ضد حلف اليهود

بقلم: 

لا يخفي الرئيس الأمريكي الحالي تحالفه مع اليهود، وهو يقدم عن طيب خاطر صفوة التكنولوجيا الأمريكية لدولتهم، ويمدهم بالمال والسلاح الذي فاض بعدائه عن حدود دولتهم، ويوفر لهم الدعم السياسي في كل المحافل الدولية، ولم يقصر معهم في أي مجال كان، ومع ذلك، فالمرشحان المتنافسان على الرئاسة الأمريكية عن كلا الحزبين يتسابقان في التقرب من اليهود بشكل وضيع، ويدينان الرئيس الأمريكي الحالي، ويدعيان أنه كان بمقدوره أن يساعد إسرائيل أكثر، وأن يكون أكثر وداً وترققاً في تعامله مع رئيس الوزراء الإسرائيلي.

ترى؛ ماذا يتوقع العرب والفلسطينيون من هذين المرشحين الخانعين مسبقاً لإرادة اليهود، والمخلصين جداً لدولة إسرائيل؟ وما المستقبل المنظور للأمة العربية والإسلامية؟ وما المصير المظلم الذي ينتظر القضية الفلسطينية، والشعب الفلسطيني بشكل عام؟ ولاسيما أن كلا المرشحين المتنافسين يؤكدان على الحقائق التالية:

1-         يجب أن تكون العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل قوية أكثر مما هي عليه الآن.

2-         على أمريكا وإسرائيل القضاء على الأعداء المشتركين، وتعزيز القيم المشتركة.

3-         أمن إسرائيل مقدس، وهو غير قابل للتفاوض.

4-         حزب الله تنظيم إرهابي، وكل حركات المقاومة الفلسطينية تنظيمات إرهابية.

5-         كل اتفاق مع الفلسطينيين عليه أن يتضمّن اعترافا صريحا بإسرائيل كدولة يهودية.

6-         القدس "أورشليم" هي "العاصمة الأبدية لإسرائيل".

7-         لا يمكن فرض أي حلول سياسية لا ترضى عنها إسرائيل، والدعم المطلق لإسرائيل في أروقة الأمم المتحدة

8-         على الفلسطينيين وقف التحريض ضد إسرائيل فوراً

9-         لا مكان في الدول المتحضرة لمعادة السامية، وعلى البلطجة التي تثيرها حركة الـ BDS المؤيدة للفلسطينيين أن تتوقف فوراً

10-       كلاهما يؤكد على زيارته لنتانياهو فور إعلان فوزه في الانتخابات.

إن المدقق في مضمون التصريحات للمتنافسين على مقعد الرئاسة الأمريكية ليكتشف أنهما متفقان على تلبية كل أطماع لليهود، ومتفقان على احتقار كل تطلعات العرب، وأن لا فرق في السياسية الدولية تجاه القضية الفلسطينية بين جمهوري وديمقراطي، وأن الضياع ينتظر كل سياسي وضع بيض قضيته أو وطنه في سلة السياسة الأمريكية.

وهنا قد يقول بعض العرب المخادعين: إن ما يتلفظ به المرشحان أثناء التنافس على الرئاسة يختلف كلياً عما يمارسانه أثناء الحكم، وهذا كلام غير صحيح، فالتجربة مع الرؤساء الأمريكيين، ومع السياسة الأمريكية بشكل عام تؤكد أنها لم تخرج أبداً من القيود اليهودية، ولم تتجاوز مصالح إسرائيل، ولم يجرؤ رئيس أمريكي على لي ذراع إسرائيل، وقد دللت التجارب على أن أولئك السياسيين العرب الذي دعوا إلى ضرورة مصادقة أمريكا، وتحقيق مصالحها في المنطقة بهدف قطع الطريق على العلاقة الحميمة بينها وبين إسرائيل، لقد دللت النتائج أن أولئك الساسة كانوا أمريكيين أكثر من أمريكا، وهم الذين جرفوا المنطقة العربية إلى مزيد من الانصياع للتعليمات الأمريكية منذ مطلع السبعينات من القرن الماضي وحتى يومنا هذا، وهؤلاء هم العمود الفقري لحلف اليهود، وهم أعداء الشعوب العربية الباحثة عن الكرامة والحرية.

فيكف نواجه نحن العرب والمسلمين حلف اليهود، الذي يقبض على عنق أمريكا، ويسخر كل مواردها لخدمة المخططات الصهيونية؟ وكيف نخرج نحن الشعب الفلسطيني بأقل الخسائر من هذا المأزق الذي هوت إليه القضية الفلسطينية بفعل السياسة الخاطئة، والتقديرات الفردية، والرؤية القاصرة؟ كيف ننقذ نحن الفلسطينيين ما يمكن إنقاذه من الأرض والوطن والوطنية والشعب، بعد أن غرقنا سنوات طويلة في وحل الوثوق بالوعود الأمريكية والدولية، وبعد سنوات التعلق على حبال الوهم بإمكانية الوصول إلى دولة يحرص اليهود على عدم قيامها؟.

على التنظيمات الوطنية والإسلامية في الساحة الفلسطينية أن تأخذ زمام المبادرة، وأن تدعو إلى وحدة الصف خلف استراتيجية عمل جديدة، تغاير كلياً النهج الذي سارت عليه القيادة الفلسطينية عشرات السنين، استراتيجية عمل تأخذ بعين الاعتبار المتغيرات الإقليمية، والواقع البائس الذي وصلنا إليه، ولتكن الخطوة الأولى هي الدعوة إلى عقد لقاء عاجل يضم القوى الوطنية والإسلامية الرافضة للخنوع والاستسلام، ليصير التوافق على ميثاق شرف وطني، يعبد الدرب لتحالف وطني وقومي وإسلامي أوسع، تحت مسمى "ضد حلف اليهود"، تحالف إنساني يدرك مسئولياته، ويطلع بواجباته، ويشق الطريق لقيادة المرحلة التي تنتظر المبادرين.