الجنود المخطوفون.. إلى أين ينتهي النفق؟

بقلم: 

تعالت تكبيرات المواطنين منتصف ليل إحدى أيام الحرب الأخيرة على قطاع غزة، وبدأت مآذن المساجد تصدح بأعلى الأصوات، فرحا وابتهاجا بخطف كتائب القسام لجندي إسرائيلي في حي التفاح، بعد أن أعلن الرجل العسكري صاحب الكوفية "أبو عبيدة" الناطق الرسمي باسم القسام عن هذا الحدث الكبير.

"خطف الجنود" المعادلة الأقوى التي كانت المقاومة تبذل لأجلها كل جهود التخطيط والتكتيك، فالتجارب السابقة أثبت نجاعة هذه المعادلة خصوصاً بعد خطف الجندي " جلعاد شاليط"، والخروج بصفقة أفرج من خلالها عن أكثر من ألف أسير فلسطيني من السجون الإسرائيلية.

وأسرت المقاومة الفلسطينية الجندي "شاليط" في 25 يونيو 2006 في عملية عسكرية نوعية أطلق عليها "الوهم المتبدد"، فيما أفرجت عنه عام 2011 بوساطة مصرية، مقابل 1027 أسيراً فلسطينياً، حيث تعد الصفقة من أضخم عمليات تبادل الأسرى العربية (الإسرائيلية).

وتعرض قطاع غزة في السابع من يوليو/تموز الماضي لعملية عسكرية إسرائيلية كبيرة استمرت لمدة 51 يوماً، وذلك بشن آلاف الغارات الجوية والبرية والبحرية عليه، وفي خضم العملية، أعلنت كتائب القسام، الجناح المسلح لحركة "حماس"، أنها أسرت الجندي الإسرائيلي "شاؤول آرون" خلال تصديها لتوغل بري للجيش الإسرائيلي شرق مدينة غزة. وبعد يومين، اعترف الجيش الإسرائيلي بفقدان آرون، لكنه رجح مقتله في المعارك مع مقاتلي "حماس".

لا معلومات بالمجان

تصريحات كثيرة خرج بها قادة حركة حماس مؤخراً عن اقتراب تحرير الأسرى من سجون الاحتلال، إلا أنها لا تزال تلتزم الصمت إزاء قضية الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى كتائب القسام، فلا أحد يعرف مصيرهم أو عددهم، ويكتفي الإعلام بتخمينات تصدر من هنا وهناك، وتوقعات وتساؤلات لم تجب عليها الجهة صاحبة الكلمة الفصل.

رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل كشف أن "إسرائيل" طلبت من حركته، عبر وسيط أوروبي، الإفراج عن جنديين وجثتين لديها منذ معارك الحرب العدوانية التي شنتها "إسرائيل" على قطاع غزة صيف العام الماضي.

ولأن حماس تتبع قاعدة "لا معلومات بالمجان"، أفاد مشعل أن الحركة امتنعت عن تقديم أي رد على هذا الموضوع، وأبلغت الوسيط إنها لن تبدأ أي شكل من التفاوض في شأن ما لديها من أسرى إسرائيليين، وبشأن عددهم وأحوالهم، موتى أو أحياء، أو تقديم أي معلومة في هذا الخصوص، قبل أن تفرج "إسرائيل" عن أسرى فلسطينيين تحتجزهم، بعد أن تم الإفراج عنهم بموجب صفقة التبادل مع الجندي الذي احتجزته حماس سنوات، جلعاد شاليط.

ويضاف إلى قضية الجنود الإسرائيليين أيضاً، وجود حلقة أخرى مفقودة؛ وهي شريط لعملية بثها القسام بعد العدوان لعملية أطلقت عليها "ناحل عوز"، أظهرت ضرب جندي إسرائيلي بأعقاب البنادق وعدم قتله فوراً كما الأمر مع باقي زملائه في الموقع العسكري، حتى بات الجميع ينتظر بث "تكملة" لما تم نشره.

إسرائيل تعترف

الغريب في هذا الأمر ولأول مرة يعترف الجيش الإسرائيلي بأسر عدد من جنوده في غزة، ليقول وزير الحرب "موشيه يعالون": إن إسرائيل ملتزمة بإعادة الجنود المفقودين في قطاع غزة".

وعلى مدار عام كامل، أصر قادة الاحتلال ومن بينهم يعالون ،أن الجنود المفقودين هم في عداد القتلى، لكن لغة خطابه اختلفت خلال كلمة لإحياء ذكرى العملية العسكرية "الجرف الصامد" بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقيادات سياسية وعسكرية.

وأضاف يعلون في خطابه "إسرائيل ستعمل على إعادة الجنود المفقودين .. نحن نعمل بلا هوادة ودون كلل لضمان عودتهم".

وتتهم إسرائيل "حماس" باحتجاز جثة الضابط "هدار جولدن" الذي يعتقد الاحتلال أنه قُتل في اشتباك مسلح شرقي مدينة رفح، يوم 1 أغسطس/آب الماضي، وهو ما لم تؤكده الحركة أو تنفِه، في حين رجحت تقارير إسرائيلية أن يكون هدار حياً هو الآخر.

تطورات عديدة

المتابع للشأن الإسرائيلي، وديع أبو نصار يرى أن هناك عدة تطورات حدثت من قبل المقاومة الفلسطينية خلال الحرب الأخيرة على غزة، منها خطف الجنود والصواريخ التي وصلت مطار "بنغريون"، ومحاولات العبور إلى الجانب الإسرائيلي سواء عبر البحر أو البر بالإضافة إلى الطائرات التي أطلقتها كتائب القسام تجاه الأجواء الإسرائيلية.

ولأن خطف الجنود خيار الفلسطينيين والطريقة الأنجع لتحرير الأسرى من سجون الاحتلال، فقد كان لها تأثير كبير في عملية "الجرف الصامد" على جيش الاحتلال الإسرائيلي، ليؤكد أبو نصار لـ"شمس نيوز" أن إسرائيل ستدفع الثمن بعمليات خطف جنودها.

ويقول: طالما لم تستطع إسرائيل أن تحرر جنودها خلال المعركة، فستضطر عاجلاً أم آجلاً إلى دفع ثمن معين، وهو أمر محرج لها عالمياً ومحلياً"، لافتاً إلى أن أغلب التصريحات التي تخرج في هذا السياق جزء من المناورات التي تأتي في سياق المفاوضات غير المباشرة من أجل التوصل إلى صفقة.

وكان القيادي في حماس، حسن يوسف الذي أُفرج عنه الاحتلال قبل أيام أشار لـ"شمس نيوز" في حديث سابق، إلى أن الأسرى علقوا آمالهم بعد الإعلان عن اختطاف الجنود الإسرائيليين، منوهاً في الوقت ذاته إلى الفرحة العارمة التي عصفت بهم لحظة اختطاف الجنود العام الماضي.

الجدير بالذكر، أن قائد الكتيبة 101 في لواء المظليين "أفينوعام أموناه" قد اعترف خلال الحرب الأخيرة التي خاضها الجيش الصهيوني في قطاع غزة بأسر جندي اسمه "ميكي أرون" شرق خان يونس، ولم تذكر إسرائيل تفاصيل حول مصيره.