال استغلال قضية جماهيرية عادلة مطالبها مشروعة، اي دسّ السمّ بالدسم.
قيادة "فتح" مطالبة اليوم بالتأكيد على تزعمها للمطالب والحراك الشعبي ضمن حدود المحافظة على المنجزات الوطنية وضمن حدود التأكيد على الأمن الفردي والمجتمعي والضرب بيدٍ من حديد على كل المحاولات المشبوهة التي تستخدم اسم الحركة في جرّنا جميعاً إلى "مربع الفوضى". نعم لتشكيل رأي عام كاسح تقوده "فتح" وما يعيد للحركة وزنها الحقيقي النضالي والاجتماعي والثقافي والسياسي والمقاوم.. و"لا" كبيرة لمحاولات إعادتنا للفوضى باسم قضايا جماهيرية مقدسة...على قيادة الحركة التحرك وعلى الكوادر الانتباه بحذر حتى لا نهدم المعبد على رؤوسنا؟!.