بيع يا خضر عدنان

بقلم: 

لعل القارئ يتفاجأ من هذا العنوان الذي يعبر عن الخذلان والهزيمة والتخاذل والانحطاط واليأس والشؤم وكل العبارات والكلمات المعبرة عن الانهزامية في زمن التراجع، وليس الانتصارات كما يعول البعض. فقد اتخذت عنوان مقالتي هذه على غرار الوسم "الهاشتاق" الذي انتشر في الأسبوع الأخير على صفحات التواصل الاجتماعي "بيع يا جبريل"..!

البعض يستغرب من أن نقارن رجلاً مناضلاً ثورياً شريفاً فارساً مقداماً ولو جمّعنا صفات له على مداد البحار والسماوات والأرض لم تنته كلماتنا أمام عظمة شيخنا "خضر عدنان"، برجل لا أريد الحديث عنه كثيراً لربما أشعر بالاشمئزاز حين الكتابة عنه كـ"جبريل الرجوب"، كيف لا يكون ذلك وهو أحد أيدي محمود عباس النجسة.

ليس هناك تشابه بين هذين الرجلين، فرجل كخضر رفع شعار النصر خفاقاً وحيداً في معركة ضد السجّان، بل ضد دولة الكيان الإسرائيلي المعروف عنه بالدولة التي لا تقهر، وقهرها مراراً وتكراراً حينما رضخت مصلحة إدارة السجون لمطالبه بعد امتناعه عن الطعام لمدة 66 يوماً في العام 2011.

واليوم يدخل الشيخ خضر شهره الأول في معركته هذه التي أقسم بها أن لا يبيع كرامته من أجل شهوة طعام، ليس كما البائعين الآخرين الذين غرروا بشعبهم بأنهم في معركة دولية وبحاجة إلى دعوات ومساندة قوية على مختلف المحافل الدولية، لنتفاجأ بسحب القرار، بل والأدهى من ذلك بعد سحب القرار كيف رأينا السلام والمحاضنة الحارة بينه وبين قادة العدو، وكأن شيئا لم يكن!!

ماذا لو علم خضر عدنان داخل زنزانته وهو ممدا على سريره وبحالته الصحية التي تزداد سوءاً يوماً بعد يوم هذه الأنباء المخزية المحزنة من سلطة رام الله، التي تعودنا عليها الخذلان والهزيمة والانجرار خلف الاحتلال الإسرائيلي، الذي طالما كانت وسيلة من وسائله لمقايضة الشعب الفلسطيني بالمواقف المخزية.

هل سيبيع خضر كما باع جبريل ويقول "ليس هناك من يستحق الدفاع عنه إذا كانت قيادتنا الفلسطينية منهزمة في كل حالاتها؟" أم أنه سيواصل إضرابه ويبيع معدته من أجل كرامة شعبه المغلوب على أمره؟

هل سيوقف خضر إضرابه عن الطعام ويقول ليس هناك شريفاً في وطني ساند قضيتي العادلة، ورفع شعارات باسمي لكي تقوى عزيمتي في معركتي، حيث أنا وحيد بلا طعام ولا ماء ولا هواء وكأنني ميت من أجل أن يحيا هذا البلد؟

هل سيقول خضر لماذا أنا الوحيد في وطني رجلاً، والجميع أشباه رجال، أنا أدافع عن قضية فلسطين أجمع وهناك فلسطينيون يعتقلون المقاومين بالضفة الغربية وينزعون السلاح بها، بل ويجتثون المقاومة من جذورها ناهيك عن تنسيقهم الأمني الذي هلك فلسطينيتنا؟

هل سيعي خضر يوماً على أن ما يفعله في إضرابه وحيداً صحيحاً، أم أنه ستراوده أفكار كثيرة بأن هناك متخاذلين كذابين منافقين، كل منهم يهتم بمصالحه الخاصة ومصالح حزبه فقط، دون النظر إلى أبناء شعبهم؟ وهذا ما يحصل بالفعل بين حماس وفتح بالانقسام البغيض الذي جر قطاع غزة لويلات تلو الويلات، والنتيجة كما نراها.!

ربما هذه الأسئلة حاضرة في فكر وذهن الشيخ خضر عدنان، وربما لبرهة تكون أسئلة عابرة وهو ممدد على فراش موته الذي ينتظره من أجل أن يحيي أمة كاملة ماتت بالأصل، لكن للأسف كل هذه الأسئلة التي طرحناها سابقاً ليست من مكارم الشيخ عدنان الذي عُرف بصلابته، بل ولن تراوده مثل هذه الأفكار والأسئلة البتة، فنحن عرفناه منذ حقبة بالشيخ الفولاذي الذي يبيع روحه من أجل كرامته وشعبه.

نعم.. استمر يا خضر عدنان في هذه المعركة حتى وإن كنت وحيداً.. فحتماً أنت علم من أعلام بلادي التي سترفرف خفاقة يوماً فوق قبة الصخرة، وبيع يا خضر حريتك وروحك ومت حتى نعيش كراماً، فأنت ترى أنه لم يبق لنا سوى كرامتنا التي يبيعها عباس وأذنابه شيئاً فشيئاً.

هنا الفرق أخي القارئ ما بين أن يبيع شخص حريته ونفسه وروحه وحياته وكل ما يملك، وهي أغلى شيء على الإنسان، من أجل أن يحيا ملايين الناس من أبناء وطنه كما فعل هذا الشيخ الصنديد "خضر عدنان"، وأن يبيع آخر قضيته ووطنه من أجل قبلة أو حضن من عدو كما يفعل وفعل عباس والرجوب وعريقات وغيرهم..