وديعة محاكمة وتعويض

بقلم: 

المسئولين عن إدارة البلاد والعباد في فلسطين (الضفة الغربية المحافظات الشمالية وقطاع غزة المحافظات الجنوبية والمهجر) في الفترة من 14/6/2007، وحتى تاريخه أهملوا حياة الناس وأضروا بالقضية الوطنية والشأن العام والمصالح العامة والمال العام واقتسموا وقسموا البلاد وتحكموا في العباد والمقدرات والخدمات دون رقابة تشريعية بعد تعطل المجلس التشريعي بسبب اختلافهم وإدارة الظهر لمطالب الجمهور وحقه في إجراء الانتخابات المستحقة بتواريخها المتقادمة عن عمد. وعرّضوا الشعب في الضفة الغربية وقطاع غزة لويلات الحروب وقتل المنتفضين والقمع السياسي واستهتروا بحياة الناس ومصالحهم وحركتهم وسفرهم وأعمالهم وتجارتهم وتقاسموا وظائف الوطن لمصالحهم ومصالح أحزابهم وخاصتهم وذويهم ومقربيهم واحتكروا التجارة والاستثمار والمشاريع والشركات والمؤسسات وأربكوا حياة السكان الفلسطينيين وأضعفوا مواقفهم تجاه قضيتهم الوطنية بإشغالهم في خلافاتهم الفئوية والحزبية ومصالحهم الخاصة وتقاعسوا عن التنفيذ والتشريع والقضاء النزيه، ومن جرّاء كل ذلك تعرض كثير من الفلسطينيين بطريقة مباشرة وغير مباشرة للضرر وعانوا كثيرا من الإهمال نتيجة الخلاف المستعصي بين الحكام والمسئولين الذين تقلدوا مناصب قيادية ومراكز قرار ومسئولية تنفيذية وتشريعية وقضائية.

ولأن الشعب الفلسطيني لم يستطع حتى الآن الوقوف في وجههم نتيجة لظروف جمة خارجة عن إرادته وتفوق بكثير إمكانياته في الوقوف في وجههم لانتزاع حقوقه الطبيعية المقرة شرعا والمتفق عليها في وثائق وقوانين وتشريعات البشرية الخاصة بحقوق الإنسان التي اتفق عليها العالم عبر تجربته الإنسانية لتنظيم حياة الناس في بلادهم وعلاقات البشر والدول والجماعات ببعضها البعض ومنها المنظمات الدولية كالأمم المتحدة وغيرها  ولعل أول المعيقات هو الاحتلال وحصاره وتحكمه وسيطرته على كل مناحي الحياة والجغرافيا والطرق والمعابر والحركة، وثانيها هو مساهمة هؤلاء المسئولين الفلسطينيين في إرباك حياة الشعب وقمعه وردعه وإرهابه بالقوة الغاشمة والاعتقال والإهانة الحاطة بكرامته لمصالح حزبية وفئوية وذاتية.

وأصبح شعبنا غير قادر في الوقت الراهن ومنذ ثماني سنوات من الخلاص من هذه الحالة الظالمة والمتحكمة بحياته وصونا للحقوق ورفعا للضرر  وواجبا للتعويض عما لحق الناس من ضيم إما متعمدا أو نتيجة إهمال أو نتيجة خلافات المسئولية والمسئولين عن حياة الناس في هذه البلاد، فإن المسئولية عن الأضرار الشخصية والعامة يتحمل المسئولية الداخلية عنها كل المسئولين منذ الانقسام، وكل حسب تدرج مسئولياته.

ولأن الظرف غير مواتي لاسترجاع الحقوق ورفع الظلم الآن فإننا نودع هذه الوثيقة لأي طرف عربي أو أممي أمين على الحق حتى تتهيأ الظروف لاستعادة الحقوق وتعويض الناس عن الأضرار المباشرة وغير المباشرة.

1-      هذه الوثيقة من الآن ولمدة شهر من تاريخ نشرها  هي وثيقة ضاغطة على المنقسمين للتصالح وتحديد موعد إجراء الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني لأنها مطالب الشعب كله.

2-      إذا لم يستجب الطرفان المعطلان خلال شهر للمصالحة وإجراء الانتخابات  يبدأ العمل على خطوات اتمام بنود هذه  الوثيقة لتصبح وديعة  لحفظها عند طرف عربي كالجامعة العربية أو دولي كالأمم المتحدة للعمل عليها في الوقت المناسب وعند استقرار الحكم في فلسطين تقدم للنائب العام للبدء في إجراءات محاكمة المسئولين عن هذه الفترة الزمنية وتعويض المتضررين من الشعب الفلسطيني بعد مصادرة أموالهم وذويهم الذين استفادوا من هذه الفترة بسبب نفوذهم وتحكمهم في مقدرات البلاد ولا تسقط حقوق المتضررين بالتقادم أو وفاة المسئولين والمسئولية ممتدة لكل ما جنوه من أموال وممتلكات في فترات مسئولياتهم.

3-      المسئولية تقع وبالتدريج وحسب الكسب وكذلك الإهمال المتعمد والتقاعس في القيام بالمسئوليات عن خدمة الشعب ومصالحه على كل مسئول معين أو منتخب وحسب موقعه بدءا من الرئيس ورؤساء الاحزاب والحركات وقياداتها المشاركة في المسئولية أو اهمال الدور المناط بها كما وضعت نفسها في برامجها والوزراء وقادة الاجهزة الأمنية وأعضاء المجلس التشريعي واللجنة التنفيذية والمجلس الوطني والسفراء والكاسبين من الوضع المحدد من تاريخ الانقسام مثل المنظمات غير الحكومية التي أهدرت المساعدات في غير محلها ومركزت المال بالنهب أو الاختلاس في حسابات مسئوليها أو أحزابها بغير حق وكل من أثرى في تلك الفترة بسبب تعطل التشريع والرقابة والاحتكار من التجار وأصحاب رؤوس المال.

4-      أدعو كل الجهات الحقوقية والمتخصصة بالمشاركة في بلورة الفكرة وتطوريها إذا دعت الضرورة للاتفاق على طريقة وآلية مشتركة لوضع خطة للاستقصاء وجمع بيانات كل فلسطيني تضرر بسبب ادارة البلاد وحكامها ومسئوليها في الضفة الغربية وقطاع غزة والمهجر وجمع الوثائق الخاصة بالأضرار لتعويض الجمهور في حينه وتبني الشفافية والنزاهة حتى لا تحاكموا  بعد ذلك بالإهمال أو التحيز أو الفساد أيضا.

5-        الأضرار الواقعة على الفلسطينيين نتيجة ادارة البلاد بعد الانقسام  تبدأ من الشأن المعنوي وتمتد للشأن المادي وإعاقة السفر والحركة وضياع المهن ومنع العمل المشروع ومصادرة الحقوق بالقوة أو التدليس والتحايل او الاعتقال والتعذيب وتكدس البطالة والخريجين وإهمال الخدمات ومضاعفاتها على الصحة العامة والخاصة وفقدان الحياة والتسبب في الإعاقات وضياع الحقوق أو الحرمان من الوظيفة العامة وغيرها يمكن رصدها في خطة الجهات الحقوقية التي تتبلور للاستقصاء بين المواطنين عن الأضرار التي لحقت بهم جراء الاهمال أو التعمد في الضرر والمنع والردع والارعاب.

6-      لكي لا يقال أن المسئولية فقط على الاحتلال فإنني أؤكد أن الاحتلال هو المسئول الأول والرئيسي عما يحدث لنا ولكن هناك مسئوليات واضحة عن الاهمال والتقاعس ومصادرة الحقوق والتجاوز عليها والتكسب من الوظائف العامة العليا والدنيا والنفوذ أضرت بالشعب الفلسطيني وعلى رأسها الانقسام والصراع على السلطة في الحالة الراهنة من المسئولين والحكام الفلسطينيين وإن المتصدي الأول لانتهاكات الاحتلال هم السلطة والأحزاب والمسئولين ومنظمات المجتمع المدني والمواطن لمقاضاة الاحتلال.

في نهاية هذه الوديعة أتمنى أن نرتقي جميعا للمسئولية الوطنية التاريخية والإنسانية عن شعبنا وعلى الجميع أن يتحلوا بالمسئولية والايجابية في محاولة العمل للضغط بكل الطرق على المنقسمين لإنهاء الانقسام وتحديد موعد لإجراء الانتخابات ليخرج شعبنا من محنته ويرفع الظلم الواقع على السواد الأعظم من شعبنا نتيجة للحالة المزرية التي وصلنا لها أو أوصلنا المنقسمون إليها ولكي يعم العدل الاجتماعي ويرفع الظلم والمعاناة عن الناس ويصبح الفلسطيني حرا في حركته وحرا في التعبير عن رأيه دون خوف من الاستبداد والقمع ويتحلص من الحرمان من حقوقه المدنية والسياسية والاقتصادية  ليجد الجميع الوقت والفرصة للعمل على انهاء الاحتلال موحدين  ولا يجوز الاستسلام للواقع الأليم والضار الذي يلف شعبنا وقضيته إلى الأبد.