يا كوادر حركة فتح، إلى متى؟

بقلم: 

لا يتشكك بانتمائكم للوطن فلسطين عاقل، ولا يظن السوء بصدق عطائك إلا جاهل، وأشهد بالله العظيم أن فيكم الرجال الأشداء، وفيكم النخوة والوفاء، وفيكم الشهامة والكبرياء، ولديكم الطاقة والقدرة على تحريك الشباب الفلسطيني في ميادين المواجهة بالشكل الذي سيذهل عدوكم الإسرائيلي، ويقلب الطاولة على رأس من زعم أن شعبنا عاجزٌ وخوارٌ.

           يا شرفاء حركة فتح، يعرف الجميع بأنكم غاضبون من الوضع البائس الذي وصلت إليه قضيتنا، وحانقون من حالة التمزق التي أوصلنا إليها عباس، ويعرف الجميع أن في قرارة نفوسكم نفور وتمرد وثبور من آلية اتخاذ القرار السياسي الفلسطيني، والذي صار مقيداً بإرادة شخص، تمكن من اختزال كل تاريخ الثورة الفلسطينية وشهدائها بأوهامه العبثية، التي كشف عنها في لقائه مع الصحفية الإسرائيلية ايلانه ديان للقناة الإسرائيلية الثانية، والتي قال فيها للإسرائيليين:

1-         أعطوني مسئوليتي، وجربوني أسبوع، جربوني، وانسحبوا من منطقة (ا) لا تجتاحونها، وإذا لم أنجح، تعالوا، واحتلوها ثانية.

فيا رجال فتح، هل شعرتم بالعار من استخدام محمود عباس للفظة (جربوني)؟ ومن الذي يعرض نفسه للتجربة؟ وهل تقبلون على قضيتكم السياسية أن تكون تحت التجريب؟ أي رخص هذا؟ وأي استخذاء واستجداء؟

2-         ليقل نتانياهو: إنه يريد أخذ السلطة من أبو مازن، وأنا سأضرب له التحية. ويضيف: أقول لنتانياهو: إذا  ما بدك تعاون أمني معي، تعال، وخذ السلطة.

فأي كلام تقبلون يا رجال حركة فتح من محمود عباس، وهو الذي قال في بيت لحم بتاريخ 6/1 : إن السلطة الفلسطينية باقية ولا يوجد أي سيناريو لحلها، وإنها إنجازُ وطنيُ من إنجازاتنا ولا يمكن أن نتخلى عنها؟ فأي محمود عباس تصدقون؟

3-         يجب ان يكون بيننا تعاون أمني، ولكن الاسرائيليين يقولون في كل ليلة: لدينا معلومات ساخنة، ويجتاحون المدن، فماذا تريد يا نتانياهو ؟ هل تريدني عميل عندك ومستأجر؟

وهنا السؤال لكوادر حركة فتح: بماذا تصفون من يقول للإسرائيليين: (جربوني)؟!

4-         صار لي عشر سنوات في الحكم، وأنا أمد يدي للسلام، فلماذا تتهمونني بالتحريض على العنف، وأنا في سياستي ضد العنف، وضد الإرهاب، وضد القتل".

5-         نحن لم نفقد إنسانيتنا، لا نحن ولا الإسرائيليون!! وأضاف: الشعب الفلسطيني يريد السلام، والشعب الإسرائيلي يريد السلام.

فهل حقاً لم يفقد الإسرائيليون إنسانيتهم؟ وماذا عن مئات الآلاف المستوطنين القتلة؟

6-         ويقول وعن جريمة إعدام الشاب الفلسطيني في مدينة الخليل: هذه عملية غير إنسانية إطلاقا، وأنا لا أريد أن أعمم مفهوم لا إنساني على جميع الإسرائيليين.

إن كلام محمود عباس هذا ينافي الحقيقة، التي أظهرها استطلاع للرأي أجرته قناة التلفزة الإسرائيلية الثانية، والذي أكد أن 68% من الإسرائيليين يؤيدون إقدام أحد جنود الاحتلال على إعدام الشاب الفلسطيني عبد الفتاح الشريف.

7-         أنا بدي تعاون أمني مع اسرائيل، ولا أخجل من ذلك، وعلى الجميع أن يحترمني من أجل ذلك، لأن البديل هو نقص الشعور بالأمن، وفقدان الأمل، ولكن حكومتكم لا تؤمن بالسلام، ولا بالأمن وتواصل الاستيطان.

والسؤال هنا: لماذا التعاون الأمني مع حكومة إرهابية كما وصفها عباس؟

8-         أنا مستعد للقاء نتانياهو في أي زمان وأي مكان، ولا أعطي تفاصيل، فهذه أسرار، وأنا أمدّ يدي لنتانياهو من اجل السلام.

فكيف يمد عباس يده للسلام مع نتانياهو الذي لا يؤمن بالسلام؟

9-         إن الجهاز الأمني لا يقف مكتوف اليدين إزاء موجة العنف.

فهل ما تشهده الضفة الغربية من انتفاضة هي موجة عنف؟ هل (الهبة الشعبية) كما تسمونها، وكما هتفتم لها، هي موجة عنف؟

يا رجال حركة فتح، يا عشاق فلسطين، إن الفاحشة السياسية والأمنية التي يتضمنها حديث محمود عباس لهي أكبر من احتوائها بالتدارك، ولهي أصعب من انتقادها بكلام أو مقال، وإنما الحل يكمن بالفعل الميداني، وأزعم أن كوادر حركة فتح هم الأحق في تقويم الاعوجاج، فأنتم أول الرصاص وأول الحجارة، فلماذا لا تكونوا أول التصحيح والتغيير، والتطهير والتنكيل بكل من استفرد بالقرار، وانحرف بالمسار عن خط القائد الرئيس أبو عمار.

الشعب في انتظار غضبتكم يا رجال فتح، احتراماً لتضحيات الشهداء وعلى رأسهم الشهيد أبو عمار، وتقديراً لعذابات الأسرى وعلى رأسهم القائد مروان البرغوثي، والأسير كريم يونس الذي مضى عليه أكثر من 34 عاماً خلف القضبان، ولا أمل بالتحرر إلا عن طريق صفقة تبادل أسرى، مع جنود إسرائيليين؛ وقعوا في أسر المقاومة الفلسطينية في غزة.

أما إذا كنتم راضين يا رجال حركة فتح، عن أحاديث محمود عباس السابقة، فمعنى ذلك أن حركة فتح نعيش كارثة وطنية، وتزحف وهي ترتجف باتجاه الهاوية السياسية، بعد أن أخلت الميدان للشباب الفلسطيني الذي أعلن بكل جرأة عن تأييده لطعن الجنود والمستوطنين بنسبة 87% وفق آخر استطلاع  للرأي أجراه مركز العالم العربي للبحوث والتنمية "أوراد".